"مصمِّمون". لُقاح مضادّ للإحباط التغييريّ
"مصمِّمون". لُقاح مضادّ للإحباط التغييريّ
ستمئة وثلاثة عشرة مهندسة ومهندسا، ظلّلتهم خيمة "مصمِّمون" في باحة نقابة المهندسين في بيروت، يوم الأحد الفائت.
مرّوا جميعاً على الماكينة الإنتخابيّة، تحت الخيمة تلك، لنقل لائحة مرشّحيهم الثلاثة والأربعين، بلا ضجيج، إلى صناديق الإقتراع، طمعاً باستكمال النضال المتعثّر والصعب في مساحتهم النقابيّة.
"ليس الإحباط قدرًا"
يعكس العنوان "مصمِّمون" وضوح المكتوب في ذهنيّة نشطائه من مرادٍ وأهداف. والمكتوب، بِحسب المقولة الشعبيّة اللبنانيّة، يُقرأ من عنوانه. عنوانٌ هو، بلا التباس، ترجمةٌ شديدة الإختصار لفلسفة سمير قصير: ليس الإحباطُ قدرًا.
شارك أكثر من ثلاثة آلاف من أهل النقابة في اختيار مندوبين ورؤساء للفروع. رقمٌ ارتفاعُه غير مألوفٍ، عادةً، في المرحلة الأولى من الإنتخابات. لكنّ ائتلاف "النقابة تنتفض" رفع، قبل ثلاث سنوات، شهيّة الأحزاب على حصد وتحاصص مقاعد مجلس المندوبين، بعد حملةٍ متقنةٍ له في أهميّة دوره كهيئةٍ رقابيّةٍ على مجلس النقابة والنقيب. منذ ذلك الحين، نفض المجلس المذكور غبار سنوات التزكية عن مقاعده، وباتت المرحلة الأولى من الإنتخابات تتّسم بالوعي والجهد والجدّية والمنافسة والحدّة.
في "شاعريّة" هزيمة كلّ أحزاب السُلطة
بعد مراجعة دقيقة وعمليّة نقدٍ قاسيّة، بدت مجموعات "مصمِّمون"، هذه المرّة، أكثر رشاقة ونضجًا في الأداء السياسيّ والإنتخابيّ من السابق. فهُم لا يتردّدون في رجم أنفسهم في العلن، ولا يهابون تعداد أخطائهم وزلّاتهم على امتداد مسيرتهم النضاليّة في النقابة. هم يتحمّلون، بشجاعةٍ وثقةٍ، أوزار كلّ خطأ ارتكبوه في كلّ ما أُنجِز وما لم يُنجَز. لا يغسلون أيديهم من ذاك الصدّيق ولا يدفنون رؤوسهم في رمال الخيبة والخبث. بل يتكلّمون في كلّ شيء. في حلو تجربة "النقابة تنتفض" ومُرِّها. في تعب ليالي التحضير وإرهاق الإجتماعات الّتي لا تنتهي ولحظات الفوز التّي لن تُنتسى. وأيضًا، في شاعريّة هزم أحزاب السُلطة؛ كلّ أحزاب السُلطة. هم اعتمدوا، هذه المرّة، أسلوبًا أكثر جرأة ورشاقةً من ذي قبل. لم يغرقوا، كما في السابق، بعرقلة الآليات البطيئة ولم يخضعوا لابتزاز الطامحين والمتسلّقين. رشّحوا، بهدوءٍ، ثلاثة وأربعين مندوبًا ومندوبةً فقط. أوصلوا منهم ستّة وعشرين. رشّحوا من بهم ثقة رفاقهم ممّن لديهم قدرة الحضور الجدّي والقيام بمهام الرقابة ومتابعة الملفّات المحدّدة.
"لا يُلدغ الثائر من متسلِّقٍ مرّتين"
بعد نتيجة الأحد الماضي المضادة للإحباط، بات واضحًا أنّ نوافذ الأمل هي كلّ ما يلزم لتعبئة القوى التغييريّة في لبنان. ليس صحيحًا أنّ أجواء ١٧ تشرين انتهت إلى غير رجعة. ليس صحيحًا أنّ الإنجاز من خارج أحزاب السُلطة هو محض خرافة. فالمناضلون الحقيقيّون قادرون، مع الإحاطة والجهود المناسبة، على الإبتكار والنجاح وتقديم المفيد.
يتحضّر نشطاء "مصمِّمون"، بثباتٍ وثقة، لخوض انتخابات أعضاء الهيئة العامة ومنصب النقيب في ١٤ نيسان القادم. يحرصون، هذه المرّة، على ألّا يحصد جهودهم، بعد اليوم، إلّا من هو مستحقٌ وقادرٌ على الإيفاء والإنجاز، ويردّدون: لا يُلدع الثائر من متسلّقٍ أو خائفٍ أو خائنٍ مرّتين.