أستراليا والسكاكين.. إعتداء ثانٍ في أسبوع!

أستراليا والسكاكين.. إعتداء ثانٍ في أسبوع!

  • ١٦ نيسان ٢٠٢٤
  • جو حمّورة

رغم المسافة البعيدة الفاصلة بينها وبين أكثر المناطق إضطراباً، إلا أنَّ معدلات الجريمة في أستراليا تشهد ارتفاعاً!

تعرّض المطران الأشوري مار ماري عمانوئيل يوسف إلى محاولة طعن مباشرة على الهواء في أستراليا. لم يمُت الرجل، لكن حادث الطعن هذا كان الثاني في أقل من أسبوع، ما يفتح الباب أمام جدل أسترالي محلّي حول دور وواقع الأقليات وموضوع إقتناء الأسلحة الفردية.

لا يزال صخب حادثة الطعن المأساوية التي راح ضحيتها ستة أشخاص في مركز تسوق أسترالي قبل أسبوع يتردّد في أرجاء البلاد. بينما هزّت واقعة جديدة الرأي العام المحلي والعالمي أمس الإثنين، بعد تعرض المطران الأشوري مار ماري عمانوئيل يوسف لعدة طعنات من قبل مجهول خلال عظة كان يلقيها في كنيسة «المسيح الراعي الصالح» الأسترالية.


وعبّر الإعلام الأسترالي عن حالات خوف وتوتر متزايدة يعيشها السكان «بسبب انعدام الأمان»، خاصة في ظلّ تزايد الهجمات العنيفة التي تستهدف أماكن العبادة. وإن كانت أستراليا بعيدة عن مسرح المشاكل، بالمقارنة مع الكثير من الدول الأخرى، تتزايد نسبة الإعتداءات والأزمات المحلّية في السنوات الأخيرة، فيما عدد كبير منها بات مرتبطاً بالأقليات الدينية التي تنشط في «إرتكاب الجرائم ذات الدوافع السياسية والثقافية بنسبة كبيرة»، بحسب تقرير لـ«معهد علوم الجرائم الأسترالي» التابع للحكومة.



الأقليات وأعداد الضحايا
ويشير التقرير الصادر عن المعهد عام 2024 إلى أنَّ نسبة القتلى نتيجة الجرائم ذات الدوافع السياسية والثقافية قد تراجعت 6 في المئة بالمقارنة بين عام 2021 والعام الذي تلاه. إلا أنّ النسبة عادت وارتفعت بنسبة 12 في المئة عام 2023، ووصلت إلى 151 ضحية، «معظمها في المدن الكبرى وضواحيها». 

وغالباً ما تضع الشرطة المحلية كلّ إعتداء ضمن خانة محدّدة مرتبطة بالدافع، كما يفعل موقع شرطة «نيو ساوث ويلز» الإلكتروني، الذي يقسّم جرائم الإعتداء إلى أربعة أصناف هي الجرائم ذات الدوافع الشخصية، تلك المرتبطة بالعنف الأسري، وثالثة مرتبطة بالصحة العقلية للمعتدي، فيما الرابعة هي الجرائم ذات الدوافع السياسية والثقافية.

وتشكّل الأقليات غير المسيحية نسبة هامة من سكان أستراليا، ففي حين يفيد إحصاء رسمي عائد للعام 2021 بأنّ من يعرّفون عن أنفسهم بأنهم مسيحيون يبلغ 43.9 في المئة، يرى 38.9 في المئة من السكان أنّ لا دين لهم. في المقابل، يشير الإحصاء الحكومي إلى وجود حوالي 4 في المئة من المسلمين، 2.8 من الهندوس، 2.5 من البوذيين، 0.8 من السيخ، و0.4 من اليهود في استراليا.

