المُغَـرِّد والمُشَـرَّد… والمُرْشِـد

المُغَـرِّد والمُشَـرَّد… والمُرْشِـد

  • ٠٥ تشرين الثاني ٢٠٢٤
  • جورج طوق

عذرًا سيّدي المُرشد. لا نريد إثقال عاتقك بمطالب الصمود والترسانات النوعيّة. لكن لطفًا، نريد فقط، صفّارة إنذار. بات حُلمُنا صفّارةً تَقينا من كابوس أفيخاي.

قبل أيّامٍ قليلة، توجّهت، من بيروت، نحو طرابلس في مشوار محاولة عملٍ صباحيّة. فالمصاريف عديمة الرحمة، لا تأبه بأمزجتِنا وظروفنا وسلامتنا. ومن طقوسنا الثابتة، نحن اللبنانيّيون، التحقّق من إرشادات خطوط تطبيق «غوغل» الحمراء، الدالّة على الزحمة، قبل أيّ مغامرةٍ لنا على طرقات هذا البلد المحتقن في كلّ شيء، لا سيّما، في جنون السير. لكنّ غَشْم عدُوّنا وجد طريقه إلى إبطال التطبيق المُرشِد هذا للتشويش على إرشادات عَدْوِنا على طريق القدس. ومع خروج طقس غوغل القسريّ من يوميّاتنا، بات التعريج على تغاريدَ أفيخاي طقسًا ملزمًا، لا بسالة في إغفاله ولا بديل عنه. تغاريدُ أحمرَها أشدّ حقدًا وخطورة من حُمرة خطوط الزحمة على غوغل. وهناك، في عاصمة الشمال، قبل الهمّ بالعودة، عدت ثانيةً إلى غلاظة منشورات الرجل. لا نعلم كيف اقتحمت غلاظة المتحدّث العدوّ هذا إلى طقوس يوميّاتنا في هذا البلد الملعون من عبدة القدير وحزبه والمتروك له على حدٍّ سواء. يومها، خلت طريقي من وعيد نقاط أفيخاي الحمراء، فتنفّست الصعداء، واقتصرت الأضرار على المعنويات.


«حلم الصفّارة وكابوس أفيخاي»
إنّها من سخرية القدر أن تحلّ سوقيّة تغريدات أفيخاي وركاكة لغته مكان صفّارةٍ وطنيّة تنذرنا من عدائيّته. فالمحور، الذي أسقط مؤامرة الموسيقى والرقص والشراب ولباس البحر، ورفض تذلّل الدرع الأزرق، واختار طريق التستّر والحزم والممانعة والعزّة والعنف، وأمسك وحمى منظومة حكمنا، قد أغفل نباهة صفّارة الإنذار عن قرى ناسه وبلداتهم، ورمانا، جميعًا، بين متابعي متحدّث العدوّ على منصّة إكس. عشر دقائق يمهلنا الرجل لإخلاء مدينة بحجم بعلبك أو النبطيّة أو ناحية بثلث حجم بيروت. مدينةٌ تهجّرها تغريدة. وفي المقابل بيانات وتصاريح وكلام، لوجوه المحور ورأسه، لا تُثَبّت قدمًا ولا تردّ مقذوفةً ولا ترفع، في المعنويّة، روحًا. عذرًا سيّدي المُرشد. حماوة تغريدة المُشَرِّد أفيخاي أدهم من برودة إرشاداتك. فدُرّة تاجك لم تهدر لؤلؤة واحدة في سبيل الملجأ والإنذار والنجاة، ولا في سبيل الصمود الذي أتخمت آذاننا بتمجيده. لا نريد إثقال عاتقك بمطالب الصمود وقبب الحماية والترسانات النوعيّة. لكن لطفًا صديقي المرشد، نريد، فقط، صفّارة إنذار. بات حُلمُنا صفّارةً تقينا من كابوس أفيخاي.

«على طريق… الحكم»
ليست برودة المُرشِد مسألة طباعٍ فقط، إلاّ أنّ الرجل يبعد عن النقاط الحمراء تلك، فوق رؤوسنا، أكثر من خمسمئة مترٍ بكثـــــير. فالمسافة، بين بيروت وطهران، تزيد عن ١٤٠٠ كيلومترٍ. وعلى البعد الشاسع هذا، تبقى أصداء القنابل ودماء الأطفال هنا ودموع الأمّهات، صفّارات إنذارٍ مجّانيّةٍ ومبكرة، للمرشد اللاعب، من بعيد، على طريق النفوذ والحكم. أمّا طريق القدس، لا سالك صادقٌ عليه إلّا أهل فلسطين.