إستقتال لاعبي النجمة قادهم إلى اللقب... وتراجع الأنصار إلى الدفاع وراء فقدانه
إستقتال لاعبي النجمة قادهم إلى اللقب... وتراجع الأنصار إلى الدفاع وراء فقدانه
صبرت الهيئة الإدارية للنجمة ووفت بوعودها وبسرعة قياسية فحصدت اللقب لأن الأهم بالنسبة لها هو أن النادي أنهى 10 أعوام من الانتظار، فتوج الفريق بطلاً.
بعد عقد من الزمن حَفِل بالصعود والهبوط والتذبذب والتخبط على المستويات كافة، تمكن نادي النجمة الرياضي من إحراز لقبه التاسع، في الثواني الأخيرة من عمر الدوري الأطول في تاريخ المسابقة اللبنانية إذ استغرق 11 شهراً و5 أيام ما بين 4 آب 2023 و9 تموز 2024.
ومرة جديدة أثبت السيناريو الذي حصل، أن المباريات النهائية وخصوصاً بين الغريمين التقليديين النجمة والانصار لا يمكن التكهّن بنتائجها مسبقاً وأنَّ جميع التحليلات تسقط لتكون الكلمة الأخيرة على أرض الملعب.
وتضاربت مشاعر المشجعين بين المنارة والطريق الجديدة حيث احتشد الآلاف لمتابعة المباراة، فبدأت بفرحة نبيذية استمرت طوال الشوط الأول وانقلبت أنصارية في مستهل الشوط الثاني، لتنتهي «مجنونة» في ملعب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في المنارة بعد تسجيل كابتن النجمة قاسم الزين هدف التقدم والفوز في الوقت القاتل. هذا الهدف الذي أهدى اللقب التاسع إلى النجمة الذي عادل العهد من حيث عدد الألقاب فيما بقي الأنصار في الصدارة بـ14 لقباً بعد إخفاقه في الحفاظ على نظافة الشباك حتى صافرة النهاية.
موسم النجمة
ما مرّ به النادي النبيذي منذ مطلع الموسم، لم يترك أبداً انطباعاً بأنّه سيكون قادراً على التتويج باللقب للمرة التاسعة في تاريخه، لكنه خالف الجميع ووقف على الدرجة الأولى من منصة التتويج.
قبل إنطلاق الموسم، شكّك كثيرون في قدرة النجمة على المنافسة، وزادت هذه الشكوك بعد أن بدا أنّ الأجانب في الفريق ليسوا بالمستوى، فاتُخذ قرار باستبدالهم، لكن الأجانب الجدد كانوا محل انتقادات أيضا.
كما فقد الجمهور الثقة بالمدرب البرتغالي باولو مينيزيس، الذي قاد "النبيذي" إلى لقبي كأس لبنان والكأس السوبر. فكان الافتراق الذي أثار تساؤلات حول البديل المناسب، مما خلق حالة من عدم الاستقرار وزاد من القلق والشكوك.
تولى المدير الفني الجديد الصربي دراغان يوفانوفيتش ومساعده القائد السابق عباس عطوي، المهمة وتغيّر فريق النجمة بشكل كبير. وتم وضع أسس جديدة للفريق، مما جعل الجماهير تنسى مسألة اللاعبين الأجانب وتزداد ثقتهم تدريجياً بنجوم الفريق المحليين الذين تمكنوا من هزيمة العهد ثم الأنصار في المباراة الأخيرة والحاسمة، ليتوّجوا باللقب عن جدارة واستحقاق.
دراغان الذي تولى مهامه منتصف الموسم تماماً، نجح في إعادة تصويب المسار، مع انه لم يختر اللاعبين لكنه اعاد توظيفهم كما ينبغي، ليؤكد بذلك انه مدرب قدير ومتمكن وصاحب باع طويل في عالم التدريب.
وبهذا الفوز، تمكّن يوفانوفيتش من إعادة النجمة إلى منصات التتويج في "نصف موسم" قضاه مع الفريق كمدير فني يعاونه عباس عطوي الذي منح جمهوره الكبير لقب الدوري كمدرب مساعد.
وُصف هذا الإنجاز بالمعجزة من قبل البعض في الملعب، لكنه بلا شك كان نتيجة جهود فريق مقاتل، إذ إن كرة القدم تكافئ كل مجتهد من الإدارة الى اللاعبين والمدربين والجمهور. لكن الفريق أثبت جدارته وتفوقه في نهاية المطاف.
كانت الروح القتالية أبرز عوامل نجاح النجمة التي حملت في نهاية المطاف الكأس إلى المنارة، أي إلى ذاك الملعب الذي شهد العديد من الأحداث خلال الأعوام الأخيرة، والكثير من الخيبات. لكن هذا الجمهور وجد التعويض في رئيسٍ هو مازن زعني (في سنته الثانية كرئيس للنجمة خلفاً للرئيس السابق أسعد صقال) الذي يؤمن إيماناً كبيراً بفريقه ويثق به.
وأثبت الفريق أنه قادر على تحقيق المستحيل. هذه الروح القتالية والجماعية والتلاحم بين الإدارة والجهاز الفني واللاعبين والجمهور كانت المفتاح لتحقيق هذا النجاح الباهر، وإعادة الكأس إلى المنارة.
