افتتاح غير مسبوق لأولمبياد باريس رغم التخريب والتحدّيات الأمنية

افتتاح غير مسبوق لأولمبياد باريس رغم التخريب والتحدّيات الأمنية

  • ٢٧ تموز ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

للمرّة الأولى في التاريخ، أقيم حفل الافتتاح خارج الملعب الرئيسي، شاهده 320 ألف متفرّج من مدرّجات بُنيت خصيصاً على ضفاف النهر، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.

انطلق حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 مساء اليوم الجمعة، بعرض غير مسبوق على نهر السين بمشاركة 6800 رياضي من 205 دول أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية، وعلى الرغم من هطول أمطار عكّرت الأجواء وتعرّض شبكة القطارات لعملية تخريب.

وأقيم الحفل في ظلّ إجراءات أمنية مشدّدة بعد ساعات من تعرّض شبكة القطارات السريعة لهجوم ضخم واسع النطاق بهدف شلّ شبكتها، ممّا تسبّب باضطرابات شديدة وطال 800 ألف راكب مع إلغاء 25% من رحلات أيضاً لقطارات يورسوتار بين لندن وباريس. وقال مشغّل القطارات في بيان "الحالة ستكون مماثلة" يومي السبت والأحد.

وكتب رئيس الحكومة غابريال أتال على منصة إكس "تحرّكت أجهزة مخابراتنا وأجهزة تنفيذ القانون للعثور على مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية ومعاقبتهم". ورفض المسؤولون الفرنسيون التعليق على هوية الجناة الذين يبدو انهم يتمتعون بمعرفة متطوّرة بالشبكة.
وتريد فرنسا تعزيز صورتها من خلال هذه الألعاب، عبر استضافة نحو مئة رئيس دولة أو حكومة، لمواصلة نشاط ديبلوماسي مكثّف بينما تشتعل الصراعات في أوكرانيا وغزّة، مروراً بالسودان وجمهورية الكونغو الديموقراطية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغائب الأكبر، علماً أن بلاده موقوفة ولن يتم عزف نشيدها في حال تتويج بعض الرياضيين المشاركين تحت علم محايد وبشروط صارمة خصوصاً عدم دعم الحرب ضد أوكرانيا.
واستنفرت قوى الأمن في حالة تعبئة غير مسبوقة، مع نشر 45 ألف عنصر من الشرطة والدرك. مع ألفي عنصر أمن خاص وألف شرطي من بلدية باريس. كذلك، قامت فرقة قوامها عشرة آلاف عسكري بدعم هذا الانتشار الأمني.
كما نُشر قناصة على سطوح باريس على طول النهر، لتحييد أي مسلّح يستهدف الحشود أو وفداً من الرياضيين على متن قارب أو رئيس دولة أو حكومة زائر. وللمرة الأولى، عملت الوحدات الخاصة والشرطة والدرك بشكل مشترك.

حفل الافتتاح
انطلق حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 الجمعة، الساعة السابعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي بمقطع فيديو للكوميدي جمال دبوز ولاعب كرة القدم السابق زين الدين زيدان في استاد دو فرانس، قبل العرض غير المسبوق على نهر السين بمشاركة 6800 رياضي أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.
وحمل أسطول من الزوارق آلاف الرياضيين والفنانين على طول نهر السين في عرض استمر نحو أربع ساعات، وقدم الراقصون عروضهم على سطوح المباني فيما وصفه المنظمون بأنه "عرض متكامل".

وانفجرت هتافات الحشود في باريس مع ظهور أسطورة كرة القدم زيدان في مقطع الفيديو الافتتاحي.

واستخدم منتخب الأحلام الأميركي في كرة السلة قطاراً سريعاً للانتقال من باريس حيث شارك في حفل الافتتاح ورفع علم البلاد نجمه ليبرون جيمس، إلى ليل حيث يلعب مع صربيا الأحد.
وتحتضن فرنسا معظم المسابقات الرياضية خلال دورة الألعاب الأولمبية التي تنطلق الجمعة، إلا رياضة واحدة، ستقام على أرض جزيرة معزولة وسط المحيط الكبير.

الرياضة هي ركوب الأمواج، وهي من الرياضات المستحدثة في الأولمبياد. أما الجزيرة، فهي جزيرة تاهيتي، في بولينيزيا الفرنسية، وهي ضمن أراضي ما وراء البحار التابعة لفرنسا وهي مجموعة من أرخبيلات بولينيزية تقع في جنوبي المحيط الهادي. وتبعد الجزيرة 16 ألف كلم عن العاصمة الفرنسية باريس، والرحلة بالطائرة تقترب من 24 ساعة كاملة.

