رغم إستحالة إخراج إيران من سوريا إلا أنّ الأسد بإمكانه أن يكون شريكاً صامتاً في إتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وسوريا من خلال منع تهريب الأسلحة عبر سوريا الى حزب الله. وتشير عودة هوكشتاين الى بيروت بأجواء إيجابية، على حدّ تعبير نبيه بري، وأنّ الصفقة قد تبرم في غضون أيام وفق ما ورد في تقرير نشرته صحيفة هآرتس. وقد تناول التقرير نقاط الخلاف معقباً ومحللاً ما يتداول حول الإتفاق المحتمل، وأبرز ما جاء فيه :
- نقاط خلاف رئيسية: رغم التفاؤل، لا تزال هناك نقاط خلاف، أهمها:
الأولى،إصرار إسرائيل على حرية العمل العسكري في حال إنتهاك حزب الله للإتفاق. والثانية، على آلية تشكيل لجنة إشراف دولية. إضافة إلى مطالب لبنانية تتعلق بالسيادة، مثل حظر رحلات الإستطلاع الإسرائيلية، وأنّ يكون إنشاء اللجنة الإشرافية مقتصراً على ممثلين من لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا لا غير. ويبقى دور اليونيفل بموجب 1701
فضلاً عن : -منع إسرائيل من طلب إذن اللجنة الإشرافية باستهداف مواقع في لبنان أو العمل ضد الأنشطة على الأراضي اللبنانية، بما في ذلك إنتهاك للسيادة اللبنانية.
-عودة المواطنين النازحين فور سريان وقف إطلاق النار، وذلك لمنع إسرائيل من إقامة منطقة عازلة دفاعية في جنوب لبنان.
ومن نقاط الخلاف الإضافية إطلاق سراح السجناء اللبنانيين الذين احتجزتهم إسرائيل أثناء الصراع.
وأن يكون لبنان صاحب القرار بإعادة الإعمار بعد إنتهاء الصراع. ويشمل هذا ضمان عدم ممارسة إسرائيل لأي نفوذ على طبيعة جهود إعادة الإعمار أو مصادر التمويل. وهو أمر بالغ الأهمية لحزب الله فمن شأنه أن يسمح لإيران بضخ الأموال .
-دور سوريا الضمني: إنّ الاتفاق يتطلب شريكًا صامتًا، وهو بشار الأسد في سوريا، للحد من تهريب الأسلحة إلى حزب الله. وهذا يمثل نقطة إلتقاء مصالح محتملة بين الأسد والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
-أهمية الإتفاق لحزب الله وإيران: الإتفاق يخدم مصالح حزب الله وإيران، حيث يسمح لإيران بضخ الأموال كمساعدات لإعادة الإعمار، مما يعزز نفوذ حزب الله داخليًا.
وفي هذا السياق، من غير المرجّح أن تتضاءل المكانة السياسية لحزب الله وإيران في لبنان، باعتبارهما القوتان المهيمنتان القادرتان على تشكيل السياسة الوطنية.
- تحديات التنفيذ: رغم أهمية الإتفاق، إلا أنّ تنفيذه قد يواجه تحديات، خاصة فيما يتعلق بآلية الإشراف، كما أنّ الديناميكيات السياسية قد تطيل أمد المفاوضات.
-جوهر الإتفاق: بالرغم من توقيع الحكومة اللبنانية، فإنّ جوهر الإتفاق هو بين إسرائيل وحزب الله وإيران، ويهدف للحد من أنشطة حزب الله في جنوب لبنان وتسهيل عودة النازحين.
-تعزيز الجيش اللبناني: جزء من الإتفاق يتضمن زيادة التجنيد إلى حوالي 6000 جندي في صفوف الجيش، وزيادة تمويل المعدات والأسلحة، والإنتشار على الحدود، تماشياً مع القرارين 1701 و1559.
- شكوك حول قدرة الجيش اللبناني: يُشكك في قدرة الجيش على نزع سلاح حزب الله أو الحد من تهديده، وهي نقطة ضعف أساسية في الإتفاق.
- تحديات تهريب الأسلحة: قدرة الحكومة اللبنانية على منع حزب الله من تهريب الأسلحة، هي إختبار حقيقي للإتفاق ولقدرة الحكومة على إغلاق طرق إمداد حزب الله بالأسلحة سواء عن طريق البحر أو عن طريق البرّ عبر سوريا.
- موقف إسرائيل من تهريب الأسلحة: يُطرح تساؤل حول اعتبار تهريب الأسلحة خرقاً للإتفاق، ما يمنح إسرائيل ذريعة للتدخل عسكرياً في لبنان، وتهديد إستقرار الإتفاق وإنفاذه للخطر.
- دور روسيا: طلبت إسرائيل من روسيا منع نقل الأسلحة عبر سوريا، لكن روسيا رفضت، مؤكدةً أنّ مهمتها في سوريا هي مكافحة الإرهاب، وليس مراقبة نقل الأسلحة. وعلاوة على ذلك، فإنّ الموافقة على مثل هذا الطلب من شأنه أن يفرض على روسيا إقامة حواجز على الطرق والإشراف على المعابر الحدودية ، وهي تدابير تتطلب موافقة نظام الأسد.
- تصعيد إسرائيل لعملياتها في سوريا: وتزامناً مع المفاوضات وسّعت إسرائيل ضرباتها الجوية على مواقع متعددة في سوريا، بما في ذلك اللاذقية قرب قاعدة حميميم الروسية، مستهدفةً حزب الله ومنشآت أخرى.
-موقف الأسد: يدرك الأسد مخاطر الوجود الإيراني وتهريب الأسلحة عبر سوريا، لكن اعتماده الإقتصادي على إيران يحدّ من قدرته على المطالبة بانسحاب القوات الإيرانية.
-مقاومة الأسد لنفوذ إيران: رغم ذلك، قاوم الأسد محاولات إيران وحزب الله إستخدام سوريا لشنّ هجمات ضد إسرائيل، وحافظ على سياسة الحياد فيما يتصل بالحرب على غزة، ورفض نقل قيادة حماس إلى سوريا.
- عودة الأسد للجامعة العربية: إستعاد الأسد سيطرته على 70٪ من سوريا بفضل الدعم الروسي ، وعاد إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضويته عام 2011.
- فرصة الأسد مع الولايات المتحدة: وحسب ما ورد في التقرير، أنّ الأسد قد يرى فرصة لتحسين علاقته مع الولايات المتحدة، خاصةً بعد فوز ترامب، وذلك بالتزامن مع إستعادته للعلاقات العربية، إضافة الى مقترح أوروبي محتمل لتجديد العلاقات الدبلوماسية معه كإستراتيجية لتسهيل عودة ملايين اللاجئين المقيمين في أوروبا.
- موقف ترامب المتناقض من سوريا: رغم موافقة ترامب على قانون قيصر سنة 2019 الذي يفرض عقوبات على سوريا لحماية المدنيين، إلّا أنّه سعى لسحب 900 جندي أميركي كانوا متمركزين في سوريا، ما يتطلب تعاون سوريا وتركيا لحماية الأكراد السوريين حلفاء الولايات المتحدة في الحرب على داعش.
- صفقة محتملة لترامب: يُرجح أن ترامب قد يراجع سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، ويقترح صفقة لمنع نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، دون إبعاد إيران بالضرورة، مما يجعل الأسد «شريكاً صامتاً» في أي اتفاق يتعلق بلبنان.