الساحرات.. مستقلات وذكيات يمتلكن حسّ الفكاهة
الساحرات.. مستقلات وذكيات يمتلكن حسّ الفكاهة
شعار يتكرّر كل عام في 8 من آذار، في يوم النساء العالمي، مفاده «نحن بنات الساحرات اللواتي لم تتمكّن من حرقهن». الشعار خرجت به مجموعة WITCH التي تأسّست في تشرين الاول عام 1968، وأطلقته خلال تظاهرة في نيويورك.
إستقت المجموعة إسمها من حملة مطادرة السحرة، بين القرنين السادس والسابع عشر. وهي ظاهرة إنتشرت في أوروبا والأميركيتين في العصور الوسطى، وتشير التقديرات أنّ عدد الأشخاص الذين قتلوا خلالها، وصل إلى عشرات الآلاف، وفي بعض أجزاء من أوروبا، كألمانيا، كانت أغلبية المتهمين من الإناث، في حين كانت الأغلبية في أيسلندا من السحرة الذكور.
أول عملية مطاردة للساحرات كانت في سويسرا عام 1428، إستمرت لثماني سنوات، وأدت إلى قتل 367 شخص. إتهام السحرة كان يتمّ عبر ثلاث شكاوى من جيرانهم، وبعد المحاكمة، يُحرق معظم المُدانين حتى الموت، أو تقطع رؤوسهم، وكرحمة أخيرة، ربطت السلطات أكياس البارود حول أعناق الساحرات لتسريع موتهن في النيران.
أما أكبر عمليات مطاردة للساحرات في أوروبا كانت في بامبرج في ألمانيا، بين عاميّ 1626 و1631. ومن بين ألف شخص أدينوا، أُحرقت 900 إمراة، والمحظوظات منهن قُطعت رؤوسهن أولاً. وكشفت إحدى الوثائق عن وقائع محاكمة لساحرات بين عاميّ 1629 و1630، في فلامرشايم في ألمانيا، قضت بحرق الساحرات في الساحة العامة في موقع فوكوس الألماني.
إستمرت عمليات الإعدام بتهمة السحر حتى عام 1782، وتظهر البيانات أنّ محاكمات السحرة، إنتهت بقتل 42 في المئة من المتهمات، وكان الحرق هو الطريقة الأكثر شيوعاً لإعدام السحرة في أوروبا، أما في إنجلترا وأمريكا الشمالية كن يعلقن على حبل المشنقة.
بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، شهد العالم إنتقالاً من نمط الإنتاج الإقطاعي إلى الرأسمالي. يومها كانت النساء القوة العاملة في التعاونيات الزراعية، وبدأ إستملاك الأراضي لتوسيع المنشآت الصناعية فكانت النساء الأكثر تضرراً من السيطرة على الأراضي، وخضن معارك لمنع خصخصة الأراضي.
ففي النظام الاقتصادي الجديد، تتطلب عملية الإنتاج وجود عمالة. ولكن آنذاك، كان رفض هؤلاء النساء الزواج والإنجاب يعتبر تهديداً للنمط الإقتصادي الجديد. لذا، إضطهدت النساء العازبات والرافضات للزواج، وتمّ تصنيفهن، إلى جانب الطبيبات، على أنهن ساحرات فتحولت مطاردة الساحرات بمثابة عملية إقتصادية وسياسية للبشرية.
شيطنة فكرة الساحرة مستمرة حتى اليوم، وتعتبر أفلام ديزني أحد تجلياتها، إذ تتكرّر الصورة النمطية للساحرة فهي، مسنة، بشعة، حاقدة على الأميرة الجميلة، وهي الطرف الساعي دائماً الى الأذية. بالمقابل تترسخ لدى الفتيات الصغيرات صورة الأمير المنقذ، بقبلة يمنع عنهن السحر، وتنتهي القصة بالزواج ولا طموح خارج الإطار المنزلي.