صفقة يعرضها الحجار على البيطار: إكتفِ بالموظفين الصغار واترك السياسيين للسياسيين

صفقة يعرضها الحجار على البيطار: إكتفِ بالموظفين الصغار واترك السياسيين للسياسيين

  • ٠٧ تموز ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

في 22 شباط عام 2024، وبعد تسلمه منصب المدعي العام التمييزي خلفاً للقاضي غسان عويدات، كان أمام القاضي جمال الحجار ملفات عديدة حساسة وخطيرة للبت بها، وصار عليه إتخاذ القرارات المناسبة. مثل قضية المرفأ، وملف القاضية غادة عون.

وبعد مرور أربعة أشهر على تسلم الحجار هذا المنصب، تظهر واضحة محاولاته في الوقوف على الحياد، أو الوقوف في المنتصف، ربما لاعتقاده أنّ اللون الرمادي (بين الأسود والأبيض) قد ينجيه من الإنتقادات، فيتمكن حينها من إنهاء ولايته المتبقية بعيداً عن المشاكل والخلافات. لكن على أرض الواقع الأمور مختلفة، وغالباً الوقوف في منتصف القضايا قد يحمل الكثير من الأضرار، ومحاولة إرضاء جميع الأطراف ليست من الأساليب الناجحة دائماً، ولا تجدي نفعاً.  

وتقصّد الحجار منذ شهر شباط الماضي في قضية المرفأ الوقوف في منتصف هذا الملف، ظناً منه أنّ محاولته هذه ستكون ناجحة وسيتمكن من إنصاف جميع الأطراف، علماً أنّ صديق الجميع، يخسر معركته باكراً. 
أكثر من 5 إجتماعات نظمت داخل قصر عدل بيروت، جمعت المحقّق العدلي لملف المرفأ القاضي طارق البيطار، بالمدعي العام التمييزي القاضي الحجار، لمناقشة قضية المرفأ، ومتابعتها وإيجاد المخارج القانونية، وفي بعض الأحيان شارك رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود هذه الاجتماعات، إلا أنّ الملف لم يصل إلى أي مرحلة إيجابية. 

ويحاول الحجار اليوم اللعب بمكيالين، وتمرير الوقت تجنباً للإنفجار الكبير، والأهم أنّه يسعى لإرضاء جميع المعنيين في الملف من دون إستثناء، فتارةً يرضي أهالي ضحايا المرفأ الواثقين بالبيطار، وطوراً يرضي أهالي ضحايا المرفأ المعارضين للقاضي البيطار، فيستمع للطرفين، ويسعى أيضاً لإرضاء الطبقة السياسية، الطبقة نفسها التي تتهرّب من الملاحقة القضائية والتي تحاول دفن ملف المرفأ وطوي هذه الصفحة داخل القضاء اللبناني. 

وبحسب مصادر «بيروت تايم»، خلال الإجتماعات قدّم عرضاً للبيطار، وهذا العرض يتضمن موافقة النيابة العامة التمييزية برجوع البيطار إلى ملف تحقيقاته، وبإصدار تعاميم جديدة تهدف لإعادة التعامل اليومي بين قلم النيابة العامة التمييزية والقاضي طارق البيطار، وهذا العرض هو إعادة الحياة إلى ملف المرفأ المجمد، ولكن في المقابل، هناك بعض الشروط التي ينبغي على البيطار التقيّد بها، والموافقة عليها، وهي تقسيم الملف إلى ملفات صغرى بحسب الإختصاص. يعني أن تتولى النيابة العامة التمييزية مسألة ملاحقة القضاة المدعى عليهم. أما السياسيين فيحولون إلى المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء وهي تتولى مسؤولية محاكمتهم. أما القسم الذي يتبقى للبيطار فهو ملاحقة الموظفين. ويمكن أن يعتبر هذا العرض هو كصفقة يتفق عليها أي طرفين، والواضح أنّ هذا العرض لو نجح كان سيتماشى مع أهواء ورغبات الطبقة السياسية بشكل كبير، التي حاولت طيلة أربع سنوات مضت  إقفال الملف قضائياً وتطيير التحقيقات لعدم ملاحقتها، فالمنظومة ومنذ لحظة شعورها أنّ البيطار يشكل خطراً عليها، لجأت إلى إشعال الشارع اللبناني، وكانت على جهوزية كاملة لافتعال حرب أهلية من أجل تأمين الحماية الكاملة لها. وبحسب المصادر فإنّ هذا العرض إن وافق عليه البيطار، سيسمح له حينها باستكمال تحقيقاته وبتحويل الملف الذي يحقق فيه بعد الإنتهاء منه إلى النيابة العامة التمييزية التي تبدي بدورها مطالعتها ومن ثم تعطي الملاحظات على هذا الملف، ومن ثم يصدر البيطار قراره الاتهامي المؤلف من حوالى ألف صفحة، ويقدم هذا القرار للرأي العام الذي سيعرف وسيطلع على أسماء الجهات المسؤولة عن تفجير العاصمة بيروت بسكانها في الرابع من آب. 

ولكن، مصادر«بيروت تايم» أكدت أنّ البيطار رفض هذا العرض ولم يوافق عليه، ورفض تقسيم ملفه، لأنّه هو المحقق المسؤول عن متابعة هذا الملف بشكل كامل، وله الحق بملاحقة السياسيين والقادة الأمنيين والقضاة أيضاً. 

وخلال الأسبوع الماضي، استقبل القاضي الحجار وفداً من مكتب الإدعاء في نقابة المحامين الخاص بقضية 4 آب، تألف من مجموعة من المحامين ومن النقيب السابق والنائب الحالي ملحم خلف، وجرى مناقشة هذا الملف والطرق التي أدت إلى عرقلته وعرضت السبل القانونية لمعالجة هذا الملف، وبعد أيام استقبل الحجار وفد من أهالي ضحايا المرفأ المعارضة لعمل البيطار، والمطالبة بتغييره، وهذا اللقاء ضم رئيس تجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط، ووزير الدفاع السابق، يعقوب الصراف الذي حضر إلى قصر عدل بيروت متمسكاً بملفات وبوثائق حول قضية المرفأ، زاعماً أنّه يملك معطيات مهمة حول هذا الملف، وقدمها للحجار الذي وعده بالاطلاع عليها. 

إنّ هذا العرض القضائي وإن كان محاولة لإعادة الملف إلى سكته، وإن كان أيضاً يعتبر أنّه من ضمن الحلول التي توصل إليها القضاء اللبناني، لكن  مما لا شك فيه أنّه من الحلول التعجيزية، وبحسب معلومات «بيروت تايم» فإنّ أهالي ضحايا المرفأ لم يعُد بإمكانهم الإنتظار طويلاً، ويطالبون الحجار بأن يضرب بيد من حديد لأنّها فرصته الوحيدة ليثبت أنّ الحق لا يموت والقضية لم تُنسَ، والمطلوب منه اليوم إيجاد حلول واقعية لهذه القضية وإعادة إحياء الملف وتحرير يد البيطار، وتصحيح الأخطاء التي اقترفها عويدات خلال ولايته والتي ما زالت ماثلة  في أذهان المواطنين وفي ذاكرة أصحاب الحق، على الرغم من  مرور أكثر من 4 أشهر على تقاعده.