كريم ضاهر لـ «بيروت تايم»: الدعاوى ضد المصارف في الخارج تأتي على حساب المودعين

كريم ضاهر لـ «بيروت تايم»: الدعاوى ضد المصارف في الخارج تأتي على حساب المودعين

  • ٢٣ آب ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

أعادت قضية بنك «عودة» ومؤسسة التمويل الدولية، ملف الدعاوى القضائية المرفوعة ضد المصارف اللبنانية في الخارج، إلى دائرة النقاش.

يعتبر المحامي ورئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر في حديث لـ «بيروت تايم»، أنّ هذه الدعاوى في حال ربحت، ستتقاضى الشركة أموالها على حساب المودعين.

يكمن الخطر في هذه الدعاوى، بأنّ رافعيها دفعوا مبالغ ضخمة جداً بدل أتعاب المحامين، وتحمل المصرف هذه الاتعاب، فإذا ربح رافع الدعوى 4 مليون دولار، وبلغت اتعاب المحامين ملوني دولار، خسر المصرف 6 ملايين من حقوق المودعين.

يشرح ضاهر الفرق في التعامل مع هذه الدعوى في حال كان المصرف يعمل بشكلٍ طبيعي، أو هو في حالة تعثر. فإذا كان لا يزال يعمل بشكلٍ طبيعي، فمن السهل اليوم أن يقدم أي طرف التبرير الذي يريد.

في المبدأ، ضمانة القروض المرؤوسة أقل من القرض العادي، وفي التراتبية يأتي بعد حقوق المساهمين، لأنّ فائدته أعلى من القروض العادية، وفي حالة الافلاس، في تراتبية المسؤوليات، هذه القروض تأتي في المرتبة الأدنى، لناحية استرداد الحقوق.

اذا كان المصرف في حالة طبيعية، لا يحق له التمنّع عن دفع هذه القروض المستحقة عليه،لأنّه تعاقدياً هو ملزم، فيما هو منقطع عن تسديد الفوائد، وبما أنّ العقد المبرم بين المصرف ومؤسسة التمويل الدولية لم يظهر، والمحامون في هذا الوضع ينظرون الى ما لديهم من معلومات، وفي هذه الحالة اذا كان هناك انقطاع في تسديد أي إستحقاق للفائدة أو لأصل الدين، تعتبر كل الاستحقاقات مستحقة حكماً، ويطالب بالمبلغ كاملاً.

اذا في حال كان العقد ينصّ على أنّ الفائدة لا تدفع في حال عدم تحقيق المصرف أية أرباح، وهذا ما ذكره المصرف في بيانه. وهنا يجب النظر في بيانات المصرف، اذا كان فعلاً لم يحقق أرباحاً، وهذا أمر صعب، لأنّ مصرف لبنان طلب من المصارف عام 2022 بعدم توثيق الأرباح التي حققتها في السنوات بين 2020و 2022، لأنّه كانت الأرباح متوفرة من عائدات الفوائد من الدولة ولم يترتب على المصارف فوائد للمودعين، بمعنى آخر، ودفترياً كانت هناك أرباح تتحقق من قبل المصارف.

من هنا مسؤولية المصرف تجاه مؤسسة التمويل الدولية قائمة، ولا يمكن لمصرف لبنان منعه من دفع ديونه، لأنّ هذا القرار يصدره مجلس النواب. وينصّ القانون 110/91  على أنّه «للمحكمة المصرفية الخاصة المنشأة بهذا القانون خلال مهلة تنتهي في 31/12/1993، أن تقرر بناء على الاحالة المعللة من حاكم مصرف لبنان، وضع اليد على أي مصرف إذا تبين أنّه لم يعُد في وضع يمكنه من متابعة أعماله»، والقانون 2/67،هو قانون لإعادة الهيكلة، الذي ينص على أنّه «حتى بعد زوال التوقف عن الدفع، لا يمكن الإدلاء إعتباراً من تاريخ العمل بهذا المرسوم الاشتراعي بالقوة القاهرة أو العذر المشروع كما تستفيد نهائياً من توقف سريان الفائدة على ديونها لغاية انتهاء توقفها عن الدفع»، ويعطي القانون مهلة 6 أشهر ويزيد لاحقاً شهرين إضافيين للجنة أخرى، لإيجاد تسديد كل الديون المستحقة، وإعادة إطلاق المصرف من جديد وإدارة جديدة.  

يمكن للمصرف المركزي القول بعدم الدفع على حساب المودعين، كي لا يحصل تماييز وتمييز، لكن أهم ما جاء في بيان بنك «عودة» هو اعترافه الضمني بعدم قدرته على تسديد المبلغ لمؤسسة التمويل الدولية، ولا الفوائد، ولا قدرة. فأتى تبرير المصرف، كاعتراف من قبله بعدم قدرتهم على سداد ديونهم، وبالتالي هو في حالة تعثر.

وعليه، نحن في واقع شاذ، وهذا اعتراف من بنك «عودة» ، بأنّه غير قادر على التسديد، وفي حال سدد سيقوم بذلك على حساب المودعين، وهذا إثبات أنّ المصرف في حالة توقف عن السداد بما يستدعي تنفذ القوانين المصرفية، ويستدعي تغيير إدارة المصرف، ورفع السرية المصرفية عن رئيس وأعضاء مجلس إدارة المصرف والمدراء التنفيذيين ومفوضي المراقبة، وحجز حقوقهم واصولهم إلى حين إظهار اذا كانوا مرتكبين أو لا، ويشكل مجلس إدارة يمثل المساهمين والمقرضين، ومن بينهم مؤسسة التمويل الدولية وبعض المودعين.

تواجه هذه الحجج بأنّ المشكلة نظامية، لكن هذه الأزمة باتت في عامها الخامس، والى اليوم لم يصدر قانون إعادة هيكلة المصارف ولم يصدر قانون يثبت انّنا واقعين في مشكلة نظامية، يحق للمؤسسة رفع دعوى قضائية على المصرف ومتابعة أمواله، لأنّ القضاء اللبناني أظهر عجزه وقصوره لاعطاء الجميع حقوقهم.

تراتبية الديون تطبق عندما يعلن المصرف إفلاسه، وليس عندما يكون في حالة عمل طبيعي، وهنا لا يوجد أولوية، وعلى المصرف اليوم الاعتراف بأنّه غير قادر على السداد، واقرار قانون لإعادة هيكلة المصارف.
يؤكد ضاهر أنّ الحل يجب أن يطبق في الأمس قبل غداً، لحماية حقوق المودعين، ومنهم المودعين في بنك «عودة» الذين يطالبون بأموالهم ولم يحصلوا عليها بعد، الا بما نذر من التعاميم.