القاضي حبيب رزق الله: عدالة للبيع في بنك الاعتماد اللبناني، قصة إحتيال على المودعين

القاضي حبيب رزق الله: عدالة للبيع في بنك الاعتماد اللبناني، قصة إحتيال على المودعين

  • ٢٧ حزيران ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

أدى تقصير من قبل بنك الاعتماد اللبناني إلى خسارة أحد الزبائن لأكثر من مليونين دولار. وبدلاً من أن يتحمل البنك المسؤولية، لجأ إلى التحايل على شركات إعادة التأمين العالمية، محققًا ربحًا تجاوز 400 ألف دولار، وذلك بغطاء قضائي من القاضي حبيب رزق الله، الذي لم يصدر حتى الآن أي قرار ضد أي مصرف.

كان من المفترض أن يمثل رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد اللبناني، جوزيف طربيه، اليوم أمام القاضي رامي عبدالله بتهمة تحويل الأموال إلى الخارج، بناءً على دعوى رفعها أحد المودعين. يُعتبر هذا الاستدعاء الثالث لطربيه؛ في الجلسة الأولى طلب محاميه تأجيل الجلسة لأن المدعي وهو محامٍ أيضًا، طلب مهلة للحصول على إذن من نقابة المحامين. وفي الاستدعاء الثاني، لم يحضر طربيه وأرسل مدير عام البنك، ميشال خديج، ممثلاً عنه، وهو الآخر المدعى عليه في القضية، ولكن القاضي عبدالله رفض هذا التمثيل لأن الدعوى مرفوعة على طربيه شخصيًا.

 

لم يحضر طربيه الجلسة، متعذراً بأسباب شخصية، ليتهرّب للمرة الثالثة من المثول أمام القاضي عبدالله، الذي سطّر مذكرة إحضار بحقه، وأرجأ الجلسة لأسبوعين. وربما يحاول طربيه تأمين غطاء قضائي من القاضي حبيب رزق الله كما حصل في قضية قرصنة سابقة.


وفي تفاصيل قضية القرصنة، تعرض حساب أحد كبار رجال الأعمال في البنك إلى قرصنة، حيث تم تحويل مبلغ مليونين و127 ألف دولار من حسابه. كان رجل الأعمال يتعامل مع المصرف عبر البريد الإلكتروني، وبعد أن وصلت إلى المصرف رسالة بريدية من حساب الزبون، طلب فيها تحويل المبلغ إلى عدة حسابات، نفذ المصرف العمليات دون الاتصال بصاحب الحساب للتأكد من صحة الطلب.

كان رجل الأعمال يتعامل مع المصرف منذ سنوات طويلة. وعند علمه بخسارة أمواله، تواصل مع المصرف معتقدًا أن لديه شركة تأمين تغطي هذه الأخطاء. أبلغ المصرف بحدوث قرصنة، خاصةً وأنه قد أعطى تعليمات مسبقة بعدم تنفيذ أي تحويلات مالية دون موافقته المباشرة. ومع ذلك، نفى المصرف وجود قرصنة من داخله، وأكد أن الخرق حدث عبر بريد المودع الإلكتروني.

بعد رفع الزبون دعوى ضد المصرف، أصدر المصرف تعميمًا داخليًا يمنع إجراء أي تحويلات مالية بناءً على رسائل إلكترونية دون التأكد من الزبون شخصيًا.

الدعوى التي رفعها رجل الأعمال أمام المحكمة الابتدائية في بيروت الناظرة في القضايا المالية حملت الرقم 2636/2015. كان يرأس المحكمة آنذاك القاضي محمود مكيّة، الذي يشغل اليوم منصب أمين عام مجلس الوزراء. ونظرًا لعدم إلمامه بالقضايا المصرفية، عيّن خبراء للكشف على القيود. في 16 تموز 2016، أصدر القاضي مكيّة حكمه مؤكدًا حدوث قرصنة على حسابات رجل الأعمال، وبالتالي تحميل المصرف المسؤولية، إذ كان يجب عليه الاتصال بالزبون قبل الموافقة على التحويلات، خاصةً وأن المبالغ المحولة كانت كبيرة جدًا. وبناءً على قرار مكيّة، يجب على المصرف دفع المبلغ كاملاً للزبون، وقدره مليونين و127 ألف دولار.

في 26 تموز 2016، تقدّم المصرف بطلب إستئناف أمام محكمة الإستئناف المدنية في بيروت، الغرفة الناظرة بالقضايا المالية، طعناً بحكم المحكمة الإبتدائية، وسجّل الإستئناف المذكور تحت الرقم 81/2016، كما تقدّم رجل الأعمال المذكور من جهته بإستئناف طارئ، وتقدّمت شركة الإعتماد اللبناني للتأمين وإعادة التأمين ش.م.ل من جهتها أيضاً بإستئناف مستقل.

الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف، القاضي حبيب رزق الله، وهو صهر جوزيف طربيه، كان يتنحى فورًا عن أي دعوى تتعلق بالإعتماد اللبناني. ومع ذلك، كان يمارس ضغوطًا على رؤساء محاكم الإستئناف لمنع صدور أي قرار ضدّ الإعتماد اللبناني. وهذا ما تُرجم مؤخرًا في الهيمنة على قرارات محكمة الإستئناف، التي لم تصدر أي قرار ضدّ المصارف لصالح المودعين منذ بداية الأزمة حتى اليوم؛ إذ يتم إما ردّ الدعاوى شكليًا، أو تبقى معلقة في الأدراج.

نظرًا لهيمنة رزق الله على جميع قضاة محكمة الإستئناف، أصدرت المحكمة القرار رقم 1022/2018 في 10 تموز 2018، حيث خفضت المبلغ المستحق إلى 343 ألف دولار، دون النظر في وجود قرصنة. فيما كان من المفترض أن يقوم المصرف بالعناية الواجبة (Due Diligence)، وقد خالف مدير البنك موجباته التعاقدية تجاه الزبون. واعتبرت المحكمة أنّ مدير الفرع المعني لدى الإعتماد اللبناني قد إرتكب خطأً تعاقديًا بمخالفته لإجراءات الحيطة والحذر.

قرار الاستئناف أعفى طربيه من دفع مبلغ يقارب 2   مليون دولار، وخفض المبلغ إلى 343  ألف دولار مع الفوائد. تم تحويل الملف إلى محكمة التمييز، وكان طربيه يأمل في تقليل المبلغ أكثر. خلال هذه الفترة، توفي صاحب العلاقة، وحل ورثته محله في الدعوى بعد تصحيح الخصومة.

بعد الأزمة الاقتصادية، بدأت المصارف اعتماد سعر «اللولار»، أي الدولار على سعر 15 ألف ليرة. ضغط طربيه لإصدار حكم التمييز دون تخفيض المبلغ عن 343  ألف دولار. قام القاضي رزق الله بالعديد من المداخلات حتى تم التوصل إلى نتيجة تخدم مصلحة طربيه، حيث تم رفع المبلغ إلى 450 ألف دولار. تم دفع هذا المبلغ بالكامل من قبل شركة التأمين بالدولار الفريش، بعد تسوية أجراها طربيه مع ورثة رجل الأعمال، بينما قبض الورثة المبلغ باللولار.

وشركة التأمين هي شركة الاعتماد اللبناني للتأمين وإعادة التأمين ش.م.ل، والتي يرأس مجلس ادارتها ابن شقيق طربيه، إيلي طربيه. لدى الشركة بوليصة تأمين BANLERS BLANKET BOND  المعروفة أيضاً بـ  BLANKET FIDELITY BOND، لتغطية المصرف ضد المخاطر المتعلقة بالاحتيال وخيانة وسوء الامانة، المرتكبة من قبل موظفي ومدراء المصرف المضمون، مثل سرقة الخزنة مثلاً، ورقمها:BBB INSURANCE POLICY no. 01/BB-001/36 (claim no. 1/2015).

وعلى الرغم من أنّ حالة الخطأ التعاقدي وقلة الاحتراز ومخالفة إجراءات الحيطة والحذر، لا تعتبر مشمولة ببوالص التأمين BBB، أكان من الناحية القانونية أو وحسب القواعد المتبعة لدى شركات التأمين العالمية، فقد أعلنت شركة الإعتماد اللبناني للتأمين وإعادة التأمين إشتمال البوليصة للقرصنة التي تعرض لها رجل الاعمال، وطالبت الشركة بدورها شركات إعادة التأمين العالمية بتسديد المبلغ المضمون بالدولار الفريش، وسجلت المبلغ في حساب الاعتماد اللبناني كمبلغ دائن تحت  رقم 1H6918-004 "DG FRESH MONEY" بتاريخ 12 أيلول 2022، بقيمة 416,066 دولار، وكمبلغ مدين في حساب شركة الاعتماد اللبناني للتأمين وإعادة التأمين رقم 0022-028279-030، الذي إستلمته من معيدي التأمين الخارجيين.

على الرغم من أنّ المصرف حصل على أكثر من 416 ألف دولار بالدولار الفريش، لم يُعرف مصير هذا المبلغ. في الوقت نفسه، قام طربيه مؤخرًا بتحويل مبالغ كبيرة لصالح نافذين وأفراد من عائلته والمقربين منه. بالإضافة إلى ذلك، وافق مؤخرًا على شراء سيارات ووضعها بتصرّف مدراء في المصرف التابعين له، حيث سُددت قيمتها بالدولار الفريش. هذا يحدث في حين أنّ المودعين محرومون من لقمة عيشهم ومن ثمن الدواء.