«باريس 2024»: افتتاح خارج عن المألوف في نهر السين... وعروض تاريخية ما زالت في الذاكرة
«باريس 2024»: افتتاح خارج عن المألوف في نهر السين... وعروض تاريخية ما زالت في الذاكرة
للمرة الأولى في تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية، سيقام حفل الافتتاح خارج أسوار الملعب. ستفتح باريس 2024 آفاقًا جديدة وذلك بوضع الرياضة في قلب المدينة، حيث من المقرر أيضاً أن يقام حفل الختام في قلب المدينة على طول شريانها: نهر السين.
ستهتز مساء غد الجمعة ضفاف نهر السين على إيقاع حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الصيفية المقامة بنسختها الـ33 في باريس عاصمة فرنسا، ما بين 26 تموز الجاري و11 آب المقبل.
وستكون هذه الإحتفالات غير مسبوقة، إذ قرر المنظمون قبل سنوات أن يقام العرض في قلب المدينة، وهو رهان يتطلب الكثير من التحديات والإجراءات الأمنية الهامة. ومن بين الأحداث المنتظرة، مواكب الفرق التي ستنقل على متن قوارب على طول النهر. ومن المستحيل تصور حفل افتتاح من دون هذه اللحظة المحبّبة لدى الرياضيين، حيث يظهرون بزيهم الرسمي خلف حاملي أعلامهم.
التفكير بشكل إبداعي وإحداث ثورة في الألعاب مع الابقاء عليها متاحة أمام جمهور عريض: هذا هو التحدي الذي واجهته باريس 2024. بفضل الجهود المتضافرة التي بذلتها لجنة باريس 2024، إلى جانب مدينة باريس، والحكومة الفرنسية، واللجنتين الأولمبية الدولية والأولمبية الوطنية، تم تصميم حفل الافتتاح بشكل جديد وفريد من نوعه.
حفل واحد وسوابق عِدة
ستتّسم مراسم الافتتاح بالجرأة والتفرّد والابداع. ستقدم باريس 2024 حفل افتتاح من شأنه أن ينضم إلى أكثر اللحظات الخالدة في تاريخ الألعاب.
للمرة الأولى في تاريخ الألعاب الأولمبية الصيفية، سيقام حفل الافتتاح خارج أسوار الملعب. ستفتح باريس 2024 آفاقًا جديدة وذلك بوضع الرياضة في قلب المدينة، حيث من المقرر أيضاً أن يقام حفل الختام في قلب المدينة على طول شريانها: نهر السين.
في حُلة تقديم جديدة من نوعها، سيقام موكب الرياضيين على ضفاف نهر السين وسيحمل كل قارب على متنه وفدًا وطنياً مشاركاً في الألعاب. ستكون هذه القوارب مجهزة بكاميرات تسمح للتلفزيون والمشاهدين عبر الانترنت برؤية الرياضيين عن قرب. خلال رحلتهم من شرق النهر إلى غربه، سيعبر الرياضيون الـ10.500 وسط باريس، وهو المسرح العام الذي سيستضيف مختلف الانشطة خلال الألعاب حيث سيعرض فيه المتنافسون براعتهم الرياضية على مدى الأيام الـ16 المقبلة. سيختتم الموكب مساره البالغ طوله 6 كيلومترات أمام ساحة تروكاديرو، حيث ستقام الفقرات المتبقية من البروتوكول الأولمبي والعروض النهائية.
حفل مجاني
يُعد تنظيم حفل مفتوح للجماهير العريضة، من دون دفع رسوم الحضور لأغلبية المتابعين، سابقة رئيسية في تاريخ الألعاب. لن يحتاج عشاق الرياضة لتذاكر الوصول إلى الأرصفة العلوية، أما من يرغبون في الوصول إلى الأرصفة السفلية، من جسر أوسترليتز إلى جسر إينا، فسيحتاجون إلى شراء التذاكر.
صمّم الحفل المخرج المسرحي توماس جولي، الذي يعمل مع فريق إبداعي يضم كاتبة المسلسل الشهير «كول ما إيجنت» فاني هيريرو، والمؤلفة الشهيرة ليلى سليماني، والمؤرخ البارز باتريك بوشرون.
