تاريخ وتنوّع وإثارة في رحلة الشعلة الأولمبية في الربوع الفرنسية
تاريخ وتنوّع وإثارة في رحلة الشعلة الأولمبية في الربوع الفرنسية
سيسافر المشعل مسافة إجمالية تزيد عن 6200 كيلومتر على مدار 90 يومًا، يتبادله أكثر من 13000 شخص في 91 إقليماً فرنسياً
سيكون مسار رحلة المشعل الأولمبي، المصمم بعناية بجهود مشتركة من لجنة تنظيم أولمبياد باريس 2024 وشركائها الرسميين، رحلة استثنائية تستمر لمدة شهرين عبر أراضي فرنسا، بعد وصولها إلى مرسيليا آتية من مدينة أولمبيا اليونانية. ستُبرز هذه الرحلة جمال وتنوّع فرنسا، وتاريخها، ومناظرها الطبيعية الخلابة، بالإضافة إلى معارفها، تقاليدها، ومواهبها.
وتُعتبر رحلة المشعل تقليداً فريداً يعود بنا إلى جذور الألعاب الأولمبية، إذ تمّ إيقاد المشعل الأول لأولمبياد باريس 2024 بأشعة الشمس في 16 نيسان 2024، خلال مراسم في مدينة أولمبيا اليونانية، التي كانت موقع الألعاب الأولمبية القديمة.
وفي احتفال تقليدي إستخدمت الممثلة ماري مينا التي لعبت دور كبيرة الكاهنات لأول مرة مرآة مقعّرة وأشعة الشمس لإيقاد الشعلة. وبعد المراسم التقليدية، سلمت مينا الشعلة إلى أول حامل لها وهو بطل التجديد الأولمبي ستيفانوس دوسكوس على حافة الملعب الأولمبي القديم لبدء مسيرة يونانية استمرت 11 يوما.
وبعد قضاء ليلة في السفارة الفرنسية في العاصمة اليونانية، انتقلت الشعلة على متن سفينة «بيليم» عابرةً البحر الأبيض المتوسط إلى مرسيليا حيث بدأت رحلتها الملحمية عبر فرنسا.
سيسافر المشعل مسافة إجمالية تزيد عن 6200 كيلومتر على مدار 90 يومًا، يتبادله أكثر من 13000 شخص في 91 إقليماً فرنسياً. من ميناء مرسيليا، سيكون أول تتابع للشعلة في فرنسا من 9 ايار إلى 7 حزيران، وتحديداً من مرسيليا إلى بريست.
كما تعبر الشعلة المحيط الأطلسي والهندي والهادي (7000 كلم) كجزء من «رحلة المحيطات» لتصل إلى خمسة أقاليم فرنسية فيما وراء البحار: غوادلوب، غويانا، المارتينيك، بولينيزيا الفرنسية، وجزيرة ريونيون. كما ستزور مركز غويانا للفضاء، رمز التفوّق الفرنسي والأوروبي في قطاع الفضاء الجوي، قبل العودة الى نيس، في مهمة جديدة في فرنسا.
ستجتاز الشعلة 450 مدينة، لكنها ستتوقف في 65 منها، الى 64 منطقة ما وراء البحار في جولة حقيقية في فرنسا التي تنتظر مسيرة البدل للشعلة الأولمبية. وأعلنت اللجنة المنظمة ان 30 شخصاً سيواكبون حاملي الشعلة، الذين يبلغ عددهم 100 في كل يوم، مما يعني أن 10 آلاف شخص سيتبادلون الشعلة على كامل مسارها على الأراضي الفرنسية، قبل إضاءة المرجل في حفل الافتتاح في 26 تموز 2024.
الإبحار عبر السين
في كل مدينة تتوقف فيها الشعلة، يقوم الشخص الأخير الذي حمل الشعلة خلال النهار بإشعال مرجل يتكون من حلقة معلقة فوق قاعدة معدنية، بتأثير يذكرنا بالترددات والأمواج، من تصميم ليهانور أيضاً.
