القضاء بخير «إذا خليت خربت».. القاضيتان هاله نجا و كارلا شواح نموذجاً
القضاء بخير «إذا خليت خربت».. القاضيتان هاله نجا و كارلا شواح نموذجاً
إنطلاقاً من كوننا سلطة رابعة معنية بمراقبة عمل السلطات القضائيّة والسياسيّة، لا يسعنا سوى الإضاءة على النصف الملآن من الكوب. فقضاؤنا بخير، ونحن كذلك أيضاً. فبعد المعركة التي خاضها الإعلامي رياض طوق يوم الثالث والعشرين من الشهر الحالي، لا يسعنا سوى القول إنّ قضاءنا بخير وإنّنا سنبقى داعمين للساهرين على بسط قواعد العدل والإنصاف في مجتمعنا.
وتطبيقاً للمقولة الشعبية «إذا خليت خربت» أثبتت قاضي الأمور المستعجلة في بيروت هاله نجا أنّه رغم الإهتراء الحاصل في دولتنا العميقة، لا يزال هناك قضاة أكفاء يفصلون بين زمالتهم وبين كونهم مؤتمنين على إحقاق الحقّ.
فبعد أن طلب القاضي صبوح سليمان من قضاء العجلة إصدار قرار نافذ على أصله معجّل التنفيذ بمنع «بيروت تايم» من نشر أيّ مقاطع شفهية أو كتابية عبر الوسائل الخاصة في التواصل الإجتماعي سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مكتوبة كعطل وضرّر وإلزامه بالرسوم والمصاريف وكافة الأتعاب، لقد أثبت القاضية هالة نجا أنّها لا تحكم إلّا وفق أحكام القانون، مقرّرة ردّ الطلب لعدم تحقّق شروط تدخل قاضي الأمور المستعجلة.
وعليه، غلّبت القاضية المذكورة أحكام الدستور الذي ينصّ في مادته 13 على ضمان حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الإجتماع وحرية تأليف الجمعيات ضمن دائرة القانون.
وأكثر من ذلك، فإنّ قضاء العجلة ليس صاحب إختصاص في القضية آنفة الذكر لأنّ المستدعى ضده لا يشكل بما نشره أيّ ضرر داهم تجاه المستدعي يستوجب رفعه على وجه السرعة.
فالمرجع الصالح في هذه القضية هو محكمة المطبوعات حصراً، لأنّ قانون المطبوعات وإجتهاد محكمة التمييز الجزائية يشددان على أنّ الصحافي لا يمثل للتحقيق في قضايا الإعلام إلاّ أمام قاضٍ. إضافة إلى أنّ لبنان موقّع على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يصون كلاً من حرية التعبير والإعلام و الصحافيين. فضلاً عن أنّنا منصة من ضمن مهامها الإستقصاء نخضع لقانون حماية كاشفي الفساد (رقم 83 تاريخ 2018)، وبالتالي فإنّ ما قمنا به يشكل بالتالي إخباراً للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
هذا في الشكل، أمّا في المضمون، فلا بد من التنويه باستقلالية القضاة الشباب الذين يمارسون عملهم باستقلاليّة تامة غير متأثرين بضغط من هنا أو اتصال هاتفي من هناك. والجدير ذكره أنّ القضاة المنفردون وبمن فيهم قضاة العجلة، يغيبون عن إهتمامات السلطة السياسيّة التي تضع ثقلها في تعيينات قضاة التحقيق والنيابات العامة.
وليس بعيداً من مناقبية قضاة العجلة، فقد ردت القاضية كارلا شواح طلب وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي بوقف برنامج مرحبا دولة انتصاراً للحريات العامة في البلاد.
من هنا، وإنطلاقاً من قناعتنا بواجب الإضاءة على الإيجابيات وليس التصويب على السلبيات فقط، نؤكّد أنّ القضاء بخير طالما هناك من يعمل وفق المعايير المهنية والوطنية وما يفرضه النصّ القانوني بعيداً من تدخلات المنظومة. وهذا يؤكد أن إقرار قانون إستقلالية القضاء وتعيين قضاة بدون تدخل سياسي، سيفرز العشرات من هاله نجا وكارلا شواح.