منصوري يمنع تمويل الكهرباء ليقلّص خسائر المركزي
منصوري يمنع تمويل الكهرباء ليقلّص خسائر المركزي
النقاشات حول قدرة وزارة الطاقة على استخدام أموالها من مصرف لبنان، هو صراع سياسي ومناكفات بين التيار الوطني الحرّ وحركة أمل، أبطاله وزير الطاقة وليد فياض وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، فهو مغطى من وزير المال يوسف الخليل الذي بدوره يتغطى بالمصرف المركزي.
هذه المناكفات أدت إلى قطع منصوري النفط عن الوزارة، فقرّر الوزير قطع الكهرباء عن المطار ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وما حصل أعاد النقاش حول أموال الحكومة لدى مصرف لبنان من جهة، والخلل البنيويّ في قطاع الطاقة في لبنان.
وفي وقت كل ما يخرج عن المصرف تسريبات وأقاويل، عوضاً عن إصدار أرقام دقيقة وبيانات توضيحية. تنقل مصادر منصوري تبريره المبني على حجتين، الأولى أنّ هناك نفقات وإيرادات مقدرة في موازنة عام 2024، وهو يعمل وفقها، دون ذكر الآلية التي وفقها قدرت الإيرادات. فخلال نقاش الموازنة طلب تحديد الإيرادات، أرسل يومها وزير المال يوسف الخليل فاكس لوزارة المالية طالباً تحديد الإيرادات، فأرسل له ورقة واحدة حول التقديرات لحجم الإيرادات، وعليه الجهة نفسها التي عينت الخليل ومنصوري هي من حددت الإيرادات، وبالتالي تعتبر هذه الموازنة وهمية، ولا تتضمن الإيرادات الحقيقية، فهي أكبر بكثير من أرقام الموازنة، وهي كانت لعبة بين منصوري والوزارة.
الحجة الثانية للمصرف أنّ أموال الوزارة بالليرة والمبالغ التي تطلب بالدولار، فيما المؤسسة قادرة على شراء الدولار، بعد أن تمّ تعديل التعرفة ودفع الفواتير بالدولار أو الليرة على سعر سوق السوداء.
فيما المشكلة ليست غياب السيولة، بل في رغبة وسيم منصوري بيع الدولارات، ومنع الحكومة من إستخدام أموال الضرائب، حيث يقوم بجمع الليرات من السوق عبر الضرائب والرسوم، لامتصاص السيولة، ومن جهة أخرى يضخ المزيد من الليرة في السوق ليشتري الدولارات، وليرفع من الإحتياطات على حساب الدولة، لذلك يتشدّد مع وزارة الطاقة.
وقد راكم المصرف المركزي في حساب الخزينة اللبنانية لدى مصرف لبنان، المعروف بحساب الـ 36، أكثر مليار دولار في السنة الأخيرة، ليصبح حجم المبلغ في الحساب أكثر من 4 مليار دولار، من أموال دافعي الضرائب. وبقرار من منصوري، توقّف المصرف عن تمويل الدولة، ذلك كأنّ المصرف مؤسسة مستقلة تماماً عن الدولة، متناسين أنّها مؤسّسة رسمية، ويفترض بها العمل للصالح العام.
يمنع منصوري الحكومة من استخدام أموالها للحفاظ على سعر الصرف، وهنا الحديث يذهب إلى تحديد الأولويات، بين الحفاظ على ثبات سعر الصرف أم تحسين الوضع الإقتصادي-الإجتماعي للمواطنين. ومنها تحدّد طبيعة الأزمة، في سعر الصرف أم في ضرب المجتمع كلّه مرتين، أولاً في خسارته مدخراته، ومرة أخرى بتحميله كلفة الإنهيار، في حياته اليومية، والتمهيد لإنقاذ المصارف عبر استثمار وبيع الأملاك العامة، تكريساً لسردية أنّه على الدولة أن تدفع ثمن الإنهيار.
لا بيانات دقيقة حول حجم الكتلة النقدية بالدولار في السوق مقابل حجم الليرة، وتشير التقديرات تشير إلى أنّ تواجد الدولار هو ضعف حجم الليرة في السوق ، ومنذ وصول منصوري إلى الحاكمية إشترى أكثر من مليار دولار من السوق، وهذه أموال كانت معروضة بالسوق استحصل عليها مصرف لبنان، فلو حرر سعر الصرف كان يفترض أن ينخفض سعر الصرف. وبما يملكه المصرف الان يمكن ان يخفض سعر الصرف مرتين، لكن يرفض منصوري الأمر لأنّه يعمل على تخفيض حجم خسائر المصرف على حساب الدولة وإيراداتها، وعلى حساب سعر الصرف.
العملية التي يقوم بها منصوري محكمة، إذ في عهد رياض سلامة، كان هناك حساب للخسائر، حوّله منصوري الى حساب فروقات سعر الصرف يضع فيه كلّ ما يمكن للمصرف المركزي أن يكسبه من فروقات سعر الصرف. وفي آخر تعديلات في ميزانية مصرف لبنان في شباط عام 2023، ربط الخسائر في هذا الحساب، إذا سابقاً كان الإختلاف في قيمة الذهب والاختلاف في قيمة الإحتياطات تسجل في حساب جانبي بمفرده، قرّر منصوري وخلق حساب جديد وضع فيه كل خسائر مصرف لبنان ونزع منه الزيادات التي طرأت على قيمة الذهب والإحتياطات التي يمكلها، وباتت قيمة الذهب والزيادة التي طرأت عليها وقيمة الإحتياطات والزيادة التي طرأت عليها تحذف تلقائياً من حساب الخسائر، وهذا الحساب الذي كان من المفترض التعامل معه في إعادة هيكلة المصارف، وعليه هذه الفروقات من الإحتياطات تقلّل من قيمة الخسائر.
يريد منصوري كسلفه رياض سلامة أن يدفع الناس ثمن الإنهيار، في وقت لا تزال الأموال تهرّب إلى الخارج وبعمليات ملتوية، مثل شراء الذهب وبيعه. وبحجة التوقف عن تمويل الدولة، يسحب المصرف المركزي مسؤوليته تجاه المجتمع. فإيقاف تمويل الدولة هو أحد بنود الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكن لم يخرج قانون من مجلس النواب يمنع المصرف المركزي من تمويل الدولة، إنما هذا قرار إتخذه منصوري منذ تسلمه المسؤولية.
أما قانون النقد والتسليف فينصّ في المادتين 88 و89 على أنّه «يُجاز للمصرف أن يمنح الخزينة، بطلب من وزير المالية، تسهيلات صندوق لا يمكن أن تتعدى قيمتها عشرة بالمئة من متوسط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الأخيرة المقطوعة حساباتها ولا يمكن أن تتجاوز مدة هذه التسهيلات الأربعة أشهر» و«تعطي الحكومة إجازة دائمة تخولها اللجوء الى الإستلاف المنصوص عليه بالمادة السابقة كلّما تبيّن لوزارة المالية و«للمصرف المركزي ». «إنّ موجودات الخزينة الجاهزة لدى هذا المصرف غير كافية لمواجهة إلتزامات الدولة الفورية .إلا أنّ هذه الإجازة لا يمكن إستعمالها أكثر من مرة واحدة خلال إثني عشر شهراً». وفي المادة 90، لا يمنح المصرف المركزي قروضاً للقطاع العام، باستثناء تسهيلات الصندوق المنصوص عليها بالمادتين 88 و89.