قراءة في الإصابات الرياضية وآليات التعامل معها

قراءة في الإصابات الرياضية وآليات التعامل معها

  • ٠٥ أيار ٢٠٢٤
  • محمد فوّاز

رحلة التعافي من الإصابات الرياضية للعودة إلى الملعب.

تُعرّف الإصابات الرياضية بأنّها الإصابات التي تحدث للشخص أثناء ممارسته لنشاط ما، سواء كان ذلك في سياق المنافسات الرياضية على المستوى المحلي أو العالمي، أو في سياق الألعاب الرياضية اليومية في الحياة العادية، مثل اللعب في الفرق المدرسية أو في باحات المنازل.
وتشمل الإصابات الرياضية عدة أجزاء مختلفة من الجسم، بما في ذلك العظام والعضلات والمفاصل، يمكن أن تتضمن أنواعًا مختلفة من الإصابات مثل الرضوض والجروح السطحية والإصابات العضلية وإصابات الرأس والكسور.
تتراوح درجة خطورة الإصابات الرياضية ما بين الطفيفة والخطيرة، وقد تؤدي إصابات خطيرة إلى إعاقة دائمة أو حتى إنهاء مسيرة اللاعب الرياضية. وإذا لم يتمّ علاج الإصابات الرياضية بشكل صحيح، يمكن أن تتسبّب في مشاكل طويلة الأمد للشخص المتضرّر، مثل الألم المزمن وضعف الحركة.
لتجنّب الإصابات الرياضية، من المهم اتباع تقنيات السلامة المناسبة وارتداء المعدات الواقية المناسبة، والتدريب بشكل صحيح قبل بدء أي نشاط رياضي، والتأكد من إستخدام تقنيات السلامة الصحيحة خلال الممارسة.
عند الشعور بألم أو تصلّب ما قبل جلسات التمارين أو اذا استمر لفترة طويلة فقد تكون مصاباً، مما قد يعني أنّه يجب تغيير النشاط وطلب المشورة الطبية. أما بالنسبة للأوجاع العامة وآلام العضلات فهي علامات على عضلات متعبة ولا داعٍ للقلق طالما أنّها لا تستمر لأكثر من ساعتين.
التقييم الأولي لأي إصابة يجب أن يشمل فحص التورم أو الألم وتحديد ما إذا كانت لها تأثير سلبي في الحركة. ويمكن إجراء الإسعافات الأولية الأساسية وفقًا لمبادئ الحماية، الراحة، الثلج، الضغط، رفع العضو المصاب لتخفيف الألم والإنتفاخ وتقديم الدعم الموقت. 
في النهاية، يُشجع دائمًا على الحصول على المشورة الطبية في حالة الشك أو القلق بشأن الإصابة، حيث يمكن للطبيب تقديم التوجيه والعلاج اللازم لتجنّب تفاقم الحالة وتسريع عملية الشفاء.
أما الإصابات الرياضية الأكثر شيوعًا فهي: السقوط أو الضربة القوية، وعدم الإحماء (التسخين) بشكل صحيح قبل ممارسة الرياضة، واستخدام معدات غير مناسبة أو بتقنية غير صحيحة، والإجهاد، والالتواءات، وإصابات الركبة (تتكون مفاصل الركبة من 4 أربطة كبيرة هي: الرباط الجانبي الوحشي والرباط الجانبي الإنسي والرباط الصليبي الأمامي والرباط الصليبي الخلفي. ومن الممكن أن تؤدي الإصابات أو التمزق في أي من هذه الأربطة إلى حدوث خلع يمنع المريض من ممارسة الرياضة لحين شفائه منها تمامًا)، وإصابات الظهر، وتورم العضلات، وتمزق وتر أخيل، والكسور، والخلع، وإصابات الكفة المدورة التي تعتمد على حركة الكتف بشكل مستمر.