ويتألف العرض من 12 قسمًا مختلفًا، يتضمن حوالي 3000 فنان من راقصين ومغنيين يتمركزون على ضفتي النهر والجسور والمعالم السياحية، كما أن ثلثا الحفل وقت حفل الافتتاح سيكون في عز النهار وستكون هناك عروض جوية في العاصمة الفرنسية.
وسيتم استخدام برج إيفل كشاشة عملاقة لعروض ضوئية، على أن يُختتم الحفل بإشعال الشعلة الأولمبية.
وستسمح ثمانون شاشة عملاقة ومكبرات صوت موضوعة بشكل استراتيجي للجميع بالاستمتاع بالجو السحري لهذا العرض الذي سيتردد صداه في جميع أنحاء العاصمة الفرنسية. سيكون حفل افتتاح الألعاب الأولمبية باريس 2024 هو الأكبر في تاريخ الألعاب. وسيكون مفتوحًا للجميع: سكان باريس ومنطقتها، وكذلك الزوار من جميع أنحاء فرنسا والعالم.
سيُشكل الرياضيون قلب وروح الحفل. ستفتتح مواكب الرياضيين المراسم مما سيجعل باريس 2024 أول نسخة تكسر التقاليد السائدة. سيظهر الرياضيون على المسرح خلال انطلاق الحفل وعلى مدار المراسم كجزء من الهدف المتواصل للجنة باريس 2024 لاقامة ألعاب أُنشئت من قِبل الرياضيين ومن أجلهم.
مسار الموكب
سيتبع الموكب مسار نهر السين، من الشرق إلى الغرب على مسافة 6 كيلومترات. سينطلق الموكب من جسر أوسترليتز الى جانب حديقة النباتات الساعة 7.30 مساءً بتوقيت وسط أوروبا (8.30 مساءً في بيروت) ويشق طريقه حول الجزيرتين في وسط المدينة (إيل سانت لويس وإيل دو لا سيتي) قبل مروره تحت العديد من الجسور والبوابات.
سيستغرق الحفل 3 ساعات و45 دقيقة، وسيتم استعراض الوفود على متن 35 قاربًا على نهار السين وسط 2000 راقص يقدمون عروض فنية رائعة، ومع حضور جماهيري يصل إلى 300 ألف متفرج.
وسيتمكن الرياضيون من القاء نظرة على بعض المنشآت الرسمية للألعاب، بما في ذلك الحديقة الحضرية في لا كونكورد، ومتنزه ليزانفاليد، والقصر الكبير، وأخيرًا جسر لينا حيث سيتوقف الموكب قبل نهاية الحفل في تروكاديرو.
تقليد يعود إلى 1908
وهذه المرة الثالثة تستضيف باريس الألعاب الصيفية، بعد دورتي باريس 1900 وباريس 1924. وبذلك، ستصبح باريس ثاني مدينة تستضيف الألعاب الأولمبية الصيفية ثلاث مرات بعد لندن التي استضافتها أعوام 1908 و1948 و2012.
ويرجع تقليد العرض الافتتاحي إلى عام 1908 في ألعاب لندن، ويبدو إشعال المرجل بلا شك أحد أبرز لحظات حفل الافتتاح. في عام 1992 في برشلونة، دخل الرامي البارالمبي الإسباني التاريخ عندما أشعل المرجل بطلقة سهم. وكيف ننسى الأسترالية كاثي فريمان عام 2000، والأميركي محمد علي في أتلانتا عام 1996، أو لاعبة التنس اليابانية نعومي أوساكا في طوكيو عام 2021.
أما بالنسبة للعروض الفنية، فإن القمة تعود إلى حفل لندن عام 2012، حيث شارك جيمس بوند، والملكة إليزابيث الثانية، وكذلك ديفيد بيكهام في العرض.
في تاريخ الألعاب الأولمبية، كانت هناك مراسم افتتاح مذهلة قليلة قد تكون زالت من ذاكرتنا، ويبدو اليوم مناسباً لتحديثها واستعادة هذه اللحظات السحرية مرة أخرى.
وهنا أفضل حفلات افتتاح أولمبية على الإطلاق:
1 – بكين 2008:
الصينيون تفننوا في سرد تاريخهم العريق في مراسم حفل الافتتاح وألهبوا ستاد "عش الطائر" ومعه مشاعر المتابعين بوابل من الألعاب النارية واللوحات الرمزية التي تسلب الألباب، بحضور 91 ألف متفرج في العاصمة بكين ونحو 4 مليارات متفرج عبر شاشات التلفزة. وعرض حفل الافتتاح الرائع عراقة وثقافة الصين على مدار خمسة آلاف عام من تاريخها.
