هل تستعيد البرازيل بريقها بقيادة «دوريفال جونيور»؟
هل تستعيد البرازيل بريقها بقيادة «دوريفال جونيور»؟
من المؤكد أنّ المهمة لن تكون سهلة على المدرّب الجديد للمنتخب البرازيلي لكرة القدم «دوريفال جونيور» البالغ 61 عاما والذي لم يكن الخيار الأول للإتحاد المحلي، وذلك على الرغم من الفوز الأول الذي حققته «السيليساو» على حساب إنكلترا بهدف لنجمه الشاب «إندريك» والتعادل الذي انتزعته من إسبانيا 3-3 في سانتياغو برنابيو.
ولا يخفى على أحد أنّ المهمة لن تكون سهلة، إذ كان البرازيليون يضغطون من أجل إسناد المهمة إلى المدرب الخبير الإيطالي «كارلو أنشيلوتي» في يونيو/حزيران المقبل، إلا أنّ الأخير عاد وجدّد عقده مع ريال مدريد الإسباني. وخلال الفترة الانتقالية السابقة أوكلت مهمة الإشراف على السيليساو العام الماضي إلى رامون مينيزيس مدرب منتخب تحت 20 عامًا، ثم إلى دينيز.
لكن وبشكل مفاجئ، قرر الإتحاد البرازيلي لكرة القدم تعيين «دوريفال» مدرباً للمنتخب، وحمّله مسؤولية تطوير وتوجيه الفريق نحو تحقيق النجاحات في المسابقات الدولية والبطولات الكبرى مثل كأس العالم.
ويعوّل «دوريفال جونيور» على ضخّ دماء جديدة في شرايين أبطال العالم خمس مرات بعد سلسلة الغيابات اللافتة في تشكيلة «السيليساو» وعقب نتائج متذبذبة في الفترة الأخيرة بثت الشك في نفوس المشجعين.
وسيتعين على المدرب الجديد، الذي عُيّن في يناير/كانون الاول الماضي بدلا من فيرناندو دينيز، إدخال تعديلات جديدة جذرية إلى التشكيلة للتعامل مع الغيابات العديدة التي تعصف بالفريق حتى يبدأ بنجاح مشروع «الإعادة التدريجية» «للسيليساو» إلى السكة الصحيحة على أمل التتويج بنجمة مونديالية سادسة تستعصي عليه منذ عام 2002.
وتولى دوريفال منتخبا خسر آخر ثلاث مباريات في تصفيات أميركا الجنوبية لكأس العالم 2026 حيث يحتل المركز السادس من أصل عشرة منتخبات، متقدما بفارق نقطتين على المركز السابع بعد ست مراحل، علما أنّ أصحاب المراكز الستة الأولى يتأهلون مباشرة إلى كأس العالم. ويحتاج المنتخب البرازيلي مع مدربه الجديد إلى رفع مستواه بأقصى سرعة ممكنة، عشية خوضه غمار منافسات كوبا أميركا المقررة ما بين 20 يونيو/حزيران و14 يوليو/تموز المقبلين في الولايات المتحدة.
وبناء عليه، اضطر «دوريفال» إلى إدخال تعديلات كثيرة على تشكيلة منتخب بلاده بسبب الغيابات. فبعد أن تغلّب على إنكلترا في مباراته الودية الأولى في ويمبلي بفضل نجمه الشاب البديل إندريك، تعادل في مباراة ودية ثانية مع إسبانيا الثلاثاء في مدريد وكان لإندريك أيضا نصيباً من أهداف فريقه.
وخاض «السيليساو» مباراتيه الصعبتين في غياب حارسيه الأساسيين «إيدرسون» (مانشستر سيتي الإنكليزي) وأليسون بيكر (ليفربول الإنكليزي)، وقطب دفاعه ودفاع «باريس سان جرمان» الفرنسي «ماركينيوس» ولاعب وسط مانشستر يونايتد الإنكليزي «كاسيميرو» بسبب الإصابة، ناهيك عن استمرار غياب نجمه «نيمار»، أفضل هداف في تاريخ المنتخب والذي تبقى عودته إلى الملاعب غير مؤكدة منذ إصابته القوية في الركبة في أكتوبر/تشرين الاول الماضي.