أنواع الإصابات 
ممارسة الرياضات التي تتطلّب الإحتكاك الجسدي مثل كرة القدم، وكرة السلة، والرياضات القتالية قد تزيد من خطر حدوث إصابات في العضلات والأربطة والمفاصل. هذه الإصابات قد تكون نتيجة للتدخّل المباشر مثل السقوط أو الإصطدام بلاعب آخر، أو قد تحدث نتيجة للحركات المتكررة والمكثفة التي تضع الجسم تحت ضغط كبير.
الإصابات الرياضية يمكن أن تؤثر بشكل خطير على قدرات الشخص الوظيفية، فتحدّ من قدرته على الحركة والأداء البدني، وقد تتسبّب في فقدان القدرة على ممارسة النشاط الرياضي لفترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الإصابات الرياضية إلى تعكير صفو الحياة اليومية للشخص المصاب، مما يؤثر في جودة حياته ويقلّل من قدرته على تنفيذ المهام اليومية بكفاءة.
ويمكن تصنيف هذا النوع من الإصابات في مجموعتين:
1 - تحدث الإصابات الناتجة عن الإحتكاك في الرياضات التي يشارك فيها لاعبان على الأقل أو أثناء الرياضات الجماعية التي تنطوي على الإحتكاك أو التصادم. ومن الممكن أن يؤدي الإحتكاك الجسدي إلى حدوث إصابات في العضلات والأربطة إذ تخرج من موضعها أو تتعرّض للتمزق. ومن أكثر الرياضات التي يحدث فيها هذا النوع من الإصابات كرة القدم وكرة السلة والركبي.
2 - تحدث الإصابات غير الناتجة عن الإحتكاك للفرد نتيجة حركة طائشة مثل القفز أو السقوط الذي يؤدي إلى حدوث إلتواء في الجسد مما ينتج عنه حدوث إصابة في العضلات والأربطة والمفاصل أو تمزقها.
يمكن تصنيف شدّة الإصابات الرياضية إلى 4 مستويات:
المستوى الأول: الإصابات العضلية التي لا تنطوي على التمزّق وهي عادةً تمدّدات أو تقلّصات في العضلات، وتكون أقل خطورة من الإصابات التي تتضمّن تمزقًا في الألياف. قد تحدث هذه الإصابات نتيجة للتمارين الرياضية المكثفة أو الحركات الخاطئة أثناء التمارين. وعلى الرغم من أنّ هذه الإصابات قد تسبّب ألماً طفيفاً، إلّا أنّها عادة ما تكون أقل خطورة وتحتاج إلى وقت أقل للشفاء مقارنة بالإصابات التي تنطوي على تمزّق الألياف العضلية.
المستوى الثاني: الإصابات العضلية التي تنطوي على تمزّق طفيف قد تكون مؤلمة عند ملامستها أو عند محاولة إستخدام العضلة المصابة. ويمكن أن يترافق الألم مع ظهور كدمات أو تورّم في المنطقة المصابة من دون التأثير في الحركة والإستخدام غالباً.
المستوى الثالث: التمزّقات العضلية الخفيفة التي تؤثر بشكل كبير في الحركة عادةً ما تكون مؤلمة وقد تسبّب ظهور كدمات ملحوظة في المنطقة المصابة. يحدث هذا التمزّق نتيجة لتمديد زائد أو تحميل مفاجئ للعضلة، مما يؤدي إلى تمزّق أجزاء من الألياف العضلية. عادةً ما تكون مؤلمة جدًا عند تحريك العضلة المتضرّرة أو عند الضغط عليها، وقد تسبّب صعوبة في الحركة والقيام بالأنشطة اليومية. ويمكن أن تتطلّب هذه الإصابات فترة زمنية طويلة من الراحة والعناية الذاتية للتعافي.
المستوى الرابع: التمزقات العضلية الشديدة التي تسبّب خلعاً في المفاصل والشعور بآلام شديدة تعتبر إصابات خطيرة تؤثر بشكل كبير في حياة المريض اليومية. ويمكن أن يكون التمزّق الشديد مصحوباً بتمزّق في الأنسجة المحيطة والأربطة، مما يزيد من حدة الألم ويقلّل من قدرة المريض على استخدام الطرف المصاب. قد يعاني المصاب من صعوبة كبيرة في الحركة والقيام بالأنشطة اليومية الأساسية مثل المشي والصعود والنزول. يجب علاج هذا النوع من الإصابات بجدية وفورًا لمنع حدوث مضاعفات أو تدهور الحالة. الإصابات الشديدة غالبا ما تتطلب التدخّل الجراحي لإعادة بناء الأنسجة المتضررة واستعادة وظيفة المفصل المتضرّر. ويتمّ تحديد نوع الجراحة المناسبة وفقا لطبيعة وشدة الإصابة وحالة المريض العامة.