كما شهد الافتتاح عروضاً للألعاب النارية أضاءت سماء العاصمة الصينية في بداية الحفل وبعد كل فقرة منه، في حين رُفع العلم الصيني في الملعب من قبل أطفال يمثلون 56 مجموعة عرقية تعيش في الصين. وقد أخرج الحفل المخرج الصيني الشهير تشانغ ييمو وشارك فيه حوالي 15 ألف شخص. وقد ابتعد الحفل عن القضايا السياسية، حيث أصر منظمو الدورة على ألا يجري الخلط بين السياسة والرياضة.
2 – سيدني 2000:
بدأ الاحتفال بفارس على حصان دوّت ضربات سوطه في أرجاء المكان، وكان حمل الشعلة الأولمبية من نصيب كاثي فريمان. وقد حرص المسؤولون الأستراليون الذين يسعون إلى لفت الانتباه بعيدا عن موضوع المخدرات على تقديم عروض شيّقة. وكان دخول نجم فيلم التمساح داندي بول هوغان إلى قاعة العرض على ظهر حصان أول العروض المثيرة وإن لم تتمكن الكثير من الكاميرات التلفزيونية من التقاط صورته. وعزف النشيد الوطني للدولة المضيفة أستراليا في الوقت الذي بدأ فيه الراقصون أداء رقصة تعبر عن صور الإبحار الأسترالية. وفي موكب رمزي يمثل حلم فتاة صغيرة بالحياة تحت أمواج المحيط، خرج الراقصون لأول مرة في افتتاح دورات الأولمبياد ليؤدوا رقصاتهم ليلا.
ثم كان رجال القبائل من الأبوريجين هم أبطال المشهد الابرز باعتبارهم السكان الأصليين جاءوا ليرحبوا بدول العالم في بلدهم. ثم صوّرت العروض بعد ذلك تاريخ أستراليا رقصا، مع بعض الألعاب النارية والأضواء التي أضاءت سماء سيدني قبل احتلال الفرقة الموسيقية السيارة خشبة المسرح المركزية. وبعد نحو ساعة ونصف بدأت مواكب الدول المشاركة في المرور أمام جمهور الحاضرين وراء علم كل منها.
3 – أتلانتا 1996:
مثّل اختيار أتلانتا غايات تتعدى النطاق الأميركي والإرث الأولمبي، فشكّلت الدورة أكبر تجمع إنساني في القرن العشرين، باعتبار ان الألعاب الأولمبية لا تزال ذات طابع أسطوري رمزي موحّد، ولأن اللجنة الأولمبية ألغت التمييز بين الاحتراف والهواية مما زاد من حماسة المشاركة. فشارك في المباريات عمالقة من اللاعبين المحترفين، أمثال البرازيلي بيبيتو في كرة القدم، والاميركي أندريه أغاسي في التنس الذي دخل التاريخ بميداليته الذهبية، والإسباني إندورين في الدراجات.
في أتلانتا التي يشكل السود نسبة 70 في المئة من سكانها، أدّت لاعبة كرة السلة السمراء تيريزا ادواردز القسم الأولمبي، أما الذي أوقد الشعلة الأولمبية فكان بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي الذي طلب المنظّمون من السبّاحة البيضاء البطلة الأولمبية جانيت إيفانز أن تبقى مستعدّة لتقديم المساعدة له، في حال دعت الحاجة وهو واجه صعوبة بعدما سلمت الشعلة له لكون "الأسطورة" مصاب بمرض باركنسون. وسلم رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان انتونيو سامارانش محمد علي ميدالية ذهبية عوضاً عن تلك التي أحرزها في دورة روما عام 1960، ورماها في نهر أوهايو استياء لطرده من مطعم ومطاردته من قبل عصابة من البيض.
لكن سلبيات عدة حصلت ولم يستطع المنظمون تحاشيها، وقد بدأت المشكلات المرتبطة بالتنظيم والاستضافة تظهر مباشرة بعد حفلة الافتتاح.