في 23 حزيران 2024، ستمرّ الشعلة في هوت سافوا لإحياء ذكرى أولمبياد ألبيرفيل الشتوي 1992. وستأخذها رحلتها إلى شرق فرنسا (ستراسبورغ، متز، فردان) ثم الى الشمال (ليل، ملعب بولارت، خليج السوم). وستمر الشعلة للمرة الأولى في باريس يومي 14 و15 تموز، قبل القيام بجولة في «إيل دو فرانس» والعودة إلى العاصمة في 26 منه، موعد حفل الافتتاح الذي طال انتظاره.
في اليوم الأخير من رحلة التتابع، أي في 26 تموز، سيتم إشعال النار في الحوض الذي يحلّ بدلاً من المرجل خلال حفل افتتاح الألعاب عن طريق الشعلة الأولمبية.
وفي العاصمة باريس، ستوضع الشعلة طوال فترة الألعاب الأولمبية في حديقة التويلري التي تقع بين متحف اللوفر وساحة الكونكورد في الدائرة الأولى، وتحديداً في "غران باسان رون" بالقرب من المدخل الشرقي، مقابل هرم اللوفر.
كما سيستمتع الباريسيون والسياح برؤية الشعلة في دار البلدية (أوتيل دو فيل) خلال ليلة 14 إلى 15 تموز، أي قبل حوالي 10 أيام من الافتتاح الرسمي للألعاب الأولمبية.
ويتطلع المنظمون إلى أن يكون حفل الافتتاح الذي يقام للمرة الاولى في الهواء الطلق حيث ستصل الشعلة الى باريس عبر قناة سان مارتان.
وسيشهد الحقل إبحار 160 قاربًا عبر نهر السين - الذي ما زالت اللجنة المنظمة تواجه مشاكل تلوث فيه - تقل رياضيين من جميع أنحاء العالم لمسافة ست كيلومترات نحو برج إيفل.
ومن المتوقع أن يحضر حوالي 300 ألف شخص الحفل من ضفتي نهر السين، بينما يتابعه الملايين حول العالم عبر شاشات التلفزيون، في حين ستظل قوات الأمن في البلاد في حالة تأهب قصوى خلال إقامة الألعاب الأولمبية، خاصة في ظل الأوضاع الدولية المتوترة نتيجة الصراعات في أوكرانيا وغزة.
وتحاط الشعلة بالعديد من الحراس وتخضع لمراقبة مشددة على مدار الساعة، حيث تقع على عاتق هذه العناصر الأمنية عدة مهام على سبيل المثال، في الصباح تسليمها إلى حاملها الأول ثم استعادتها في المساء والبقاء إلى جانبها لتأمين الحراسة. خلال النهار، تكون تحت حراسة قرابة 20 ضابطاً من الشرطة والدرك المسؤولين عن حماية حامل الشعلة والنار الأولمبية. في المجمل، يؤمن حوالي 200 عنصر من قوات الأمن الداخلي، ولا سيما وحدة النخبة في الدرك، حماية القافلة على نطاق واسع.
بين التاريخ والطبيعة الخلابة
ستقدم رحلة المشعل الملحمية رؤية فريدة حول تاريخ فرنسا، حيث ستبني روابط تجمع بين العصور المختلفة وتعرض المواقع الاستثنائية التي ساهمت في بناء اسم فرنسا، سمعتها، وتأثيرها خلال كل فترة رئيسية من تاريخها.
ستسافر الشعلة إلى كهوف لاسكو، الموقع الأثري لليزيا، ومدينة القرون الوسطى كاركاسون، بالإضافة إلى قصر فرساي ومتحف اللوفر والعديد من المواقع الأخرى المميزة. كما ستنير العديد من روائع الهندسة المعمارية في فرنسا، بدءًا من جبل القديس ميشال الشهير عالميًا، وتشمل أيضًا قصور اللوار وعددًا كبيرًا من القلاع والمنارات والجسور والميادين.
