الإنتخابات البريطانية المقبلة: صراع البقاء في ظل الأزمة الإقتصادية!

الإنتخابات البريطانية المقبلة: صراع البقاء في ظل الأزمة الإقتصادية!

  • ٠٣ تموز ٢٠٢٤
  • ريمي يونس

بعد فرنسا، تتجه الإنظار إلى بريطانيا.. فهل من تغييرات مفاجئة هنالك أيضا؟

في ظل أجواء من التوتر والقلق، تقف المملكة المتحدة على أعتاب إنتخابات مصيرية في الرابع من تموز سنة 2024. الإقتصاد يعاني، والتضخم يلتهم مدخرات المواطنين، فيما تواجه الحكومة ضغوطاً غير مسبوقة. هل ستكون هذه الإنتخابات فرصة للتغيّير الحقيقي، أم أنّ الشعب سيظلّ يعاني من الأزمات المتفاقمة؟ الأحزاب تتصارع على الساحة السياسية، وكل منها يعِد بإنقاذ البلاد من هاوية إقتصادية تزداد عمقاً. الناخبون ينتظرون بفارغ الصبر، والعالم يترقب النتيجة. هذه ليست مجرد إنتخابات، إنّها معركة من أجل البقاء وفرصة أخيرة لإنقاذ الإقتصاد البريطاني.
تواجه بريطانيا تحديات إقتصادية كبيرة، من بينها التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة والآثار المستمرة لجائحة كوفيد-19. الأحزاب السياسية تسعى إلى تقديم حلول مقنعة لجذب الناخبين. حزب المحافظين يتعهد بالإستمرار في سياسات تقشفية مع تركيز على تقليل الدين العام، بينما يروّج حزب العمال لسياسات إقتصادية أكثر تقدماً تشمل زيادة الإنفاق على الخدمات العامة وتحسين الأجور.

التحديات الاقتصادية
بريطانيا تواجه حاليًا أزمات إقتصادية تُعدّ الأكثر تحديًا منذ عقود، مثل التضخم الذي بلغ 8.7% في مايو 2024، وإرتفاع تكاليف المعيشة التي زادت بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق. هذه التحديات تأتي في ظل الآثار المستمرة لجائحة كوفيد-19، التي أدت إلى خسارة الإقتصاد البريطاني ما يقارب 400 مليار جنيه إسترليني. الأحزاب السياسية، مثل حزب المحافظين وحزب العمال، تقدم حلولًا مختلفة لجذب الناخبين علماً أنّ المحافظين يميلون إلى سياسات تقشفية بهدف تقليل العجز البالغ 70 مليار جنيه إسترليني، بينما العمال يدعمون زيادة الإنفاق على الخدمات العامة، متعهدين بزيادة الضرائب على الأغنياء لتمويل هذه السياسات.

السياسات الخارجية وعلاقات ما بعد بريكست
منذ خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي (بريكست)، أصبحت العلاقات الدولية أكثر تعقيدًا. الإتفاقيات التجارية الجديدة مع دول مثل الولايات المتحدة وأستراليا تمثل جزءًا من الإستراتيجية التجارية الجديدة حيث أن الحكومة تهدف إلى توقيع 20 اتفاقية تجارية جديدة بحلول عام 2025. من ناحية أخرى، الأحزاب تقدم رؤى مختلفة لكيفية التعامل مع هذه الإتفاقيات، حيث يرغب بعض الأحزاب في إعادة النظر في جوانب من إتفاقية بريكست لتعزيز التجارة مع الإتحاد الأوروبي الذي يمثل 43% من صادرات بريطانيا.
يتنافس حزب المحافظين بقيادة ريشي سوناك وحزب العمال بقيادة كير ستارمر على تقديم الحلول. سوناك يعِد بتحقيق الإستقرار الإقتصادي من خلال سياسات مالية صارمة، بينما يقترح ستارمر تعزيز العدالة الإجتماعية والإستثمار في الخدمات العامة كسبيل للخروج من الأزمة. لكن هذه الاتفاقات تبقى على قيد الانتظار مع  التباطؤ التي تشهده عمليات إبرام الإتفاقيات التجارية الجديدة مع الإتحاد الأوروبي والدول الأخرى. هذا التعثُّر يضعف من قدرة بريطانيا على الوصول إلى الأسواق العالمية بكفاءة ويضعها في موقف منافسة أقل تنافسية عالميًا.في الوقت نفسه، تواجه السياسات الخارجية البريطانية إختبارًا حقيقيًا حيث أنّ العلاقات ما بعد البريكست مع الإتحاد الأوروبي ما زالت متوترة، والإتفاقيات التجارية مع الولايات المتحدة ودول أخرى تتأخر، مما يضعف من قدرة بريطانيا على المنافسة في الأسواق العالمية.

الإنتخابات القادمة لن تكون مجرد تصويت عادي؛ إنّها فرصة لتحديد مصير بريطانيا في السنوات القادمة. ستحدّد النتائج كيف ستتعامل البلاد مع التحديات الإقتصادية والسياسية الكبرى، وكيف ستعيد بناء نفسها على الساحة العالمية. إنّها معركة من أجل البقاء، والخيارات المطروحة ستشكل مستقبل بريطانيا لعقود قادمة.
يبقى السؤال: من سيكسب ثقة الشعب البريطاني ليقود البلاد نحو مستقبل أكثر إشراقاً وإستقراراً؟