وهزّ انفجار المنتزه المئوي الاولمبي، مما كشف عن وجود ثُغر مخيفة في جهاز الأمن، وشكّل نقطة سوداء كبيرة. ووقع الانفجار الساعة الواحدة و20 دقيقة صباح 27 تموز، وأدى إلى سقوط قتيلين وإصابة أكثر من 110 أشخاص بعضهم إصابات بليغة.
4 – لندن 2012:
في حفل ضخم دام نحو أربع ساعات وغلب عليه الخيال الجامح وروح الفكاهة واستلهم الأفكار الرمزية لفقراته من الشخصية البريطانية، افتتحت الدورة الثلاثون للألعاب بدقّ الدراج البريطاني برادلي ويغنز (32 عاما وأول بريطاني يحرز لقب دورة فرنسا) الجرس الأولمبي إيذانا بانطلاق فقرات حفل افتتاح الأولمبياد، بمشاركة أكثر من عشرة آلاف رياضي ورياضية يمثلون أكثر من 200 دولة.
وخطفت الملكة إليزابيث الثانية بصحبة جيمس بوند -"الجاسوس" الأشهر في العالم- الأضواء. فبدعوة من بوند، هبطت الملكة إليزابيث الثانية -وهي في عمر السادسة والثمانين- بثوبها الزهري الأنيق فوق الملعب الأولمبي، بلمحة فنية تغص بروح الدعابة البريطانية، وفي لحظة جريئة من حفل الافتتاح. وكان مخرج الحفل داني بويل وعد بـ"شيء مختلف"، وقد وفى بوعده بعدما ظهر الممثل دانيال كريغ الذي يلعب دور الجاسوس البريطاني المعروف في أفلامه "007" يترجل من سيارة أجرة ويدخل قصر باكنغهام الملكي، ثم يقوم بجولة فوق المناطق الرئيسية للعاصمة بطائرة مروحية برفقة الملكة قبل التحليق فوق الملعب، فاختلط الواقع بالخيال، وهبطا بمظلتين بدتا وكأنهما تحملانه هو والملكة.
وجاءت الفقرات المثيرة والخلابة لتجذب أنظار متابعي الحفل الذين بلغ عددهم نحو 62 ألفا في المدرجات، إضافة لنحو مليار مشاهد تابعوا الحفل أمام شاشات التلفزيون عبر العالم. وتضمن الحفل عدة فقرات عن العديد من ملامح الحياة البريطانية على مدار فترات مختلفة، تابعها الجمهور الحاضر في المدرجات وعلى رأسه مجموعة من أبرز المشاهير، في مقدمهم بعض أفراد العائلة الملكية في بريطانيا وبعض نجوم السينما والفن العالميين. وجاءت اللحظة الأكثر إثارة في العرض عندما أوقد سبعة رياضيين بريطانيين شبان الشعلة الأولمبية. وأدخل الشعلة إلى أرض الملعب البطل الأولمبي في التجذيف خمس مرات السير ستيف ريدغريف قبل أن يسلمها إلى الرياضيين الشبان.
5 – برشلونة 1992:
خيّمت عبارة «أولا... أولا» الترحيبية على الألعاب التي استقطبت اهتمام البشرية واعتُبرت تحوّلا بارزا في الحركة الرياضية العالمية، وقبل الدورة الأخيرة في القرن الـ20 التي ستنظم في مدينة اتلانتا الاميركية، وتحتفل خلالها الأسرة الاولمبية العالمية بالعيد الذهبي المئوي لاطلاق الألعاب الاولمبية الحديثة.
التنظيم والاحتفالات والمسابقات برزت بشكل لافت، ودخل التطور والحداثة في اشراك المحترفين والتسويق الاعلاني، وكل ذلك يؤكد ان الدورات الاولمبية أصبحت مسرحا تجاريا مستمرا ومختبرا علميا مفيدا.
وشارك في دورة برشلونة 9344 رياضيا بينهم 2708 عدائين من 169 بلدا، تنافسوا في 257 مسابقة ضمن 25 لعبة. وكانت الحصيلة النهائية 259 تتويج بطلاً وبطلة حصدوا 815 ميدالية، وتابع وقائع الألعاب 3.5 مليارات نسمة وتولى المحافظة على أمنها 45 ألف شرطي، وأوقدت شعلتها بسهم ناري أطلقه البطل المقعد انطونيو روبيللو.
