«ضَبّوا الشناتي ومشوا».. لبنان ينتهي عام 2038
«ضَبّوا الشناتي ومشوا».. لبنان ينتهي عام 2038
الدولة اللّبنانية من سياسة "اللا سياسة" تجاه النازحين، إلى سياسة الإقصاء الفاشلة.. نزوح إلى لبنان وهجرة إلى الخارج، ودولة وكالات.
بين عامي 2019 و2020 إزدادت نسبة السكان في لبنان، الذي يعاني من بنى تحتية هشّة وطرقات سيئة ومزدحمة وشبكات مياه وكهرباء لا تلبي الطلب، إلى 30% بفعل النزوح. أثَّر ذلك بشدّة على الأنظمة العامة التي أصلا تعاني من القصور. أتت الدراسة التي حدّدت زيادة بنسبة 30% في عدد السكان، مفاجئة لدولة تبنّت مطلع الحرب السورية شعار الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم قال: «وقفنا العدّ»، ونسيت أنّه لا يجوز تطبيقه على النازحين السوريين في لبنان. لم تكن تريد الدولة اللبنانية معرفة أعداد النازحين الحقيقيّن، تجاهلت (الفيل القابع في الغرفة). لم تكترث بأرقام مفوضية الأمم المتحدة للاجئين حول أعداد السوريين، ولو استطاعت لعرقلت عملها التام في لبنان و لما قصَّرت.
في العام 2004، كانت نسبة اللبنانيين من مجمل التعداد السكاني في لبنان 80%. تقلّصت هذه النسبة تدريجياً لتصل إلى 67% في العام 2018. هذا الإنحدار يستمر. والتعداد الحالي لسكان لبنان يبلغ 5.5 ملايين مقيم، 3.5 منهم لبنانيين وأغلبية القسم المُتبقّي من السوريين.
ويكشف الأكاديمي والوزير السابق شربل نحاس في دراسة له، نُشرت مؤخرا،ً أنَّ نسبة اللبنانيين من مجمل المُقيمين، ستنخفض إلى ما بين( 72 و52%) في العام 2038، إذا استمرّت هجرة اللبنانيين المصحوبة بموجات نزوح بين الحين والآخر، والتي كان آخرها واحدة في أيلول 2023.
يعتبر نحاس، أنَّ حماية لبنان من هذا السيناريو الخطير، لايزال ممكناً. ويكون ذلك عبر معالجة الإستجابة اللّبنانية لأزمة النزوح السوري، لأنَّ شكلها الحالي يُفاقم الأزمة. فالأزمة الديموغرافية اليوم كناية عن معادلة قائمة على: هجرة مفرطة للبنانيين، لاسيّما الشباب منهم، مقابل تدفق مستمر للسوريين.
دراسة نحاس خطيرة، وهي تُجسّد الواقع لمجتمع لبناني يرتفع فيه متوسط العمر سنوياً ليقترب من التحوّل إلى مجتمع هرم كمجتمعات أوروبا. وتكثر فيه الهجرة، لا سيّما الشابة، ويزداد إليه النزوح. إلا أنَّ الأزمة التي أتت نتيجة غياب الأطر الرسميّة وخطط الدولة القادرة على حماية لبنان وإبقاء اللبنانيين في أرضهم، لن تحلها مبادرات فردية لجماعات، هنا أو هناك. لن تنجح جماعات برج حمود والأشرفية وغيرها من القرى بتنظيم الوجود السوري وإنهاء تصدّره المشهد في تلك القرى. الأمر يتطلّب عملا رسمياً، يبدأ من ملاحقة العصابات اللّبنانيّة التي تُزور بطاقات هويات لبنانية وتقدّمها لسوريّين مقابل مبالغ من المال. الحلّ يبدأ من الحكومة، التي عليها الإنتقال من ردّ الفعل إلى الفعل. فمن غير المقبول مثلا أن ينتظر بسام المولوي حادثة كقتل باسكال سليمان ليتذكّر أنَّ عليه عقد اجتماع «لمجلس الأمن الداخلي المركزي» ينتج عنه خطّة موحدة بين كل السلطات اللبنانية السياسية والأمنية والقضائية أيضاً.
على الدولة أن تستيقظ. وعلى المواطن أن يعرف مدى قدرته على تبديل المشهد. وعليه أيضاً أن يُذكّر أحزاباً وتيارات تفيض اليوم باتهام النازحين، بالأمس القريب. تلك الأحزاب التي بنى رؤساؤها زعماتهم ونفوذهم عبر برامج الأمم المتحدة والجهات المانحة في الوزارات والمرافق العامة. تذكّر أولئك الذين أخذوا أموال الـUNHCR والـUNICEF. وأكلوا فلس النازح وأبرموا عقودا لمستشاريهم، واليوم يتسابقون لإخراج النازح. كذلك، تذكّر أولئك الذين يُهجّرون الشباب اللبناني والذين لا يرون أي أهمية للبنان المدرسة والجامعة والفكر والمستشفى، إنّما فقط لبنان وحدة الساحات والعداء لدول عربيّة تعمل على تحويل رمال الصحراء الى جنائن فيما لبنان يتصحر.