من غزّة إلى بيروت «الخطة ب» لنزع سلاح الميليشيات
من غزّة إلى بيروت «الخطة ب» لنزع سلاح الميليشيات
«الخطة ب» هي مسار ضغط عسكري وإقتصادي وسياسي يجبر حماس على الإختيار بين التخلّي عن سلاحها أو مواجهة تصعيد غير محدود قد يطيح حكمها للقطاع نهائياً.
مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية الأسبوع عن خطة سلام شاملة بين إسرائيل وحركة حماس، بدا واضحاً أنّ المقاربة الأميركية الإسرائيلية الجديدة لا تتوقف عند حدود غزة فقط. فالخطة المؤلفة من عشرين بنداً تبدأ بوقف لإطلاق النار وتبادل للأسرى، وتهدف في جوهرها إلى تفكيك البنية العسكرية لحماس ونقل الحكم إلى سلطة تكنوقراطية بإشراف دولي مع وعود بإعادة إعمار القطاع وضخ مساعدات إقتصادية. غير أنّ الخطة تشترط بشكل واضح نزع سلاح الحركة وخروجها من الحكم، وهو ما وصفته مصادر من مسؤولين في حماس بأنّه «خدمة كاملة للمصالح الإسرائيلية» مؤكدة رفض أي مسعى لتجريد الحركة من سلاحها أو إدخال قوات دولية إلى غزة.
هذا الموقف يُرجَّح أن يقود إلى فشل الصفقة في مرحلتها الأولى، ما سيفتح الباب أمام ما حذّر منه الرئيس ترامب نفسه حين منح حماس مهلة ثلاثة إلى أربعة أيام للقبول أو مواجهة «نهاية حزينة». وبذلك تتحوّل الخطة إلى مسار ضغط عسكري وإقتصادي وسياسي يجبر الحركة على الإختيار بين التخلّي عن سلاحها أو مواجهة تصعيد غير محدود قد يطيح حكمها للقطاع نهائياً.
اللافت أنّ هذا النموذج يلقى صدى متزايداً في النقاشات حول لبنان. فحزب الله شأنه شأن حماس يرفض منذ سنوات الإمتثال لقرارات الدولة اللبنانية وللمطالب الدولية بنزع سلاحه ويبقي ترسانته خارج سلطة الجيش والمؤسسات الشرعية. أمس صرّح السيناتور الأميركي ليندسي غراهام في تل أبيب قائلاً: «الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون طبيعياً مع وجود حزب الله، فقد حان الوقت لرحيله… وإذا فشلت كل السبل السلمية فإنّ الخطة ب هي نزعه بالقوة العسكرية».
وفي حديث مع سياسي أميركي متقاعد على علاقة بمراكز القرار في إسرائيل، أشار إلى أنّ لبنان بدولته ومقاومته قد يواجه المصير نفسه الذي تواجهه حماس اليوم. فهناك رأي متزايد في إسرائيل يعتبر أنّ الدولة اللبنانية تحوّلت إلى غطاء لحزب الله في كل ما يقوم به، وتعمل على حمايته سياسياً وأمنياً، ولم تتّخذ أي خطوة فعلية ضده. كل ما يصدر عنها يقتصر على ألاعيب كلامية لامتصاص النقمة الداخلية والدولية، ما يجعلها درعاً واقياً للمقاومة بدل أن تكون سلطة تضبط سلاحها.
من هنا يبدو أنّ ما يحدث في غزة قد يكون مقدمة لمرحلة إقليمية أوسع تهدف إلى فرض معادلة جديدة بالقوة على كل الميليشيات العابرة للحدود التي ترفض الإنصياع للسلطات الشرعية. وإذا استمر حزب الله في رفض أي مسار لنزع سلاحه وبقيت الدولة اللبنانية متهمة بأنّها توفّر له الغطاء، فقد تتعزّز الضغوط الدولية والإقليمية لتطبيق «الخطة ب» عليه كما يُحكى عن حماس، مع توقع تصعيد عسكري إذا فشلت كل الوسائل السياسية.