لبنان اليوم.. هوية خاصّة لدى الفاتيكان!

لبنان اليوم.. هوية خاصّة لدى الفاتيكان!

  • ٢٥ حزيران ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

العلاقة التاريخية بين لبنان والفاتيكان تظهر عند كلّ مفترق طرق، فبعد تصعيد التهديدات من طرفي حزب الله وإسرائيل، يصل أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الى لبنان مع لفتة خاصّة تضع الهوية اللبنانية الفريدة على رأس الأولويات.

«نعلم جيداً خصوصية هوية لبنان في الشرق الأوسط وسنعمل على الحفاظ عليها».. 
بهذه العبارة، يضع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين خطوط زيارته إلى لبنان، بمجرّد أن حطّ في مطار بيروت، مذكّراً بمكانة لبنان لدى الفاتيكان، الذي لطالما تشارك وبكركي أهم الملفات. 
بعدما دقّ خطر آخر يهدّد ما يتبقّى من رمق اللبنانيين، بسبب التهديدات الإسرائيلية والأخبار المحرّضة، تجمع بكركي اليوم رؤساء الكتل والطوائف في لقاء مع السفير البابوي. 
لكن ماذا عن الكرسي الأوّل والأهم في لبنان، الذي يعني بكركي والفاتيكان مباشرة؟ فلا شكّ أنّ ما يحمله السفير البابوي  في جعبته، هو الملف الرئاسي بمثابة أولوية. 
إلى ذلك، يبحث إجتماع بكركي ثلاثة ملفّات أساسية: كرسي بعبدا، جبهة الجنوب، الهوية اللبنانية، التي عبّر عنها تراث العلاقة التاريخية بين الفاتيكان وبكركي. 
علاوة على ذلك، لعب الفاتيكان دوراً فعاّلاً في العديد من القضايا السياسية في المشرق، والجدير ذكره، أنّ اللجنة الثلاثية العربية المؤلفة من السعودية والجزائر والمغرب التي تألّفت بعد مؤتمر الدار البيضاء في أيار ١٩٨٩ قبيل مؤتمر الطائف في خريف تلك السنة، أول ما أقدمت عليه هي زيارة الفاتيكان لمقابلة البابا يوحنا بولس الثاني، إعترافًا منها بالأهمية القصوى التي يوليها الكرسي الرسولي للبنان. كما تمّ تعيين السفير بابلو بوانتي لمتابعة تنفيذ ذلك الاتّفاق.
يحرص الزائر الرسولي إذاً، على تهدئة الوضع اللبناني من كلّ الجهات، خاصّة أن الأوضاع الشرق الأوسطية، على وشك الإنفجار في أي لحظة، وفي ذلك أهمية خاصة للبنان وسط الظروف الحالية.
 وجاء في عظة القاصد الرسولي في إحتفال لسفارة منظمة فرسان مالطا في يومه الأول في بيروت أنّه « على الكنيسة في لبنان أن تشهد أيضاً، وفقاً لرسالتها في الحفاظ على رسالة «العيش معاً» حيّة وفعالة، والتي تميز وطن الأرز. وعلينا نحن أيضاً أن نكون شهوداً على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. وفي هذا الصدد، إسمحوا لي أن أؤكد أنّنا نشعر منذ أشهر بفراغ كبير. يغيب صوت مسيحي من شأنه أن يحدث فرقاً بلا شك، يغيب صوت رئيس للجمهورية، وهذا الغياب يثقل كثيراً في هذه المرحلة بالنسبة للشرق الأوسط. بإسم قداسة البابا وبكل ثقة ورجاء، أجدّد هذا النداء الى جميع أصحاب المسؤولية، لكي يتمّ التوصّل الى إنتخاب رئيس للجمهورية، ولكي تتمكن البلاد مرة أخرى من أن تجد الإستقرار المؤسساتي الضروري لمواجهة التحديات الراهنة بجدية». 
 وانطلاقاً من الفراغ القاتل في لبنان، يلفت النائب ملحم خلف، إلى أنّ الزائر الفاتيكاني  اختصر مواصفات الرئيس الجريء ذات الصوت الصادح والفاعل في الشرق الأوسط. وأضاف أنّ لبنان حاجة للشرق الأوسط، لإعلاء صوت العدالة والحرية لفلسطين، لبناء الجسور ما بين دول المنطقة.
لا يمكن أن تختلف مواقف الكتل اللبنانية الجامعة اليوم تحت سقف بكركي، إذ إنّ هوية لبنان الجامع بين الشرق والغرب، مفتاحاً بوجه كلّ من يحاول أن يشدّ لبنان خارج هذا السرب.
في السياق، رحب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي  بالمشاركين في لقاء رؤساء الطوائف والكتل النيابية مع أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في بكركي، وأشار إلى أنّه «إجتماع العائلة اللبنانية للحوار وليسمع كل واحد الآخر، خصوصا في ظل المرحلة الصعبة التي نعيشها»، متمنياً أن تكون «زيارة أمين سر الفاتيكان مناسبة لإحلال السلام وإنهاء الحرب».
 من جهته، قال بارولين اليوم ، يجب أن يبقى لبنان نموذج تعايش ووحدة في ظلّ الأزمات والحروب الحاصلة، وأنّ زيارته تأتي في إطار المحاولة للمساعدة في التوصّل إلى حلّ لأزمة لبنان المتمثّلة بعدم إنتخاب رئيس للجمهورية، من خلال السعي للتوصل إلى حلول تناسب الجميع. 
وعلى الرغم، من أنّ الزيارة أتت بشكل رعوي، إلّا أنّ المسائل السياسية، بحسب مصادر الصحف تأتي في الطراز الأوّل.
ولا بدّ من التذكير عندما دخل  بابا الفاتيكان الجامع الأموي في ظرف يتّسم بتأزم الوضع في الأراضي الفلسطينية ويشتدّ فيه الإحتكاك بين لبنان وسوريا، للدلالة على تاريخ الفاتيكان المعروف، بالتعاطي مع الأزمات بلغة الحوار والإنفتاح. 
وكان بارولين قد وصل إلى بكركي اليوم يرافقه السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، بينما تقاطرت الوفود المشاركة إلى الصرح البطريركي من بينها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، كاثوليكوس الأرمن الارثوذوكس آرام الأول كيشيشيان،  بطريرك الارمن الكاثوليك رافاييل بيدروس الحادي والعشرون، رئيس المجلس العلوي  الشيخ علي قدور، رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، رئيس«تيار المرده» سليمان فرنجيه، النائب بيار بو عاصي ممثّلًا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
توازياً مع زيارة بارولين اليوم، التي تستمرّخمسة أيام،  تتّجه الأنظار إلى التهدئة الجنوبية، على غرار الزيارات الدبلوماسية أو الكنسية الفاعلة.