تُعتبر الرحلة فرصة فريدة لاكتشاف الثروات الطبيعية الخلابة في فرنسا. من جبل مون كانيغو إلى منتزه فيردون الطبيعي الإقليمي وجزيرة إيل أو موان، ووادي مون بلان، وضفاف نهر اللوار، والعديد من المتنزهات الوطنية والغابات والبحيرات، ستمر الشعلة عبر أجمل المناظر الطبيعية التي تشتهر بها فرنسا.
ستتسلق القمم الشاهقة، بما في ذلك جبل بيك دو ميدي دو بيغور، وستتبع الخطوط الساحلية الرائعة.
وتكريمًا لتاريخ فرنسا، ستزور الشعلة المعالم التذكارية مثل نصب فردان التذكاري وشواطئ إنزال النورماندي.
ستكون رحلة المشعل فرصة للاحتفال بذكرى الأشخاص الذين تركوا بصمة في تاريخ فرنسا. على طول مسار الرحلة، ستسلط الضوء على الشخصيات الفرنسية الشهيرة التي لا تزال تلهم وتساهم في تعزيز صيت البلاد، مثل جان دارك في أورليان، وروبير شومان في سي-شازيل، وشارل ديغول في كولومبي لي-دو-إيغليز.
وستنتقل الشعلة بين أيادي الشخصيات المهمة ومن بينهم لاعب منتخب فرنسا للركبي رومان نتاماك، وبطل العالم في العشاري كيفين ماير، وصولاً إلى المدربين في رياضات عدة، مثل غي رو وأرسن فينغر (كرة القدم)، وفيليب سانت أندريه (الركبي).
دور الرياضة
ستمر الشعلة عبر أرقى مزارع الكروم في فرنسا، من سان إيميليون إلى شابليه وليون، وستلقي الضوء على مختلف مناطق البلاد وفن الطهي الفرنسي الشهير. ستقوم الشعلة كذلك بعبور جسر ميلو العملاق، الذي يعد مثالًا بارزًا للهندسة المدنية.
الثقافة تعني أيضًا العروض الحية: حيث ستمر الشعلة بالقرب من بوي دو فو، وتزور مدرج آرل، وتصعد درجات قصر المهرجانات في مدينة كان. كما ستكون الموسيقى كذلك في قلب رحلة تتابع المشعل، حيث سيتم تنظيم ثماني حفلات من قبل شركة كوكا-كولا Coca-Cola، أحد رعاة رحلة المشعل.
رحلة الشعلة في جميع أنحاء فرنسا، ستكشف الدور البارز الذي تلعبه الرياضة في قلوب الفرنسيين. من الرياضة للرفاهية إلى المنافسة على أعلى المستويات مع تنوع الأنشطة الرياضية، بدءًا من ركوب الأمواج في بياريتز، إلى تسلق جبل مونت فينتو، والمعروف بتحديات ركوب الدراجات، إلى الاحتفال بالمنشآت الرياضية الشهيرة مثل ملعب مرسيليا وملعب جوفروا-غيشار في سانت-إتيان.
ومن أجل تغطية مجموعة واسعة من الرياضات، ستزور الشعلة أيضًا ملاعب التنس مثل ملعب سيمون ماتيو في رولان غاروس. كما ستعبر المشعل المحيط الأطلسي على متن أحد أسرع اليخوت في العالم (Maxi Banque Populaire XI).
في الختام، ستعرض رحلة الشعلة المنشآت التي ستستضيف الأحداث الرياضية خلال الألعاب الأولمبية والبارالمبية في جميع أنحاء فرنسا، مثل المركز الأولمبي للألعاب المائية في سان دوني وملعب ايف-دو-مانوار في كولومب.
وقد اختيرت كل مرحلة من مراحل المسار لتعكس تنوع وثراء مدينة إيسون، مع تنظيم فعاليات وأنشطة خاصة للاحتفال بروح الألعاب. سوف يسلط هذا المسار الضوء على إيسون كموقع رئيسي في التحضير للألعاب الأولمبية 2024 والاحتفال بها.