عروس الجنوب.. لم تترك «لبنان الكبير»!

عروس الجنوب.. لم تترك «لبنان الكبير»!

  • ٠٧ تموز ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

ليست أرضاً للحروب فقط.. ما لا تعرفه عن عين إبل!

عين إبل،عروس الجنوب، من أجمل ضيع لبنان، تستلقي على تلتين متداخلتين وتعُد الأعلى في  جبل عامل، تتحدر منها عائلات من شمال لبنان إلى جنوبه. أتى الموارنة إليها من جبة بشرّي، والروم من العاقورة، في أواخر القرن السادس عشر، فكيف لا تتأصّل في هذه الأرض الخصبة الإرادة الصلبة في البقاء. بالوطن؟..  تاريخها يحاكي جماليتها، حيث وصلت إلى متحف اللوفر في باريس. 
 
 
عين إبل بلدة من بلدات جنوب لبنان،تتبع إدارياً قضاء بنت جبيل،تبعد عن بيروت حوالى 140 كلم، وتنتشر على تلة ترتفع من 750م وحتى 850م عن سطح البحر.
فقد سكن الإنسان عين إبل منذ عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا، وهي متميّزة بكثرة المياه وخصوبة أرضها. كما تشتهر عين إبل بمعالمها الأثرية وبتاريخها العريق، وهذا ما دفع المؤرخ الفرنسي إرنست رينان إلى زيارتها خلال بعثته العلمية الى لبنان بين العامين 1961-1860 وقد وثّق ما شاهده في كتابه «مهمة في فينيقيا» المنشور في العام 1863 هذا مع الإشارة إلى أنّ رينان قد أخذ معه من موقع الدوير نقشاً يعود إلى القرن الثاني الميلادي، ولا يزال معروضاً حتى اليوم في متحف اللوفر بباريس، كما توجد نسخة أصلية من النقش في عين إبل.
 
عين إبل وقبر النصراني
بالعودة إلى التاريخ القديم،  سكن البشر هذه البقعة من  الأرض منذ سنة 110 م ويحكى أنّ في تلك الأيام، ساد الخوف بين أبناء عين أبل، بسبب وحش متنقّل بينهم، فتصدى له راهب من السكان وقتله. ومنذ ذلك الحين يسمّى المكان الذي قتل فيه الوحش «قبر النصراني».
مع تطوّر السنين، إزداد عدد العائلات الوافدة إلى عين إبل من كلّ لبنان، وكان ذلك بناء على طلب من الأمير فخر الدين، الذي اعتبر أنّه يدفع ضرائب على هذه الأرض، ولا يستغلّها. طلب حينها الأمير فخر الدين، أن يتجمّع الموارنة فيها. 
 
مجزرة 1920: لا للإسترقاق الفلسطيني والإستبعاد الإسرائيلي
 
هؤلاء الموارنة، هم رأس الحربة في حفظ لبنان الكبير عام 1920، طبعاً المسيحيون الآتون من جبة بشري ، ومنطقة العاقورة…. فهم ليسوا إلّا شعباً سكراناً بالأرض التي يقطنها، وكان هذا حال أهالي عين إبل. 
إذ، بعدما حاول الأمير فيصل التحريض من أجل ضم لبنان لسوريا الكبرى، وقعت مجزرة عين إبل، حيث دفع أهالي المنطقة دمهم ثمن بقاء لبنان الكبير كما هو، ونزح البعض منهم إلى فلسطين.  وقد أرسل الأهالي بعد هذه الأحداث رسالة إلى البطريرك إسطفان  دويهي آنذاك وجاء فيها بصريح العبارة: «لا نستغني عن وطننا، كما نرفض الإلغاء والإنتقاص من وجودنا من أي جهة أتى».
 
كعك العيد من عين إبل إلى العالم
ناهيك عن تاريخ تلك القرية الذي إقترن بالتشبث بالأرض ، كانت ثقافة الحياة أقوى من الموت، ما زالت العائلات تجتمع في عين إبل في الأعياد الكبيرة، وأهمّها عيد السيدة. خفُتَ المهرجان بعد جائحة كورونا والأزمة، لكن بقيت رائحة الكعك المميز،  تفوح في الجنوب. ويقول أحد أبناء المنطقة أنّ نساء القرية يحضّرن الكعك في الأعياد، بطعم مختلف حتى أنّ البعض أنشأوا مشاريع صغيرة لتسويقه على بعض أسواق الدول العربية. 
 
بين الآثار والثقافة 
ومن اللافت الآثار القديمة في هذه القرية، نسبة لأهميتها، ومنها موقع الدوير الأثري، حيث  تشير اللقى الفخارية إلى أنّها كانت مخزناً للمنتوجات الزراعية، وتدلّ أشكالها، بحسب علماء الآثار، إلى حقبات الهللينيستية، الرومانية، البيزنطية، والإسلامية.
وعلى صعيد الكنائس في المنطقة، تعدّ كنيسة السيدة واحدة من أكبر كنائس القرى اللبنانية. بدأ بناؤها  زمن العثمانيين عام ١٨٦٤ وفيها لوحة السيدة العذراء العائدة إلى عام  ١٩٠٦، وتعدّ اللوحة  اللوحة الوحيدة في لبنان التي تعالج موضوع رضاعة الطفل يسوع. 
 
ختاماً.. عين إبل هي عين الحياة
أخيراً، تنشر عين إبل شغف  الحياة، بين التاريخ والثقافة،  وتعود تسميتها الى جذور سامية وبحسب ترجيح أنيس فريحة إبل كلمة جذورها سامية وقد تعني العشب والأرض الزراعية .  فضلاً عن إحتمالات أخرى  منها الحزن والإكتئاب، أو الراهب ولابس السواد...