فضيحة الأدوية المنتهية الصلاحية: هل ينجو «الصيدلي» من العقاب؟

فضيحة الأدوية المنتهية الصلاحية: هل ينجو «الصيدلي» من العقاب؟

  • ٢٨ حزيران ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

بعد تحقيقات مكثفة أجرتها الشرطة القضائية وشعبة المعلومات، إستجوب قاضي التحقيق في جبل لبنان حنا البريدي المتهمين لمدة 5 ساعات ، فما هي القصة؟

بعد تحقيقات مكثفة أجرتها الشرطة القضائية وشعبة المعلومات، استجوب قاضي التحقيق في جبل لبنان حنا البريدي لمدة 5 ساعات كل من الموقوف خليل مرهج صاحب صيدلية المنصورية والتاجر الجوال عباس المقدم. أصدر القاضي مذكرات توقيف وجاهية بحقهما لتورطهما بتزوير منتجات للأطفال، وهي "fresh multi" و "fresh zinc" العائدة لشركة "Fresh Pharma International".

بدأت القصة بإخبار قضائي، قامت قاضية محكمة الأحداث جويل بو حيدر بسحب منتجات من السوق كانت عبارة عن أدوية للأولاد، منها الزينك والفيتامينات المتعددة.

تُشير المعلومات إلى أنّ دجو الدبس، صاحب الشركة، لديه 36 وكالة. بدأت القصة منذ حوالي 8 سنوات مع الصيدلي ع.ص، الذي قام  بنشر بيان مشبوه على صفحة صيدليته على مواقع التواصل الإجتماعي يهاجم الدبس ويشهّر بشركته، مطالباً بمقاطعتها. بعد سنة تقريبًا، رفع الدبس دعوى ضدّه، وتمّ توقيفه بعد تعهّده بعدم التعرّض للدبس واتهامه بالعمالة. وقام حينها نقيب الصيادلة جورج صيلي بمقابلة ع.ص لمعرفة حيثيات المشكلة، ليتبين أنّ ع.ص لديه موقفاً شخصياً من دبس، حسب ما جاء على لسانه: «أنا ما بحبو بدي ياه يسّكر الشركة».

على الرغم من السنوات التي مضت، لم تكن كافية لجعل بعض الناس ينسون الدبس. فمنذ خمسة أشهر، تقوم صفحة «حقوق الصيادلة -pharmacist rights » التابعة لـ ع.ص بحذف صنف من الأدوية، ليتبين أنّه مخصّص للأطفال. وبعد إتصالات مكثفة مع الصيدلي، تبيّن أنّ هذه الكمية قد أُخذت من مستودع ما. وفي الفترة نفسها، تلقى الدبس إتصالًا من أحد المستودعات المتواجدة في منطقة الضاحية الجنوبية (GPT)، وكان يعترض على سعر البضاعة كون دجو هو الوكيل الحصري لها. وبعد التدقيق والإستيضاح، تبين أنّ تاجرًا جوالًا يدعى عباس المقدم قد أحضر البضاعة من صيدلية في منطقة المنصورية وكان فرق الأسعار واضحًا بينهما.

والرابط بين هذه الحيثيات أنّ سياسة دجو الدبس التجاريّة تقتضي ببيع المستودعات لا الصيدليّات إلّا تلك القريبة جغرافيّا من منطقة الزلقا كون المكتب الأساسي لشركة دبس موجود في تلك المنطقة. وقد قام دجو ببيع أدوية لصيدليّة واحدة متواجدة في منطقة المنصوريّة يملكها خليل مرهج بعد الإتفاق  معه على بيع كل الكميّة من هذه المتمّمات الغذائيّة في السوق العراقية قبل أن تنتهي صلاحيتها خلال 6 أشهر. هذا الإجراء إتُخِذ لتصريف الأدوية قبل إنتهاء صلاحيتها بإعتبار أنّ السوق اللّبناني لا يستوعب تصريف تلك الكميّة الكبيرة من هذه الأدوية قبل إنتهاء صلاحيتها، مع الإشارة أنّ هذه الإجراءات كانت خلال جائحة كورونا التي حينها الأسعار تختلف عن أيامنا اليوم، أي أنّ الربح كان في الحسبان.

