وداعاً.. زياد الفضيحة
وداعاً.. زياد الفضيحة
لم يسعَ إلى كمال فني، بل إلى فضيحة أخلاقية للزيف العام. أسقط القناع عن لبنان، عن المدينة، عن العائلة، عن الدين، عن الحب، ولم يقترح بديلاً
في بيروت، كان زياد يكتب أحلامها على ورق محروق، يلحن وجعها، ويسخر من ضعفها. لم يكن فناناً بمقاييس المهنة، بل حالة فردية شاذة، تسكن بين العقل والجنون، وتتنقل بين الطوائف بنكتة، وبين الأزمات بضحكة فيها شيء من الاحتقار الذكي لكل من ادعى الفهم.
ما من شيء في الشرق بقي على حاله، إلا صوت وأنامل زياد. كان الوحيد القادر أن يجعلنا نضحك على أنفسنا دون أن نشعر بالإهانة، أن نكرهه ونحبه في آن، أن نحفظ أغانيه كما نحفظ آيات الكتب المقدسة.
لم يسعَ إلى كمال فني، بل إلى فضيحة أخلاقية للزيف العام. أسقط القناع عن لبنان، عن المدينة، عن العائلة، عن الدين، عن الحب، ولم يقترح بديلاً، لأنه كان يعلم أن البدائل في هذا الركن من العالم ليست أكثر من أكاذيب مؤنقة أو مشاريع مستحيلة.
حابى بعض الأنظمة؟ طبعاً. كتب مقالات في الجرائد دون المستوى؟ أكيد. لكن الهفوات هذه لم تبخّس من قيمة فنه، بل أظهرت مدى طهرها وبُعدها عن الهفوات التي ارتكبها. من لم يخطئ منا فليرجمه بحجر!
رحيله ليس حدثاً عابراً ولا يفترض أن يكون، بل خسارة لآخر الشهود الأحياء على زمن كان فيه الفن قضية، والمسرح مساراً، والغناء تمرّداً. زياد مات، لكن الذين فهموه لا يموتون. هم القلة، الذين لا يسيرون في المواكب، ولا يصفّقون في المهرجانات، ولا يعتذرون حين يخطئون في الحب.
وداعاً زياد. كنتَ الصوت حين خرس الجميع، والضحكة حين استوطنت الحرب وعمّ الحداد، والحقيقة التي لا تليق بأي نظام.
ما من شيء في الشرق بقي على حاله، إلا صوت وأنامل زياد. كان الوحيد القادر أن يجعلنا نضحك على أنفسنا دون أن نشعر بالإهانة، أن نكرهه ونحبه في آن، أن نحفظ أغانيه كما نحفظ آيات الكتب المقدسة.
لم يسعَ إلى كمال فني، بل إلى فضيحة أخلاقية للزيف العام. أسقط القناع عن لبنان، عن المدينة، عن العائلة، عن الدين، عن الحب، ولم يقترح بديلاً، لأنه كان يعلم أن البدائل في هذا الركن من العالم ليست أكثر من أكاذيب مؤنقة أو مشاريع مستحيلة.
حابى بعض الأنظمة؟ طبعاً. كتب مقالات في الجرائد دون المستوى؟ أكيد. لكن الهفوات هذه لم تبخّس من قيمة فنه، بل أظهرت مدى طهرها وبُعدها عن الهفوات التي ارتكبها. من لم يخطئ منا فليرجمه بحجر!
رحيله ليس حدثاً عابراً ولا يفترض أن يكون، بل خسارة لآخر الشهود الأحياء على زمن كان فيه الفن قضية، والمسرح مساراً، والغناء تمرّداً. زياد مات، لكن الذين فهموه لا يموتون. هم القلة، الذين لا يسيرون في المواكب، ولا يصفّقون في المهرجانات، ولا يعتذرون حين يخطئون في الحب.
وداعاً زياد. كنتَ الصوت حين خرس الجميع، والضحكة حين استوطنت الحرب وعمّ الحداد، والحقيقة التي لا تليق بأي نظام.