6 – طوكيو 1964:
كانت هذه المرة الأولى تستضيف آسيا الاولمبياد فنال قسطاً وافراً من الرعاية الرسمية إذ افتتحه الإمبراطور الياباني هيروهيتو وردّد القسم الأولمبي لاعب الجمباز العالمي تاكاشي أونو، فيما أوقد الشعلة التلميذ يوشيموري ساكاي المولود في السادس من آب 1945 تاريخ إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما علماً أنه توفي عام 2014 عن 69 عاماً.
واعتبر اولمبياد طوكيو واحداً من أرقى وأجمل الدورات التي شهدها العالم حتى تاريخه إذ أبدع المنظمون من النواحي الكافة كتنظيم ومنشآت وإقامة وضيافة وود في المعاملة. وأقيم حفل الافتتاح في إستاد طوكيو الاولمبي الذي افتتح عام 1958 وشهد دورة الألعاب الآسيوية من العام عينه، وشهد الافتتاح تسعين ألف متفرج والإمبراطور الياباني وجرى خلاله إطلاق 12 ألف بالون من مختلف الألوان و8 آلاف حمامة سلام، كما تم رسم الدوائر الاولمبية التي تمثل العلم الاولمبي في السماء بواسطة طائرات حربية يابانية.
وأنفقت اليابان 3 مليارات دولار لتجديد عاصمتها التي دُمّرت في الحرب العالمية الثانية. وشُيّدت منشآت تتخطى زمنها من حيث العصرية والمظهر الهندسي غير المألوف. وبفضل شبكة "موندوفيزيون"، تابع 600 مليون شخص الدورة، فضلاً عن ظهور تقنيات جديدة في التصوير الفوتوغرافي وعدساته والنقل التلفزيوني، واستخدم المضمار الترابي (الصلصال) في ألعاب القوى للمرّة الأخيرة، كما راج استعمال الزانة المصنوعة من الألياف الزجاجية.
7 – أثينا 2004:
أقيم حفل الافتتاح بإدارة المصمم الإيحائي اليوناني ديمتريس بابايوانو. وشاهد مراسم الافتتاح 72,000 مشاهد كانوا متواجدين في استاد أثينا الأولمبي بالإضافة إلى حوالي 4 مليارات شخص عبر شاشات التلفزيون. بدأ حفل الافتتاح بعدّ تنازلي حتى الـ28 (عدد الألعاب الأولمبية السابقة) بصوت خفقات قلب بصوت مكبر.
وعكست الفعاليات التاريخية تقديس اليونانيين للماء الذي يعني لهم كل شيء في الحياة والسفر والتجارة والغذاء والفرح والأمل. وحوّلت اللجنة المنظمة وسط الملعب الأولمبي إلى بحر قدرت كمية المياه فيه بنحو 2.1 مليوني طن عُبئت بواسطة خزان ضخم وضع تحت الملعب غطى مساحة قدرت بـ9645 مترا مكعبا. ثم أضيئت الحلقات الأولمبية الخمس بشهب نارية وسط المياه قبل أن تنطفئ تدريجيا، ثم مخرت سفينة على متنها صبي في العاشرة عباب الملعب المائي.
وتوالت بعد ذلك مشاهد عكست تاريخ اليونان حتى عصرنا الحالي وحلق فوق كل هذا السجل التاريخي الحافل بالأحداث "كيوبيد" إله الحب عند اليونانيين. بعد ذلك دخلت امرأة حامل أرض الملعب لتجسّد الحياة الجديدة والأمل بالمستقبل لتلد شجرة زيتون رمز السلام على الأرض. ثم بدأ دخول الوفود المشاركة خلافا للعادة على الأبجدية اليونانية.
وأخيرا تم إشعال الشعلة الأولمبية بواسطة اللاعب اليوناني المحبوب في اليونان نيقولاس كاكلاماناكيس بطل ركوب الأمواج باللوح الشراعي والحائز على ذهبية في أولمبياد 1996 والذي تم رفعه بحبال شفافة إلى مستوى الشعلة ليتم إيقادها. بعدها أشعلت الألعاب النارية معلنة انتهاء الحفل.