في هذا السياق، قام دجو بالإتصال بصاحب الصيدليّة خليل مرهج، بعد أن تمّ التأكيد منه بأنّ الأدوية ستُباع في السوق العراقي،  وإكتشف الدبس أنّ بين مرهج وعبّاس تعاون وعلاقة تجارية. إذ إنّ الكميّة التي أُخذت مسبقاً من دجو الدبس كانت صالحة للبيع والشراء، وبسبب تاريخ إنتهاء صلاحيتها القريب حصل خليل على حسم 50%، مثبت من خلال الفواتير والتسجيلات الصوتيّة.

في آب 2022، إشترى خليل مرهج جميع عبوات الزينك بما يقارب 3و4$، وأعاد بيعها منتهية الصلاحية منذ فترة قصيرة بـ 16$.

وبناء على المستجدات تمكّن دجو الدبس من رصد 600 من أصل 6000 عبوة موزعة في السوق.
على إثر ذلك، إتصل عباس المقدم بدجو قائلاً: «حقّك 10-15 ألف دولار» إضافة إلى تهديدات أخرى.

وعندما حضر الإثنان الى التحقيق في الشرطة القضائيّة- تحرّي جديدة المتن الشمالي، نفى خليل نفياً قاطعاً مسألة الفواتير والإتفاق بما يخصّ السوق العراقية وأي صلة بدجو الدبس ، وأنكر صلته ب عباس المقدم، رغم كلّ التبادلات بينهما.
في المقابل، وصل دجو إلى التحقيق يحمل بحوزته الفواتير ورسائل البريد الإكتروني وأوراق الجمرك أي كل ما يحتاجه من أدلّة فقامت شعبة المعلومات بتوقيف خليل مرهج وعباس المقدم عدّة أيام. رغم كلّ الإثباتات، تقدّم مرهج بدعوى ضد دجو بحجّة تزوير الفاتورة، كونها لا تحمل توقيعه، مع الإشارة أنّه لا يوقّع الفواتير في أغلب الأحيان، إذ هي عادة متبعة بين التجار وأنّ خليل استلم البضاعة من الشركة ولم يكن لديه ختمة.

لكن عند مداهمة شعبة المعلومات ووزارة الصحة لمستودع خليل مرهج، وجدت كميّة هائلة من الأدوية المنتهية الصلاحية منذ 2019 على السلالم. والسؤال الأوّل هو رغم أنّ هذه الأدوية منتهية الصلاحية منذ 2019 لماذا وُضعت على السلالم قبل أيام قليلة من المداهمة؟ والسؤال الثاني هو: لماذا العبوات لا تزال نظيفة رغم تواجدها على السلالم ورغم الطقس الممطر آنذاك؟ ولماذا لم يتم إخبار نقابة الصيادلة بالموضوع؟ رغم علمنا مُسبقاً بأنّ وزارة الصحة قامت بتسكير صيدليّة لخليل منذ 7 سنوات.
قامت غادة عون بتوقيفهم بعد شهرين وتمّ تحويلهم إلى قاضي التحقيق حنا العريضي. وبعدها نقيب الصيادلة دجو سلوم حقّق بالموضوع حيث قام بتبرئة خليل كونه صيدلي. وفي ١٣ حزيران 2024 أصدر دجو سلوم تقريراً نشر على قناة ال «إم تي في» يبرّر موقف خليل مرهج ويتبناه.

علماً أنّ خليل لديه سوابق بتزوير تواريخ الأدوية وبيع مواد منتهية الصلاحية: «أنا ببيع عالم ما بتفهم وما بتعرف تقرا» وذلك بحسب رأي النقيب دجو سلوم.
فهل لنقيب الصيادلة بأن يتبنّى «صيدلي غشّاش» فقط كونه صيدلي؟ أو أنّ إنتخابات نقيب الصيادلة لا تسمح للنقيب بأن يكون نقيباً موضوعياً بما يتناسب مع معايير النزاهة والأمانة المهنية؟

**تثير هذه القضية تساؤلات خطيرة حول دور نقابة الصيادلة في حماية صحة المواطنين، ومدى التزامها بمعايير النزاهة والأمانة المهنية. هل ستكون هذه القضية بداية لفضح فساد واسع في قطاع الأدوية في لبنان؟ أم ستُغلق ملفاتها كما غُلّقت ملفات أخرى؟**