غزة تتنفس .. بعد 15 شهراً من الحرب
غزة تتنفس .. بعد 15 شهراً من الحرب
إتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس فما هي بنوده ؟
أعلنت إسرائيل وحركة حماس التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، بعد 15 شهراً من الحرب التي اندلعت عقب الهجوم المسلح الذي نفذته حماس على إسرائيل في7 تشرين الأول2023. جاء هذا الإعلان عقب مفاوضات شاقة شهدت تذبذباً بين التقدّم والتراجع، وضغوط دولية مكثفة، أبرزها تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضرورة وقف القتال قبل توليه منصبه في 20 كانون الثاني 2025.
الإعلان عن الإتفاق
تمّ الكشف عن الإتفاق مساء الأربعاء في العاصمة القطرية الدوحة، حيث أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن توقيع الطرفين(اسرائيل -غزة) إتفاقاً لوقف إطلاق النار، يتضمن سلسلة من المراحل التنفيذية.
بنود الإتفاق الموقع بين إسرائيل وحماس
الإتفاق تضمن بنودًا مفصلة يتم تنفيذها على ثلاث مراحل رئيسية، كما تمّ الإتفاق على تشكيل لجنة مشتركة مصرية قطرية للإشراف على عودة النازحين وتحقيق الالتزامات.
المرحلة الأولى:
مدة المرحلة الأولى 42 يومًا، وتتضمن:
- وقف العمليات العسكرية المتبادلة مؤقتًا بين الطرفين.
- إنسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا من المناطق السكنية إلى منطقة بمحاذاة الحدود، بحدود مسافة 700 متر وفق - خرائط ما قبل 7 تشرين الأول 2023، بما في ذلك «وادي غزة».
- تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي العسكري والإستطلاعي في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يوميًا، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين.
إطلاق سراح الأسرى:
- الإفراج عن 2,000 أسير فلسطيني، بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد وألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر.
مقابل ذلك، تطلق حماس 33 محتجزًا إسرائيليًا على مراحل.
- بعد إطلاق سراح 7 محتجزين إسرائيليين، تنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة مثل شارع الرشيد وشارع صلاح الدين، وتبدأ عودة النازحين وتفكيك المواقع العسكرية.
- يتم فتح معبر رفح في اليوم السابع من الاتفاق، وتُدخل المساعدات والوقود عبر 600 شاحنة يوميًا.
- الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل مدنيين ومجندات إسرائيليات تحت سن 19 عامًا وكبار السن.
- الإفراج عن 30 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كل محتجز إسرائيلي.
- يُمنع إعادة إعتقال الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم.
- إستمرار دخول المساعدات الإنسانية، وإعادة تأهيل البنية التحتية.
المرحلة الثانية:
تستمر أيضًا 42 يومًا، وتشمل:
- إعلان الهدوء المستدام ووقف دائم للعمليات العسكرية.
- إستكمال عمليات تبادل الأسرى، بما في ذلك جميع الرجال الإسرائيليين الأحياء المتبقين.
- إنسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من قطاع غزة.
المرحلة الثالثة:
تمتد كذلك 42 يومًا، وتتضمن:
- إعادة بناء المنازل والبنية التحتية على مدى 3 إلى 5 سنوات.
- تعويض المتضررين بإشراف دولي.
- الإتفاق حدّد أيضًا إستمرار دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في تقديم الخدمات الإنسانية وتنفيذ الخطط الخاصة بإعادة تأهيل القطاع.
خلفية الصراع العربي الإسرائيلي
يمتد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأكثر من قرن، منذ سيطرة بريطانيا على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى. كان الفلسطينيون يشكلون غالبية السكان مع وجود أقلية يهودية، لكن التوترات تصاعدت مع تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين بدعم دولي لإنشاء وطن قومي لليهود، وهو ما رفضه الفلسطينيون.
في عام 1947، صوتت الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، لكن العرب رفضوا الخطة. عام 1948، أعلن اليهود قيام دولة إسرائيل، ما أدى إلى اندلاع حرب مع الدول العربية، انتهت بسيطرة إسرائيل على معظم الأراضي الفلسطينية وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين في ما عرف بـ«النكبة».
بعد حرب عام 1948، وُقّعت اتفاقيات هدنة في عام 1949، ما أدى إلى تثبيت خطوط وقف إطلاق النار، وعُرفت بحدود عام 1967. ومع ذلك، إستمر النزاع عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وسيناء خلال حرب الأيام الستة عام 1967، مما أضاف تعقيدات جديدة إلى القضية الفلسطينية.
في العقود التالية، تأسّست منظمة التحرير الفلسطينية كجهة تمثل الفلسطينيين، واندلعت الإنتفاضات ضدّ الإحتلال الإسرائيلي، أبرزها الانتفاضة الأولى (1987-1993) والثانية (2000-2005). وفي عام 2007، سيطرت حركة حماس على قطاع غزة بعد صراع داخلي مع السلطة الفلسطينية، مما أدى إلى إنقسام سياسي وجغرافي بين الضفة الغربية وغزة.
مع إستمرار الإحتلال الإسرائيلي وتوسع المستوطنات، إضافة إلى الحصار المفروض على غزة، تصاعدت التوترات بين الطرفين، ما أدى إلى سلسلة من الحروب، آخرها التي اندلعت في أكتوبر 2023 واستمرت لمدة 15 شهراً.
ولكن بعد أن تمّ الوصول إلى إتفاقية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يبقى التساؤل قائمًا: هل ستكون هذه الإتفاقية بوابة للسلام الدائم أم مجرد هدنة مؤقتة سرعان ما ستنهار أمام أول اختبار؟ لقد عانى الفلسطينيون لعقود من آلة الحرب والتدمير، وتوالت المجازر بحق المدنيين دون رادع حقيقي أو حلول جذرية تُنهي هذا الصراع الدموي.
إنّ الإتفاقيات المؤقتة، رغم أهميتها في كبح التصعيد ووقف نزيف الدماء، غالبًا ما تبدو كحلول ترقيعية لا تعالج جوهر المشكلة. فالهدنة، مهما كانت بنودها وتفاصيلها، قد تكون مجرد استراحة قصيرة قبل العودة إلى العنف من جديد، إذا لم تُقرن بقرارات جذرية تعيد الحقوق إلى أصحابها وتضمن حياة كريمة وآمنة للفلسطينيين.
يبقى الحل الحقيقي مرهونًا بإرادة سياسية دولية وشجاعة فعلية لإيجاد حل نهائي ينهي معاناة الفلسطينيين، ويضع حدًا للصراع الذي أرهق المنطقة لعقود..