أيّها الرئيس المنتظر… هل تَسمع؟
أيّها الرئيس المنتظر… هل تَسمع؟
بعد 25 عاماً من الإنهيار، هل يسمع الرئيس المحتمل صرخة شعب لبنان المُتعبة ويُنقذه من الجحيم؟
في أواخر التسعينات، غنّت الفنانة ماجدة الرومي «سيدي الرئيس» من كلمات الشاعرين اللبنانيين هنري زغيب وحبيب يونس وألحان الموسيقار المصري جمال سلامة، فخاطبوا سويًا كل المسؤولين طالبين منهم الإصغاء إلى صراخ شعبهم وتوسّلاته، علّ أبيات القصيدة التي تقشَعِرّ لها الأبدان، يكون لها وقع قوي يُلقى على أكتافهم فيمضون قدمًا نحو بناء مستقبل لبنان العظيم.
أكثر من خمس وعشرين سنة انطوت على «سيدي الرئيس» كأنّها الأمس، وكأنّ كل هذه السنوات لم تمرّ قطّ، فتوزيع الحصص وتخدير الشعب بالخطابات الرنانة لم يترك مجالًا للنداء بأن «يشتغل شغلو».
عقدان من الزمن ولا يزال «القلق المضني يتملّك أيامنا» ويغلغل أكثر فأكثر في أزقّتنا وشوارعنا وزوايا منازلنا ويسير معانقًا للدم في عروقنا. عقدان من الزمن للاشيء نقلا العالم الخارجي إلى التكنولوجيا والتطوّر والإنترنت السريع وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي، فيما بقينا نحن في حالة شلل رباعي، إن لم نقُل أنّنا فقدنا ما لدينا من نقاط قوة وعدنا «خليفاني»
فعلى من قرأتم مزاميركم يا سادة، فبلدنا مند خمس وعشرين سنة وإلى اليوم في انهيار مستمر لكل مكونات الدولة ومؤسساتها؟ نعم، على من قرأتم مزاميركم يا هنري وحبيب، فأحدٌ لم ينقذ أحلام الأطفال، ولم يسمع صوت الأحرار، وبدل المرّتين قد قُتل الشهداء ألف مرة ومرّة.
وها نحن اليوم، بعد كل هذه السنوات الصعبة، نقف أمام «السيد الرئيس» المنتظر، ونحمل إليه القصيدة نفسها والوجع نفسه والأمل نفسه والحرقة نفسها، آملين بأن تُعوَّض لنا سنوات شبابنا الذي سُلب منه الأمان والسلام والطمأنينة… وإليه نقول:
لقد سئمنا الوعود، وسئمنا العهود، وسئمنا الصّبر…وسئمنا مصادرة عمرنا...
سئمنا الأوهام السيادية، والأفلام السياسية، والمشي فوق الألغام اليومية… ولم يعد بنا حيلٌ ولا قوة تساعدنا على تحمّل إنفجار مرفأ آخر، ولا الإنهيارات المتتالية لليرة، ولا حروب تتكرّر كل عقد أو عقدين من الزمن. سئمنا من تصارع السياسيين على مقعد طائفي وعلى التقاسم المتوحش فوق قطعة الأرض الصغيرة هذه، في هذا العالم الكبير.
«يا سيدي الرئيس»… الجديد،
لقد سُبيَت أحلامنا واستُباحت آمالنا… وأضحت عزائمنا أجزاءً مبعثرة لا نعيد ترتيبها حتّى تُضرب من جديد، فأصبحنا أهالٍ يعانقون صور أولادهم عبر الشاشات والمسافات، أو شبابًا نتهافت على أبواب السفارات ونملأ بوابات المطارات وفي صدورنا أوجاعًا لم نعُد قادرين على تحملها أكثر.
فإلى متى سنبكي أرضنا ونغادرها؟
وإلى متى سنودّع الأهل وخوف الوداع الأخير ينهش بأرواحنا؟
كم من مرّة علينا أن نُفطَم عن بلدنا وناسنا وأصدقائنا وعن الشوارع التي نحبّ السير فيها ليلًا، والتلال التي نعشق المناظر من قممها نهارًا؟
وكم من مرة علينا أن نرثي أحلامنا ونندبها ونمشي خلف نعوشها قبل أن يستفيق حكامنا من هذا السُّبات العميق؟
وأخيرًا «يا سيدي الرئيس»… المحتمل!
نأتي إليك وبنا أمل ربما هو الأخير في قلوبنا، لنستودعك لبنان واللبنانيين، فنحن شعب يستحق الحياة ويعشقها، نحن شعب يسعى للنجاح ويتألق، يبتكر الأفكار ويتميّز، يسابق ويتصدّر… وانتشلنا من جحيم التزلّم للخارج، ومن جحيم الفساد، ومن جحيم التحاصص الحزبي والطائفي على حساب الوطن، ومن جحيم لغة الحرب والتخوين، والخناجر المسنونة وراء ظهور حكام البلد، ومن جحيم السلاح غير الشرعي، والمشاريع الإقليمية.
نستحلفك بالله العظيم، ونرجوك نرجوك ألا تنضمّ إلى صفوف المتفرّجين!