هل أصبحت المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية؟

هل أصبحت المخيمات الفلسطينية في لبنان ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية؟

  • ٠٤ تشرين الأول ٢٠٢٤
  • تيريزا كرم

ي الفترة الأخيرة، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان تصعيداً خطيراً، مع استهداف قيادات فصائل فلسطينية من قبل إسرائيل. كانت البداية مع اغتيال قائد حركة حماس في لبنان، فتح شريف أبو الأمين . في غارة استهدفت منزله بمخيم البص في مدينة صور جنوب لبنان في الثلاثين من أكتوبر أي ما يقارب السنة من تاريخ طوفان الاقصى. الهجوم أدى إلى مقتله مع زوجته ، مما شكل ضربة موجعة لحركة حماس في الخارج. ولم تتوقف الضربات عند هذا الحد، بل تبعتها غارات أخرى في اليوم عينه استهدفت قيادات في تنظيمات فلسطينية مختلفة، بما في ذلك اغتيال ثلاثة من قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ضربة استهدفت منطقة الكولا في بيروت. تتزامن هذه العمليات مع تصاعد حدة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، خاصة بعد استهداف السيد حسن نصر الله، مما يجعل هذه الاستهدافات تزعزع استقرار الفصائل الفلسطينية في لبنان. كما امتدت الغارات لتستهدف القيادات الميدانية لحركة فتح، مثل اغتيال حسن منير المقدح، نجل قائد كتائب شهداء الأقصى في لبنان منير المقدح، في غارة على مخيم عين الحلوة. وتعد عملية استهداف مخيم عين الحلوة الثانية للمخيمات الفلسطينية في لبنان منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» وهي أول ضربة لمخيم عين الحلوة منذ سنوات. هذا التصعيد أثار المخاوف من أنّ المخيمات الفلسطينية قد أصبحت ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية، مما ينذر بمرحلة جديدة من الصراع.

في الفترة الأخيرة، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان تصعيداً خطيراً، مع استهداف قيادات فصائل فلسطينية من قبل إسرائيل. كانت البداية مع اغتيال قائد حركة حماس في لبنان، فتح شريف أبو الأمين . في غارة استهدفت منزله بمخيم البص في مدينة صور جنوب لبنان في الثلاثين من أكتوبر أي ما يقارب السنة من تاريخ طوفان الاقصى. الهجوم أدى إلى مقتله مع زوجته ، مما شكل ضربة موجعة لحركة حماس في الخارج. ولم تتوقف الضربات عند هذا الحد، بل تبعتها غارات أخرى في اليوم عينه استهدفت قيادات في تنظيمات فلسطينية مختلفة، بما في ذلك اغتيال ثلاثة من قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ضربة استهدفت منطقة الكولا في بيروت. تتزامن هذه العمليات مع تصاعد حدة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، خاصة بعد استهداف السيد حسن نصر الله، مما يجعل هذه الاستهدافات تزعزع استقرار الفصائل الفلسطينية في لبنان.

كما امتدت الغارات لتستهدف القيادات الميدانية لحركة فتح، مثل اغتيال حسن منير المقدح، نجل  قائد كتائب شهداء الأقصى في لبنان منير المقدح، في غارة على مخيم عين الحلوة. وتعد عملية استهداف مخيم عين الحلوة الثانية للمخيمات الفلسطينية في لبنان منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» وهي أول ضربة لمخيم عين الحلوة منذ سنوات.  هذا التصعيد أثار المخاوف من أنّ المخيمات الفلسطينية قد أصبحت ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية، مما ينذر بمرحلة جديدة من الصراع.

ويعود هذا الاهتمام بالمخيمات الفلسطينية إلى النفوذ المتزايد لحركة حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة داخلها، والذي سمح لأعضاء حماس والجهاد الإسلامي بتنفيذ عمليات تسلل إلى شمال إسرائيل وشن هجمات صاروخية عبر الحدود. كما أنّ الإعلان عن تشكيل كتائب «طلائع طوفان الأقصى» في كانون الأول 2023، بالتنسيق مع حزب الله، أثار مخاوف الحكومة اللبنانية من عودة المخيمات إلى لعب دور مشابه لدور منظمة التحرير الفلسطينية في الحرب الأهلية اللبنانية.

كل هذه الأحداث تُعيد إلى الواجهة مسألة المخيمات الفلسطينية في لبنان، التي لطالما كانت محوراً للصراعات المسلحة، سواء بين الفصائل الفلسطينية أو مع الأطراف اللبنانية المختلفة. فمنذ هزيمة 1967 ونشأة منظمة التحرير، مروراً بالحرب الأهلية اللبنانية، ومجزرتي صبرا وشاتيلا، وصولاً إلى الاشتباكات في مخيم نهر البارد عام 2007، ظلّت المخيمات الفلسطينية بؤراً للصراعات العنيفة في المنطقة.