ويُعتبر «دوريفال جونيور» المولود في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1962، شخصية معروفة في عالم كرة القدم البرازيلية، إذ شغل عدة مناصب في مجال التدريب والإدارة الرياضية، إلا أنّه لا يملك خبرة كبيرة في تدريب المنتخبات الوطنية. وهو بدأ مسيرته التدريبية كمدرب للشباب في الأندية البرازيلية المحلية. وشغل مناصب مختلفة في الأندية البرازيلية، وقاد عدة فرق إلى تحقيق نجاحات في البطولات المحلية.
معاناة المنتخب البرازيلي
يعاني المنتخب البرازيلي من عوامل وتحديات، ومن بينها:
* ضغوط التوقعات: يتعرض المنتخب دائمًا لضغوط كبيرة من قبل الجماهير ووسائل الإعلام لتحقيق النجاح في المسابقات الدولية، خاصة بطولة كأس العالم حيث يكون هناك توقعات عالية بالتتويج باللقب.
* الإصابات والغيابات: غياب لاعبين مهمين بسبب الإصابات يؤثر حُكماً في أداء الفريق بشكل كبير، خاصة إذا كانت هذه الغيابات تشمل لاعبين رئيسيين في خطوط الهجوم أو الوسط أو الدفاع.
* تغييرات في التشكيلة والتكتيك: يواجه المنتخب البرازيلي تحديات في التكيف مع التغييرات في التشكيلة أو التكتيكات المطبقة من قبل المدرب الجديد، مما قد يتسبب في عدم التناغم بين اللاعبين وتدهور الأداء.
* المنافسة الشديدة: تتنافس البرازيل مع العديد من المنتخبات القوية على الساحة الدولية، وهذا يشمل منتخبات مثل الأرجنتين وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، مما يجعل مهمة المنتخب البرازيلي أكثر صعوبة في تحقيق النجاح.
* العوامل النفسية: الضغوط النفسية والتوتر يمكن أن يؤثر في أداء اللاعبين في المباريات الهامة.
فراغ نيمار
غياب نجم المنتخب البرازيلي «نيمار» وهدافه التاريخي ترك فراغا لافتا من الصعب إيجاد الحلول له نظرا لما يتحلى به من مواهب:
* الإبداع الفردي: نيمار يعتبر أحد أبرز اللاعبين الإبداعيين في العالم، وغيابه يمكن أن يؤثر في قدرة الفريق على صنع فرص التسجيل من لا شيء وتحقيق الهجمات الفردية.
* القيادة والتأثير النفسي: نيمار يمتلك شخصية قيادية قوية ويؤثر بشكل كبير في معنويات الفريق وثقة اللاعبين في أنفسهم. غيابه يؤثر سلبًا في الروح الجماعية للفريق.
* الخبرة الدولية: «نيمار» لديه خبرة واسعة في المشاركة في البطولات الدولية مثل كأس العالم، ويعرف كيفية التعامل مع ضغوط البطولات الكبرى. وغيابه يترك فراغًا في الفريق بالنسبة للخبرة والقدرة على التأقلم مع تلك الضغوط.
* التوازن الهجومي: «نيمار» هو محور أساسي في الهجوم البرازيلي، وغيابه يؤدي إلى فقدان التوازن في خط الهجوم والإعتماد على لاعبين آخرين لتسجيل الأهداف.
* التكتيك والإبداع: نيمار يعتبر لاعبًا متعدد المواهب وقادرًا على تقديم التمريرات الحاسمة والمراوغات الفردية وتسجيل الأهداف من مختلف المواقف. وغيابه يؤثر في قدرة المدرب على تطبيق تكتيكات معينة والاعتماد على خطط بديلة.
