طلاب أميركا.. «كلّما كذّب الإعلام.. دمّر حيّ في غزة»
طلاب أميركا.. «كلّما كذّب الإعلام.. دمّر حيّ في غزة»
شهادات الطلاب في أميركا
«الخيام» تضامناً مع غزة في وجه الإبادة الجماعية، داخل حرم العديد من الجامعات الأميركية، هوموقف له دلالة كبرى كون المحتجين هم النخب المستقبلية في البلاد وفي العالم . ولا تمثل لحظة نضال طلاب جامعات أميركا اليوم إستثناء في حد ذاته، بل يقف وراء هذا النضال إرث تاريخي طويل من الإحتجاج الطلابي عرفته الولايات المتّحدة منذ بداية القرن الماضي.
وقد أنطلقت شرارة الإحتجاجات الطلابية الداعمة لفلسطين من جامعة كولومبيا الأميركية في 17 نيسان الماضي، وسرعان ما انتشرت إلى أكثر من 100 جامعة في 46 ولاية، لتتمدد بعد ذلك حول العالم.
في المقابل، يواجه الحراك حملة واسعة من التضليل الإعلامي وتشويه الأهداف التي يسعى إليها المحتجون، بحيث تقوم هذه الحملة على إتّهام الطلاب في الجامعات، بالعنف والإرهاب ومعادية للسامية،والتحريض من جهات خارجية.
وفي آخر المستجّدات، ردّد طلّاب مدارس بوسطن يوم الإثنين الفائت عبارة: «كلّما كذّب الإعلام.. دمّر حيّ في غزة»، وذلك خلال توجّههم إلى المخيّم الجامعي في حرم كليّة MIT في كامبردج، قبل أن ينضمّوا إلى السلسلة البشرية التي حاولت منع الشرطة من فضّ المخيّم.
يعتبر الطلاب أنّ أعظم كذبة هي أنّ المعسكرات «معادية للسامية» وهي كذبة أورويلية قيلت لتبرير عنف الدولة، وهذا ما يصنعه الأقوياء عندما يفقدون حجتهم.
شهادات الطلّاب
ولفهم ما يحدث داخل الجامعات، لقد نشرت صحيفة «the nation» الأميركية تقارير لمجموعة من الطلاب المشاركين في الإحتجاجات من جامعات مختلفة يسردون تجربتهم داخل الحرم الجامعي .
في هذا السياق، تقول شرادها جوشي الطالبة في جامعة هارفرد، وهي طالبة شاركت في النشاط المؤيّد للفلسطينيين لسنوات، إنّ الجامعة تفشل في الدفاع علناً عن الطلاب الذين يواجهون القمع بسبب نشاطهم أو بسبب آرائهم السياسية. ولقد تعرّضت جوشي للاستقصاء في الخريف، حيث ظهرت صورها ومعلوماتها الشخصية على شاحنة للاستقصاء وفي نيويورك بوست، وديلي ميل . خلال هذه الفترة، لم تتلق َأي دعم من مسؤولي الجامعة.
وتسرد آن ماري جاردين حكايتها المأسوية داخل الإعتقال، وهي طالبة من جامعة تكساس، وقد أمضت في 24 أبريل حوالي 17 ساعة في سجن المقاطعة، وحرمت من مياه الشرب والرعاية الطبية للجروح المفتوحة التي سببتها الشرطة أثناء اعتقالها. قالت جاردين، التي حُرمت من منتجات الدورة الشهرية، كما أنّها أُجبرت على الجلوس بملابسها الملطخة بالحيض، وعندما ذهبت إلى المستشفى بعد خروجها، قيل لها إنّها تعاني من التواء في الرقبة والذراع، والإنتفاخ في أضلاعها،وتشنجات في ظهرها.
من جهة أخرى، لفت طالب آخر، إلى أنّه على الرغم من شعورهم بالكثير من اليأس خلال الأشهر القليلة الماضية، إلّا أنّ التعبئة الأخيرة في الحرم الجامعي أعطتهم الأمل. ويقول: «نحن نحمي بعضنا البعض من ردّ الشرطة الوحشي، و نقدّم الطعام المجاني، ونصنع الفن، ونلتقي بأشخاص جدد وأصدقاء قدامى، ونرقص ..»