للمرّة الأولى في التاريخ، أقيم حفل الافتتاح خارج الملعب الرئيسي، شاهده 320 ألف متفرّج من مدرّجات بُنيت خصيصاً على ضفاف النهر، ونحو 200 ألف من على شرفات المباني المجاورة.
وكما تجري التقاليد، ضمّ القارب الأوّل بعثة اليونان التي تعتبر مهد الألعاب الحديثة واستضافت نسختها الأولى في 1896، قبل أن تتبعه قوارب الوفود الأخرى في مستهل احتفال شاركت فيه نجمة البوب الأميركية الشهيرة ليدي غاغا.
وأدت ليدي غاغا أغنية "مون تروك أن بلوم" (Mon truc en plumes) لزيزي جانمير، أحد الأعمال الشهيرة في المسرح الاستعراضي الفرنسي.
كما قدّمت الفرنسية – المالية آية ناكامورا، المغنية الناطقة بالفرنسية الأكثر استماعاً في العالم، عرضاً غنائياً ارتدت خلاله ملابس باللون الذهبي، بعدما أثارت أنباء هذه المشاركة التي بدأت تتردّد منذ الربيع استياء لدى أوساط اليمين المتطرّف الفرنسي.

بدأ بعدها العرض النهري من جسر أوسترليتز إلى تروكاديرو، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى جانبه رئيس اللجنة الأولمبية الألماني توماس باخ.

وعمل مخرج العرض توماس جولي منذ 18 شهراً على العرض، مركّزاً على الإرث الفرنسي، ومسوّقاً للتنوّع والمساواة بين الجنسين والتاريخ الفرنسي.
وقدم ألفا فنان (راقص وموسيقي وكوميدي وأكروباتي) وصلات على ضفاف النهر ومعالم بينها كاتدرائية نوتردام التي أتى حريق ضخم عام 2019 على أجزاء واسعة منها، وكان لورشة ترميمها حضور في إحدى فقرات الحفل.

وظهر في الفقرة فنانون يرتدون ملابس عمّال البناء، ويرقصون وهم يتعلقون بسقالات ورشة إعادة بناء الكاتدرائية التي من المقرر أن تعيد فتح أبوابها في الثامن من كانون الأول المقبل.

وأثار العرض عدّة تساؤلات وتقلّبات، منذ نشوء فكرة ترك موقع الملعب "الآمن" لمصلحة زرع المدرّجات على ضفاف النهر. وتراجع العدد الأساسي المقترح تدريجياً ليصبح 320 ألف متفرّج، 220 ألفاً منهم على ضفاف النهر مجاناً و100 ألف بطاقة مدفوعة بالقرب من النهر.

ودخل أصحاب التذاكر المجانية قبل الساعة السابعة و45 دقيقة، حسب مصدر في الشرطة لوكالة فرانس برس مضيفاً ان "أي حادث" لم يحصل مطلع الحفل.


ومع وصول العلم الأولمبي إلى ساحة تروكاديرو قرب نهر السين، عزف النشيد الأولمبي ورُفع العلم الأولمبي في سماء باريس.
ثم ألقى مفوض الأمم المتحدة للاجئين رسالة مؤثرة ذكّر فيها بحال اللاجئين عبر العالم.
ورحب رئيس اللجنة المنظمة لألعاب 2024 توني إستانغيه بالعالم في باريس، مشيداً بوحدة الشعب الفرنسي أمام استضافة بلادهم ألعاب 2024.
كما أشاد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ بجهود الدولة الفرنسية لتنظيم ألعاب استثنائية، الأولى التي ستجري بمشاركة متساوية بين الرجال والنساء.

بعدها، سلم زين الدين زيدان الشعلة الأولمبية الى الإسباني رفايل نادال. وكانت الشعلة في قارب على نهر السين تنتقل بين أيدي أربعة أساطير: لاعب التنس الإسباني رفايل نادال، العداء الأميركي كارل لويس، لاعبة الجمباز الرومانية ناديا كومانيتشي ولاعبة التنس الأميركية سيرينا وليامس.

ثم أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "افتتاح" دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الثالثة والثلاثين في باريس، وقال الجملة البروتوكولية تحت الأمطار أمام برج إيفل: "أعلن افتتاح دورة الألعاب الثالثة والثلاثين للألعاب الحديثة".

وبعدما أوقد ماري-جوزي بيريك وتيدي رينر المرجل الأولمبي قرب جادة الشانزليزيه في باريس، أدت المغنية الكندية سيلين ديون، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية "L'hymne à l'amour" ("نشيد الحب") لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل، متحدية بذلك مرضها النادر الذي يمنعها من مواصلة مسيرتها الغنائية. وكانت ديون البالغة 56 عاماً، المتحدرة من مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية، قد قدّمت عرضاً في افتتاح الألعاب الأولمبية في أتلانتا سنة 1996.