هل يكون إندريك أحد الحلول؟
يُعتبر النجم الشاب «إندريك» أحد أكبر المواهب في كرة القدم العالمية، ويأمل أن يكون على مستوى التوقعات الملقاة على عاتقه. يعيش الشاب البالغ من العمر 17 عامًا، حياة لاعب كرة قدم محترف لنادي بالميراس بطل الكأس السوبر ولديه عقد مع ريال مدريد، الذي سينضم إليه في يوليو/تموز 2024.
في الوقت الحالي، يركز إندريك بشكل قوي على موسمه مع «بالميراس» والفوز بالألقاب معه، وهو الذي فاز بالفعل بألقاب الولاية البرازيلية والكأس السوبر مع الفريق الأول. بالميراس بالتأكيد له أهمية كبيرة بالنسبة للمهاجم لمجرد كونه النادي الذي يلعب فيه قبل انتقاله إلى أوروبا.
بعمر 17 عامًا و246 يومًا، أصبح «إندريك» أصغر لاعب يسجل هدفاً دولياً في ستاد ويمبلي - المعروف بـ "موطن كرة القدم. ثم عاد وسجل في مرمى إسبانيا بعد دقائق من نزوله بديلاً.
هو أصغر لاعب يسجل لصالح البرازيل منذ الأيقونة «رونالدو نازاريو» عام 1994. «رونالدو» - الملقب بالـ«فينومينو»- يُعتبر أحد أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق وفاز بكأس العالم مرتين مع البرازيل. كما أنه لاعب يتم مقارنته «بإندريك» بسبب أساليب لعبهما.
أصبح إندريك أصغر لاعب يُقدم مباراة رسمية ويسجل لصالح «بالميراس»، بالإضافة إلى أنّه اللاعب الوحيد في تاريخ النادي الذي فاز بألقاب الفئات العمرية.
أداؤه البارز جذب الانتباه وأتاح له فرصة الانضمام إلى منتخب البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وكانت مشاركته السبت (إنكلترا) هي الثالثة والثلاثاء (إسبانيا) هي الرابعة مع الفريق.
مع كل ذلك، يظل المنتخب البرازيلي يمتلك مواهب فردية كبيرة وتاريخاً غنياً في كرة القدم، ويبقى قادرًا على تحقيق النجاح على الساحة الدولية عندما يتغلب على هذه التحديات بشكل فعّال.
ويمني البرازيليون النفس بأن يؤدي تعيين دوريفال جونيور إلى استعادة بعض الاستقرار، إلا أنّ المدرب السابق لناديي فلامينغو وساو باولو طلب من المشجعين «القليل من الصبر حتى نجد طريقة للحصول على أفضل النتائج».
واللافت أنّ ثمانية فقط من اللاعبين الذين تم استدعاؤهم خاضوا منافسات كأس العالم مرة واحدة على الأقل، وأحد عشر منهم لم يلعبوا دقيقة واحدة مع المنتخب الأول، مثل المدافع الشاب لوكاس بيرالدو البالغ من العمر 20 عاما والذي يحقّق بداية واعدة مع باريس سان جرمان.
وسبق لبيرالدو اللعب تحت إشراف «دوريفال جونيور» في ساو باولو، أسوة «بلوكاس باكيتا ورودريغو أو أندرياس بيريرا». وتبرز خصوصية أخرى في المجموعة المختارة: 9 لاعبين من أصل 26 يلعبون في الدوري البرازيلي، وهو عدد أكبر بكثير من المعتاد.
وقال لاعب الوسط الأسطوري السابق زيكو خلال تدشين تمثال شمعي له في ريو دي جانيرو: «البرازيل في وضع سيء. لذلك لدى دوريفال كل الحق في إجراء تغييرات. لقد فضّل استدعاء لاعبين يعرفهم وحقق معهم سابقا نتائج جيدة».
وكلّ ما سبق يفتح النقاش حول مستوى المواهب المتاحة حاليا في البرازيل والذي لا يبدو أنه يقارب ما أنتجته الكرة البرازيلية على مدار تاريخها، حتى في مراكز كانت «تعجُّ بالمواهب».
وقال المدرب الجديد «علينا أن نضع نظاما نشعر فيه بالراحة. هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهنا... لأنّه لدينا القليل من الوقت».