بين هنية وحزب الله: تباينات أو توافق؟

بين هنية وحزب الله: تباينات أو توافق؟

  • ٣١ تموز ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

القائد السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، المتنقّل بين تركيا وقطر، في الآونة الاخيرة، يعتبره العديد من الدبلوماسيين الأكثر إعتدالاً مقارنة مع غيره من الأعضاء في الحركة، على الرغم من خطابه الإسلامي المتشدّد. لبنانياً، هو إنعكاس للإهتمام السياسي التاريخي من قادة الفصائل الفلسطينية بالوجود الفلسطيني في لبنان، كما أنّه في إحدى زيارته الكثيفة في لبنان، أعلن عن «جبهة واحدة» مع حزب الله، اللذان لم يكونا على وفاق في مراحل عدة.

من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، إلى أعلى مركز في حركة حماس، إسماعيل هنية الذي انخرط في الحركة الإسلامية، انتُخب رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس عام 2017 خلفا لخالد مشعل. رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، إغتيل  ليلاً وسط العاصمة طهران، و قد كان مشاركاً في إحتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. وباعتباره الوجه السياسي لحركة حماس، كان له دور مركزي في المفاوضات والدبلوماسية، وأثبت وجوده في محطات عديدة، بالإشارة إلى زياراته العديدة إلى لبنان. 

كانت زياراته لبيروت خاطفة للأضواء في كلّ مرّة، خاصة عام 2022، بعدما غاب عنها 27 سنة، في  خضم حركة سياسية ناشطة على الساحة الفلسطينية في لبنان، بدءاً من الملف الفلسطيني مروراً بالعلاقة مع لبنان وصولاً الى خصوصية محور المقاومة مع التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان. 
وبطبيعة الحال، لعب دوراً بارزاً في زيادة الاهتمام باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ورحلة البحث عن ركائز بديلة في حال الإعلان عن دفن العملية السياسية، والحاجة إلى هجرة سياسية جديدة. وخلال لقاء جمع هنية بآلاف اللاجئين الفلسطينيين في بيروت عام 2020، أكّد الأخير أنّ  حماس قرّرت تقديم مليون دولار في إطار مساعدة اللاجئين، وقد شدّد هنية خلال كلمته على ضرورة توفير حياة كريمة للفلسطينيين في مخيمات اللجوء.

أما علاقته مع الحزب، فهي مثيرة للجدل، فقد برزت التباينات بين الحركة والحزب، في الميدان السوري. ناصر إسماعيل هنية الثورة السورية، ودعم الفصائل في وجه النظام وقواته. في حين كان إيران تحاول دائماً الجمع  بين حماس والحزب.
وفيما يخص العلاقة بين حزب الله وحركة حماس  مباشرة، كان قد ذكر مسؤول العلاقات الدولية والخارجية في حركة حماس أسامة حمدان، في أحد تصريحاته أنّ  الموقف من الثورة السورية لا يعني الفراق النهائي، وتسعى الحركة لإعادة تصويب الأمور إلى المسار الصحيح.
ولطالما رفض هنية موقف سياسة الحزب التي تقف إلى جانب النظام السوري،  وحيا عبر خطاباته الشعب السوري «البطل» الذي يسعى نحو «الحرية والديمقراطية» في بلده، وكانت المرة الأولى التي يتطرّق فيها مسؤول على هذا المستوى من حركة  حماس إلى الأوضاع السورية بشكل مباشر. وفي هذا الإطار، تجنّب هنية الرد على الأسئلة المطروحة حول علاقته بالحزب في تلك الفترة. 
إلّا أنه بعد عملية طوفان الأقصى، عادت وترسّخت الجبهة الواحدة، وكان لهنية في لبنان عدّة لقاءات تجمعه مع أمين عام حزب الله  حسن نصرالله.

والجدير ذكره، أنّ هنية قاد  حركة حماس من قطر وتركيا في السنوات الأخيرة. وكان من بين المفاوضين في المحادثات الجارية بين إسرائيل وحماس، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء الحرب في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تمّ أسرهم في الهجوم الذي قادته حماس خلال عملية طوفان الأقصى على إسرائيل.
وكان هنية  قد ظهر في فيديو بثّته وسائل إعلام مبتهجا برفقة قادة الحركة في مكتبه في الدوحة، بعد عملية طوفان الاقصى مباشرة. 
وخلال أحداث غزّة الأخيرة، ، قُتل ثلاثة من أبناء هنية الثلاثة عشر على يد القوات الإسرائيلية في عملية عسكرية أخرى في غزة. لقد كان صلباً وشجاعاً في مواجهة الخسارة، وقال هنية حينها: «لن نستسلم مهما كانت التضحيات»، مشيراً إلى أنّه فقد بالفعل العشرات من أفراد عائلته في الحرب.

لمحة سريعة
ولد هنية عام 1962 في مخيم الشاطئ للاجئين شمال مدينة غزة، لأبوين فلسطينيين كانا قد نزحا عام 1948 من منزلهما، في عسقلان. درس في المدارس التي تديرها وكالة الأمم المتحدة الرئيسية لشؤون الفلسطينيين، الأونروا، ثم تابع دراسة الأدب العربي في الجامعة الإسلامية في غزة.
وخلال مسيرته المهنية، اعتقلته إسرائيل عام 1989 لمدة ثلاث سنوات، ثم نُفته  إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مع عدد من قادة حماس، حيث أمضى عامًا كاملاً في الإبعاد في عام 1992.
بعد عودته إلى غزة،  عيّن لتولي منصب رئيس الوزراء عام 2006، وأقاله بعدها محمود عباس. 
عام 2018، صنفت الولايات المتحدة هنية إرهابياً وفرضت عليه العقوبات، وصدرت المحكمة الجنائية االدولية مذكّرة إعتقال بحقه بعد عملية طوفان الأقصى.