الهيئة الإدارية
وعلى الرغم من الانتقادات والتشكيك في أدائها، صبرت الهيئة الإدارية ووفت بوعودها وبسرعة قياسية فحصدت اللقب لأن الأهم بالنسبة لها هو أن النادي أنهى 10 أعوام من الانتظار، فتوج الفريق بطلاً، بعدما تمكن من التفوق على غريمه التقليدي الأنصار في المباراة الأخيرة والحاسمة. هذا الفريق الذي خسر أمام الأنصار 4 مرات هذا الموسم، منها 3 مرات في الدوري ومرة في الكأس، عاد وحقق الفوز في اللحظة الحاسمة.
وقطف نجوم النجمة ثمار ما قدموه بفضل الثقة بالنفس وبالزملاء، ولعب كل منهم كأنها المباراة الأخيرة في مسيرته، وكانت النتيجة هدفاً في الدقائق القاتلة حرم الأنصار من لقبه الـ 15 ومنح النجمة وصافة اللائحة الذهبية بالتساوي مع العهد بـ 9 ألقاب. هذا الفوز جاء تتويجاً للإرادة والعزيمة، وأثبت أن الروح القتالية والتلاحم بين اللاعبين والجمهور والإدارة يمكن أن تحقق المعجزات.
ويُسجّل للنجمة أنه خاض المباراة بمجموعة من اللاعبين الشباب، مع غياب لاعب أجنبي متميّز افتقد إليه الفريق طوال البطولة، واعتماد ميزانية تماثل ميزانيات فرق اعتيادية، ولا تصل بأرقامها إلى ميزانية نادي الأنصار، علماً أن فريق النجمة وهو الفريق الأصغر سناً بالنسبة لأعمار اللاعبين بين فرق المقدّمة كالأنصار والعهد والصفاء.
هدية إلى الجنوب وغزّة
وحرص رئيس نادي النجمة وعدد من لاعبيه على إهداء تتويج الفريق بلقب الدوري المحلي لكرة القدم إلى شهداء غزه وجنوب لبنان.
وأهدى مازن زعني رئيس نادي النجمة هذا التتويج إلى شهداء غزة، وقال: "أهدي هذا التتويج الى أهلنا في جنوب لبنان والبقاع وكذلك في غزة".
من جانبه، قال علي السبع نجم الفريق: "نقدم هذا التتويج الى شهدائنا الابطال في الجنوب وكذلك في غزة".
وسيكون النجمة ممثل لبنان الوحيد آسيويًا في النسخة الأولى من مسابقة كأس التحدي الآسيوي بعد إلغاء مسابقتي دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي واستبدالهما بدوري أبطال آسيا للنخبة ودوري أبطال آسيا «2» ودوري التحدي. وجرى تصنيف لبنان في المسابقة الأخيرة بمقعد مباشر وحيد في الدور الأول.
صدمة الأنصاريين
في المقابل، لم يصدق الأنصاريون أن اللقب الـ15 الذي انتظروه طوال الموسم وكان في الجيبة حتى الدقيقة 90+7 من الوقت بدل الضائع، انتزعه كابتن النجمة قاسم الزين بتسجيله هدف الفوز باللقب وأهدى ناديه أغلى ثلاث نقاط في تاريخه، بعد أن كان فريقه متقدما بهدف عن طريق خليل بدر، ومعادلة الحاج مالك تال للنتيجة.
وسقط الهدف «القاتل» سقوط الصاعقة على الإدارة والجهاز الفني واللاعبين والجمهور، خصوصًا أنَّ النادي الاخضر هزم النجمة ثلاث مرات في الدوري ومرة في كأس لبنان.
ولا يمكن توصيف الحالة الأنصارية في جونية. بين الصدمة والذهول والغضب وقف الأنصاريون مصعوقين، خصوصاً الآلاف في ملعب بيروت البلدي حيث وضعت شاشة كبيرة للجمهور الممنوع من الحضور. لم يصدق الأنصاريون أنّ الفريق الذي هزموه ثلاث مرات في الدوري ومرة في كأس لبنان فاز عليهم وانتزع من فمهم الدوري الخامس عشر.
دفاع الجوهري
لكن هذا هو السيناريو الذي حصل. سيناريو أثبت أنّ كرة القدم تعطي من يعطيها حتى النهاية، وقادرة على نسف جميع التحليلات حين تدور على أرض الملعب وتكون الكلمة الأخيرة لأقدام اللاعبين خصوصاً بين النجمة والأنصار.
كلمة حق تقال أنّ المدرّب يوسف الجوهري الذي تولى قيادة الفريق منتصف الموسم نجح في إعادة الاخضر الى السكة الصحيحة بعد فترة صعبة في البداية، فتقدم الأنصار إلى الصدارة واحتفظ بها على فترات وكاد يفعلها ويحرز اللقب إلّا أنّ سوء الحظ والثقة الزائدة بالنفس عابا لاعبيه في الثواني القاتلة.
لكن ما يؤخذ على الجوهري هو أداء فريقه الدفاعي في الشوط الثاني خصوصاً بعد هدف التعادل، إذ ترك الساحة لفريق النجمة الذي إستحوذ على الكرة وهاجم بضراوة مستغلاً تراجع المنافس، فهل كان ذلك بتوجيه من المدرّب أو بقرار ذاتي من اللاعبين الذين أرادوا خطأً الحفاظ على التعادل الذي كان يكفيهم لإحراز اللقب.
ونال الحاج مالك تال في نهاية المباراة جائزة الراحل عدنان الشرقي بنسختها الاولى لهداف الدوري البالغة 3 آلاف دولار بعدما سجل 20 اصابة.
يذكر أنّ «النهائي الحلم» تكرّر تاريخياً للمرة الرابعة بين قطبي الكرة اللبنانية منذ العام 2005.