ومع تحول بعض المخيمات، مثل عين الحلوة، إلى ساحة صراع جديدة مع تنامي قوة حماس على حساب نفوذ فتح، يُطرح السؤال: هل ستستمر إسرائيل في استهداف هذه المخيمات؟ وهل ستشهد المخيمات الفلسطينية تصعيداً أمنياً جديداً يجعلها محوراً جديداً في الصراع العسكري الإسرائيلي اللبناني؟

إضافةً إلى ما سبق، تعتبر المخيمات الفلسطينية في لبنان بيئة معقدة ومتداخلة أمنياً وسياسياً، حيث تُشكّل مناطق ذات حكم شبه ذاتي تحت سيطرة الفصائل الفلسطينية المسلحة، خارج نطاق السيطرة الكاملة للدولة اللبنانية. هذا الواقع يُضفي مزيداً من التعقيد على الوضع الأمني في البلاد، خاصة في ظل التوترات الإقليمية بين إسرائيل ولبنان، فضلاً عن التنافس الداخلي بين الفصائل الفلسطينية نفسها.

منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، حاولت السلطات اللبنانية الحد من أي نفوذ سياسي أو عسكري للفصائل الفلسطينية داخل البلاد. لكن على مدى العقود الماضية، شهدت المخيمات حالة من الفلتان الأمني والنزاعات بين الفصائل الفلسطينية، حيث تحول بعضها إلى ملاذ آمن للعناصر المتطرفة والتنظيمات الإرهابية. مخيم عين الحلوة، على سبيل المثال، أصبح ملجأً للعديد من المطلوبين من قبل السلطات اللبنانية.

التصعيد الأخير في المخيمات الفلسطينية يأتي في ظل سلسلة من التطورات الإقليمية التي تشمل التنسيق المتزايد بين حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة.

 على الصعيد الفلسطيني الداخلي، أدت عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات حركة فتح، ومن قبلها قيادات في حماس والجبهة الشعبية، إلى تأجيج التوترات بين الفصائل. فقد صرّحت مصادر مقربة من حركة فتح بأن استهداف منير مقدح وشقيقه حسن أثار تساؤلات حول مدى قدرة فتح على حماية كوادرها في ظل تنامي نفوذ حماس داخل المخيمات. في المقابل، اعتبرت حماس أن هذه الضربات هي محاولة لإضعاف موقفها في لبنان بعد أن استطاعت تكوين بنية عسكرية قوية وتحقيق حضور سياسي بارز داخل بعض المخيمات.

من جهة أخرى، لم تكن السلطات اللبنانية بمنأى عن هذا التصعيد، إذ أطلقت بعض الأصوات السياسية تحذيرات من احتمال انفجار الوضع الأمني في المخيمات وتمدده إلى المناطق اللبنانية المحيطة، كما حدث في أحداث مخيم نهر البارد عام 2007. في تلك الفترة، استمرت الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومجموعة فتح الإسلام المسلحة لعدة أشهر، مما أسفر عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين والعسكريين، وتدمير المخيم بالكامل. وما يزيد من خطورة المشهد الراهن هو عدم وجود آليات واضحة للسيطرة على الوضع الأمني داخل المخيمات، وعدم قدرة الفصائل الفلسطينية على ضبط الأوضاع فيها.

وإلى جانب المشهد الأمني المعقد، هنالك عوامل سياسية تلعب دوراً في هذا التصعيد، فمع إعلان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية برئاسة فتح وحماس في عام 2023، ظهر تباين واضح في الرؤى حول دور المخيمات الفلسطينية في لبنان. ففي الوقت الذي تسعى فيه فتح للحفاظ على نفوذها التاريخي والسياسي، تعمل حماس على توسيع نفوذها العسكري، خاصة في مناطق جنوب لبنان حيث يحظى حزب الله بنفوذ قوي. هذا التنافس السياسي، بالإضافة إلى محاولات بعض الفصائل الأخرى كالجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعزيز حضورها في المشهد، يساهم في زيادة هشاشة الأوضاع في المخيمات.

هذه التطورات تضع المخيمات الفلسطينية في لبنان في دائرة الاستهداف المباشر، وتجعلها مرشحة لتكون مسرحاً جديداً للصراع في ظل الانقسام الداخلي الفلسطيني، والتوترات الإقليمية المتصاعدة، وتعقيدات العلاقة بين لبنان والفصائل الفلسطينية. فهل ستصبح المخيمات الفلسطينية ساحة لتصفية الحسابات الإسرائيلية مع الفصائل الفلسطينية؟ أو ستواصل إسرائيل استراتيجيتها باغتيال شخصيات معينة في المخيمات؟

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: في حال توسعت دائرة الاغتيالات الإسرائيلية لتشمل عمليات أوسع داخل المخيمات، إلى أين سيذهب النازحون من هذه المخيمات؟ هل إلى فلسطين المحتلة التي تعيش تحت وطأة القصف والدمار، أم إلى بيروت التي عانت أساساً من عدم قدرتها على استيعاب كافة النازحين من الجنوب في الأزمات السابقة؟