8 – لندن 1948:
عانى الإنكليز كثيرا للتنظيم في ظل فقر الأوضاع وكانت ميزانية البطولة 70 ألف جنيه استرليني ويقول الصحافي جيمس كوت من "ديلي تلغراف" عن ذكرياته وهو طفل وقتها إن الشعب كان يعيش اوضاعاً صعبة فلا يمكنه تامين قوته اليومي وهناك شحّ في المواد الغذائية ولا فنادق، لذا كانت الوفود تعمد إلى إحضار اطعمتها معها.
افتتحت الألعاب في ستاد ويمبلي الشهير الذي كان شيّد عام 1923 أمام 85 ألف متفرج. بدأ الاحتفال بموسيقى عسكرية ثم وصل الرسميون الأولمبيون الدوليون والمحليون فالعائلة الملكية البريطانية من ملك وملكة وأفراد، ثم استعرضت الوفود وكان البريطانيون آخر من مروا.
وبعد كلمة صغيرة من رئيس اللجنة التنظيمية اللورد برغلي، أطلقت 2.500 حمامة سلام تلاها 21 طلقة مدفعية شرفية ثم أضيئت الشعلة الأولمبية، وأعلن الملك جورج السادس افتتاح الدورة. وقد نقلت هذه الألعاب لأول مرة على شاشات التلفزيون إلى المنازل.
9 – سيول 1988:
في كوريا الجنوبية «أرض الصباح الهادئ»، كانت الغالبية العظمى من المواطنين مصممة على إظهار أفضل وجه لبلادها أمام العالم، وفي حفل الافتتاح تجلى تاريخ البشرية كله في الاستعراض الذي أقيم في الستاد، وخلاله تسلم كل متفرج جهاز استقبال صغير تمكن بواسطته من متابعة وقائع الاحتفال بثماني لغات.
وللمرة الأولى في تاريخ الألعاب، بدأت مراسم المهرجان من خارج الملعب وتحديدا من مياه نهر هان المجاور حيث كانت سفينة كبيرة تتقدم أسطولا من خمسة آلاف زورق وتقوم باستعراضات رائعة. وحمل الشعلة إلى الملعب الكبير بطل ماراثون دورة برلين وسلمها إلى العداءة لي شام هاي، الفائزة بثلاث ذهبيات في الدورة الآسيوية 1986، التي أوقدت شعلات ثلاثة أشخاص يمثلون الأكاديميين والفنانين والرياضيين، فأوقدوا بدورهم الشعلة العملاقة وفق طريقة مبتكرة.
وسجلت الدورة عودة علنية للمحترفين، ففازت الألمانية الغربية شتيفي غراف بذهبية كرة المضرب، ووصلت المنافسة بين الاميركي كارل لويس والكندي بن جونسون في سباق 100م إلى القمة، فأطلق عليه "سباق القرن". وفاز جونسون برقم عالمي جديد مقداره 9.79ث في 24 أيلول، ثم انفجرت أشهر فضيحة في التاريخ الاولمبي بعد ثلاثة أيام إذ تبين أن العداء الكندي تناول منشطات فقدمت الذهبية إلى غريمه وشُطِب الرقم.
10 – لوس أنجليس 1984:
للمرّة الأولى تغيب المساهمة الحكومية المباشرة عن تمويل الاستضافة والتنظيم، لألعاب تابعها 7.5 ملايين نسمة إذ كانت على عاتق القطاع الخاص. وفي النهاية فاقت الارباح 223 مليون دولار، وأصبحت دورة لوس أنجليس مثالا يُحتذى، فضلاً عن أنها دشّنت النظرة الجديدة "العصرية" لمفهوم الألعاب الأولمبية التي اعتمدها رئيس اللجنة الدولية خوان أنتونيو سامارانش.
وعلى الرغم من الملاحظات الكثيرة على حفل الافتتاح، فقد جاء هوليوودياً صرفاً، واشرف عليه المخرج ديفيد والفر. ونقلت الشعلة إلى الاستاد جينا همفيل، حفيدة العداء الأسود الشهير جيسّي اوينز.
وافتتح الاولمبياد الرئيس الأميركي رونالد ريغان وردد القسم الاولمبي لاعب ألعاب القوى الأميركي ادوين موزس، فيما ردد القسم الرسمي شارون ويبير لاعبة الجمباز، وأضاء الشعلة رافير جونسون لاعب ألعاب القوى.