أما نسبة إرتكاب الأقليات للجرائم، فيفيد المعهد أن 30.9 في المئة منها قد ارتكبتها الأقليات الدينية عام 2021، و 31.2 في المئة عام 2022. فيما تشير بعض الدراسات الأخرى إلى أنّ أستراليا شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات جرائم العنف باستخدام الأسلحة البيضاء خلال السنوات الأخيرة، كمثل الإعتداء الذي طال المطران عمانوئيل.

تحديات الأقليات الدينية في أستراليا
يُعاني أفراد الأقلّيات الدينية في أستراليا من بعض التحدّيات، مثل التمييز في العمل والسكن والتعليم، بالإضافة إلى خطاب الكراهية والهجمات العنيفة بين الحين والآخر. وقد ازدادت هذه التحدّيات في السنوات الأخيرة مع تزايد نفوذ الجماعات اليمينيّة المتطرفة في البلاد، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الاعتداءات التي تُرتكب من قبل الأقليات على الشرطة أو على بعضهم البعض. 

ولا تخلو أستراليا من تأثيرات الأحداث العالمية، خاصة تلك المتعلّقة بالإسلاموفوبيا والعنف الديني. ففي السنوات الأخيرة، شهدت البلاد عدداً من الهجمات المتفرقة التي استهدفت المسلمين، اليهود والأقلية الهندوسية على حد سواء.

وتُساهم بعض وسائل الإعلام على وسائل التواصل الاجتماعي في نشر خطاب الكراهية ضد المسلمين والأقليات الأخرى، مما يُساهم في خلق بيئة من التوتر والعداء في أستراليا. وعلى الرغم من أنّ القوانين المحلية تمنع هذه الأمور، تبقى الصعوبة في ملاحقتها كلها أو منع وصولها إلى آذان المتلقين في الداخل الأسترالي.

وفي أعقاب حادثة الطعن الأولى والثانية، تجدّد النقاش حول قوانين حيازة الأسلحة البيضاء في أستراليا. فبينما يدافع البعض، وجلّهم من المحافظين، عن حرية الفرد في حيازة السكاكين لأغراض شخصية أو دفاعية، يرى آخرون، وجلّهم ليبراليون، أنّ هذه القوانين متساهلة للغاية وتُسهّل وقوع مثل هذه الهجمات.

لا شكّ أنّ حوادث الطعن الأخيرة تُشكل مصدر قلق كبير للأمن العام في أستراليا، وهي تتطلّب هذه معالجة شاملة تأخذ بعين الإعتبار مخاوف الأقليات وتُعالج جذور العنف في المجتمع.

نجاة المطران.. وهوية المعتدي «تُكشف قريباً» 
بعد تعرّضه للهجوم بالسكين خلال إقامة صلاة في الكنيسة، نجا المطران من الموت بعد «فشل الجاني من فتح رأس  السكين المسنن » بحسب الإعلام الأسترالي المحلي.

وذكرت القناة «السابعة» الإخبارية أنّ المسعفين الطبيين عالجوا أربعة أشخاص «مصابين بتمزقات متعددة في أجسادهم»، بعد أن تشابكوا مع المعتدي دفاعاً عن المطران. أما المعتدي، فأصيب بجروح «لم تهدد حياته» بحسب الشرطة المحلية، كما «تعرّض لاعتداء عنفي بعد تثبيته على الأرض» من قبل من كانوا في المكان.

وانتشر على مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع فيديو، تظهر تجمهر رعية المطران وهم يريدون الدخول إلى الكنيسة للاقتصاص من الجاني، فيما منعتهم الشرطة المحلية بعد استخدامها الغاز المسيل للدموع.

هذ وأظهر فيديو آخر كلام المعتدي باللغة العربية، من دون أن يتمّ تحديد هويته بشكل واضح. فيما تعمد الشرطة الاسترالية غالباً، إلى تحاشي هذا الأمر، وتأجيل الكشف عن الهوية الكاملة للمعتدين إلى حدود 4 أيام و«ذلك خوفاً من ردود الفعل العنصرية الممكنة الحدوث» بحسب معلق تلفزيوني على القناة السابعة الإخبارية.