أميركا تُسقط «حصانة الجيش».. وداعاً لل ٤ مليارات دولار... الغضب يُجمد ركيزة لبنان الأخيرة!

أميركا تُسقط «حصانة الجيش».. وداعاً لل ٤ مليارات دولار... الغضب يُجمد ركيزة لبنان الأخيرة!

  • ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
  • نانسي اللقيس

واشنطن الآن تنظر إلى لبنان ككيان مُتصلب غير قادر على إعادة التموضع، بينما تعقد لقاءات رفيعة المستوى مع خصومه السابقين

اللحظة التي قررت فيها الإدارة الأميركية إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، لم تكن زلة دبلوماسية؛ بل كانت إعلاناً قاسياً «بسقوط الحصانة» عن المؤسسة الوحيدة التي ظلّت الولايات المتحدة تستثنيها من لعنة بيروت السياسية. هذا القرار هو الأول من نوعه منذ ما يزيد على عقد ونصف من الدعم، وهو يمثل تفكيكاً لـ «درع الثقة» الذي طالما حمى الجيش من العزلة.
اليوم، ترى أميركا أنّ استثمارها الذي تجاوز الأربعة مليارات دولاراً في الجيش اللبناني لم يعد ركيزة للإستقرار، بل تحول إلى «ورقة إحترقت» بفعل تقصير المنظومة الحاكمة.

نهاية التسامح: لماذا انهار السّد؟
الغضب الأميركي، الذي ترجم بالإلغاء المفاجئ قبل ساعات من السفر، ينبع من إدراك واشنطن بأنّها لم تعد تستطيع الفصل بين الأداء الأمني والعسكري من جهة، وبين الشلل السياسي وهيمنة المحور الإيراني من جهة أخرى. وتلّخص الإتهامات الموجهة إلى بيروت في نقاط لا تقبل التساهل أبرزها:

رفض التفتيش هو غطاء:
 المصادر الغربية لم تعد تقبل مبررات الجيش حول عدم تفتيش الممتلكات الخاصة بحثاً عن السلاح غير الشرعي، وترى في هذا التمنّع تسهيلاً واضحاً لانتشار «حزب الله» جنوباً. لقد تحول الرفض من إجراء «مزعج شعبياً» إلى شبهة «تغطية ميدانية» للسلاح غير الشرعي.

رهن السيادة بالإسرائيلي:
 أكبر خطأ استراتيجي قرأته واشنطن كان ربط العماد هيكل خطة حصر السلاح بوقف الإعتداءات الإسرائيلية. بالنسبة للدوائر الأميركية، هذا تماهٍ غير مقبول يربط الإلتزام السيادي اللبناني (نزع السلاح) بالسلوك الخارجي، مما يعني أنّ مصير السلاح بات رهينة لقرار خارجي عوضاً عن السيادة اللبنانية.
التغاضي عن التمويل: 
فشلت بيروت في التعامل بجدية مع تحذيرات الخزانة الأميركية بشأن إقتصاد الظلّ الذي يغذي خزائن الحزب، مثل شبكة «القرض الحسن» واستمرار تدفق المليارات عبر القنوات المالية غير الشرعية دون محاسبة يؤكد للطرف الأميركي أنّ الدولة لم تقُم بواجبها حتى على المستوى المالي.
الجيش صار «كبش فداء» للنظام.
إنّ قرار الإلغاء هو رسالة صارخة موجهة إلى القصر الجمهوري والحكومة مجتمعة. والدوائر الرسمية لم تعد مستعدة لاستخدام الجيش كـ «درع» أو «صمام أمان» يحمي السياسيين الفاشلين من العواقب الدولية لأفعالهم.
لقد وضع هذا الإلغاء قائد الجيش في موقف لا يُحسد عليه؛ فقد تحوّل إلى أول ضحايا الشلل السياسي واللعب على حافة الهاوية.
واشنطن الآن تنظر إلى لبنان ككيان مُتصلب غير قادر على إعادة التموضع، بينما تعقد لقاءات رفيعة المستوى مع خصومه السابقين، في إشارة لاذعة إلى أنّ بيروت تُهمّش لصالح دول أثبتت إستعدادها لذلك.
الآن، يواجه لبنان مصيره: إما التضحية بصمام الأمان العسكري أو مواجهة الإنهيار الشامل دون شبكة أمان دولية.