بدورها، تؤكّد فيوليت بارون، طالبة في السنة الثانية، أنّ في الجامعة معسكراً مفعماً بالحيوية إلى حدّ كبير، حيث هناك ملصقات في كل مكان تتضمن شعارات مثل «إكشفوا واسحبوا الإستثمارات» .
وقالت بارون، أنّها نشأت في إسرائيل و كانت لديها دائمًا بعض الشكوك بشأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين، إلا أنّها تجنّبت عمومًا التفكير في هذه القضية. وتقول: «في المدرسة العبرية، قيل لي أنّ إسرائيل هي مشروع الحلم الذي أنقذ أجدادنا». ولكن بعد 7 تشرين الأول ، وخاصة بعد تعرّض طلاب جامعة هارفارد للهجوم بسبب نشاطهم، أعادت التفكير في معتقداتها، وانخرطت بنفسها في النشاط المؤيد للفلسطينيين. مضيفة، «باعتباري يهودية، فإنّ هذه القضية ذات أهمية خاصة بالنسبة لي، حيث رأيت الطرق التي تمّ بها إستخدام الحزن اليهودي كسلاح وتمّ اختيار السلامة اليهودية لتبرير جريمة القتل هذه».
وأضاف محمود الثباتا، وهو طالب في السنة الأولى: «لدينا أيضًا برامج لجمع أطراف هذا المجتمع معًا، منها عشاء السبت، ميكروفونات مفتوحة، ومجموعات متقاربة، تقدّم عروضًا راقصة».
إلى ذلك، قد شدّدت سيرين القواسمي، وهي طالبة أمريكية فلسطينية في جامعة تكساس، على أهمية عدم ترك الوحشية التي يتعرّض لها طلبة الجامعات تصرف الانتباه عن هدف التظاهرات. وقالت القواسمي: «هذا لا يقارن حتى بما يعيشه إخواننا وأخواتنا في فلسطين، وغزة على وجه التحديد، كل يوم خلال الأشهر السبعة الماضية».
إنّ صور الأطفال وسفك الدماء، والمشاهد التي تجسّد الجوع والبؤس في غزّة، لم تتقبّلها عقول أبناء النخبة في أهم الجامعات في العالم، وبدلاً أن تكون السلطة الآذان الصاغية، لشبابها المتألّق بالعلم والتعبير السلمي في هذا المجال، اتّخذت من العنف نهجاً لها لتعطي لطلّابها الصورة «المثالية» عن الديموقراطية، تحت «أكذوبة» معادية السامية. لم يصغِ الطلاب إلى هذه الدعاية، وما زالت التحرّكات مستمرّة رغم انتهاء العام الدراسي في أميركا. وتمثّل دعاية معاداة السامية، الكذبة الكبيرة، وهي تقنية دعائية، تستخدم لأغراض سياسية، تُعرَّف على أنّها: تشويه جسيم أو تحريف كبير للحقائق، خاصةً عند استخدامها من قبل سلطة معيّنة. وهذا ما أوضحه طلّاب يهود، في أحاديث صحفية، موزّعين على عدّة جامعات: تافتس، وبراون، وهارفارد، وبرينستون، وكلية أوكسيدنتال، وجامعة كولومبيا، حيث أكّدوا أنّهم لم يتعرّضوا لأي مضايقات أو ترهيب.
وفي الأيام الأخيرة، انعكست الضغوط التي مارسها الطلاب إيجاباً بعض الشيء، في بعض الجامعات، على سبيل المثال:
جامعة كاليفورنيا
تستعدّ الإدارة لتشكيل فريق عمل يتحقّق من أنَّ استثمارات الجامعة تتناسب مع أخلاقيّاتها، والبحث بسحب الإستثمارات، خصوصاً من شركات تصنيع وتصدير الأسلحة.
جامعة مينيسوتا
أجبر منظّمو المخيّم إدارة الجامعة على تنظيم مفاوضاتٍ رسميّة تبدأ في 10 أيّار الجاري حول سحب الإستثمارات من الشركات الداعمة لإسرائيل.
جامعة روتجرز، نيو جيرسي
وافقت الجامعة على استضافة 10 طلّاب من غزّة وإنشاء قسم لدراسات الشرق الأوسط والتعاون مع جامعة بيرزيت في رام الله وتوظيف إداريين وأساتذة عرب وفلسطينيين، إضافةً إلى استخدام كلمة فلسطين والفلسطينيين وغزّة في جميع الرسائل.