الإجراءات العلاجية 
تعتمد طرق علاج الإصابات على نوع وشدة الإصابة، ويمكن أن تشمل مجموعة من العلاجات لتحسين الشفاء واستعادة الوظيفة الطبيعية للجسم. أما أنواع العلاجات فهي:
1 - يعتبر العلاج الطبيعي جزءاً مهماً من عملية الشفاء للعديد من الإصابات الرياضية. يهدف العلاج الطبيعي إلى تحسين وظيفة الجسم وتخفيف الألم من خلال مجموعة متنوعة من التقنيات والتمارين. يمكن للعلاج الطبيعي أن يكون مفيدًا بشكل خاص في حالات إصابات الأربطة أو الغضاريف، حيث يمكن أن يساعد على تقوية العضلات المحيطة بالمفصل المتضرّر وتحسين استقراره. يمكن استخدام تقنيات العلاج الطبيعي مثل التمارين التأهيلية، وتمارين تحسين المرونة، وتقنيات العلاج اليدوي لتخفيف الألم وزيادة مدى الحركة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتم توجيه المريض إلى استخدام جبيرة أو أدوات تعزيزية أخرى لدعم المفصل المتضرر وتقليل الضغط عليه أثناء التحرك. 
2 - يمثل العلاج الدوائي أو الصيدلاني جزءا مهماً من إدارة الألم والالتهابات المرتبطة بالإصابات الرياضية، وذلك عبر استخدام مجموعة متنوعة من الأدوية التي تهدف إلى تخفيف الألم وتقليل الالتهابات. تشمل هذه الأدوية مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، التي تساعد على تحفيف الألم والالتهابات بشكل فاعل. كما يمكن استخدام الأدوية التي تحتوي على المورفين، مثل الأدوية الوريدية والكريمات الموضعية، لتخفيف الألم الشديد. يمكن أيضاً إستخدام أدوية أخرى مثل المسكنات البسيطة ومضادات الإلتهاب لعلاج الكدمات العادية، ويُنصح عادة بتناول هذه الأدوية مع الراحة للمساعدة على تسريع عملية الشفاء. 
3 - تعتبر الجراحة خطوة ضرورية في بعض الحالات عندما لا ينجح العلاج الدوائي أو الطبيعي، أو عندما تكون الإصابة خطيرة بما فيه الكفاية لتستدعي تدخلاً جراحياً. يمكن أن تكون الجراحة ضرورية في حالات الإصابات العاجلة مثل حالات الخلع وكسور المفاصل الشديدة. ومن الجدير بالذكر أنّ الإصابات الناتجة عن معظم الألعاب الرياضية يمكن علاجها الآن من خلال تقنيات تنظير المفاصل، والتي تساعد على تقليل الآثار الجانبية وتسريع عملية الشفاء. وتقنية تنظير المفاصل تسمح للجراح بإجراء العملية من خلال شقوق صغيرة، وتحسن من فاعلية الجراحة وتقلّل من مضاعفاتها، ويُعتبر جراح العظام المسؤول عن اختيار التقنية المناسبة لحالة كل مريض، حيث يأخذ في الإعتبار نوع الإصابة وحالتها. على الرغم من شيوع تقنية تنظير المفاصل، فإنّ هناك حالات قد تتطلب الجراحة التقليدية، مثل الحالات التي تتطلب غرس الأجهزة أو المعدات لتقوية الطرف المصاب، والتي لا يمكن تحقيقها بواسطة تقنيات تنظير المفاصل.
كما يمكن علاج الإصابات التي تشمل مفصل الكتف والكاحل بطرق مغلقة. الهدف هنا هو إعادة الشخص إلى حالته قبل الإصابة في أسرع وقت ممكن. من أجل تحقيق ذلك، من الضروري تحديد المشكلة وإجراء التخطيط الصحيح وإدارة عملية إعادة التأهيل بعد الجراحة بشكل جيد.