الميمز: من الفكاهة إلى السياسة
الميمز: من الفكاهة إلى السياسة
كيف أثرت الميمات على المشهد اللبناني ؟
والميمز هي ظاهرة ثقافية تجمع بين الصور، والنصوص المختصرة، والفيديوهات القصيرة، وتنتشر بسرعة بين الناس بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي. رغم أنّها غالبًا ما ترتبط بروح الدعابة. أما أصل الكلمة فيوناني وتعني «المُقلّد» والمتداول أنّها استُخدمت للمرة الأولى عام 1976 في كتاب «الجين الأناني» لعالم البيولوجيا التطورية ريتشارد دوكينز، الذي وصف الميمز بأنّها «وحدات من المعلومات الثقافية تنتقل من عقل إلى آخر بطريقة مشابهة للجينات»، مما أتاح فهمًا أعمق لكيفية انتشار الأفكار عبر المجتمعات، ومع تطور الإنترنت، أصبحت الميمز اليوم شكلاً من أشكال اللغة الرقمية.
الميمز كأداة في مواجهة الأزمات
الميمز والسياسة:
أما في السياق السياسي، فأظهرت دراسة أجرتها جامعة كتالونيا المفتوحة إنّ الميمز أصبحت أداة قوية للتواصل السياسي. يشير الباحث إزيكيل سوريانو إلى أنّها تُستخدم ليس فقط للتسلية، بل أيضًا لنشر رسائل سياسية.بحسب سوريانو، تلعب الميمز دورًا مركزيًا في بناء مجتمعات رقمية تعتمد على النكات الخاصة والتواصل العبثي. رغم طابعها الفكاهي، فإنّها تحمل أحيانًا مواقف سياسية متطرفة، وتُستخدم لتحقيق أهداف دعائية بأسلوب غير مباشر. وأوضح سوريانو أنّ متخصصي التواصل في الأحزاب السياسية يستغلون طبيعة الميمز لنشر رسائلهم بصورة مجهولة تظهر وكأنّها صادرة عن الجمهور وليس عن حزب سياسي معين.
كيف أثرت الميمز على المشهد اللبناني
وترى معوض أنّ هذه الوسيلة التعبيرية تعكس إحباط المواطنين من الأوضاع الراهنة، لكنها أشارت إلى أنّها رغم أهميتها، لا تقدم حلولًا أو بدائل فعلية للمشكلات القائمة. وتابعت قائلة: الميمز أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الثقافة السياسية في لبنان، حيث تجمع بين الفكاهة والنقد لنقل المعلومات بشكل مباشر وسريع إلى المتلقي.
الميمز كوسيلة لنقد السلطة
أما في سياق الحرب الحالية بين لبنان وإسرائيل، فقد سلطت الميمز الضوء على التباين في مواقف المواطنين بين دعم الحزب وانتقاده، مما يعكس التعقيدات المتزايدة في المواقف الشعبية.
وعن عوامل تأثير الميمز في السياسة، ترى معوض أنّ للميمز تأثيرًا كبيرًا بفضل قدرتها على تحويل مشاعر الإحباط إلى غضب، بأسلوب فكاهي وجذاب، مما يجعل الرسائل السياسية أكثر قبولًا وسهلة التداول. كما أنّها تتميز بسهولة إنتاجها وانتشارها.
الميمز كأداة للنقاش البناء
رغم النقد الموجه للميمز، شددت معوض على إمكانية استخدامها بشكل إيجابي لتحفيز النقاش السياسي البنّاء. وقالت: «يمكن تصميم ميمز تقدم تساؤلات وتطرح معلومات واقعية تدعم التفكير النقدي، مما يعزز التوعية بالقضايا السياسية الهامة ويشجع على الإنخراط في النقاشات المجتمعية. وأنّ ما يميز الميمز قدرتها على تجاوز الثقافات والحواجز المختلفة، من خلال أسلوبها الفكاهي والذكي في نقل الرسائل، ما يجعلها أداة فعالة في المشهد السياسي اللبناني.
إعادة تشكيل التواصل
وصفت دراسة أخرى الميمز بأنّها وسيلة تعيد التفكير في كيفية إنتاج الفن، التواصل، الأدب، والسياسة. ويرى سوريانو أنّ الميمز ليست مجرد صور فكاهية، بل هي أشكال تفاعل رقمي تتيح للأفراد التعبير عن آرائهم والتواصل بطرق مبتكرة. تتميز الميمز بسرعة انتشارها وطبيعتها العابرة، مما يجعلها أداة قوية للمشاركة الديمقراطية في إنتاج المحتوى الثقافي.
إنعكاس لنظرة المجتمع تجاه الأحداث
وتشير أبحاث جامعة كتالونيا المفتوحة، أنّه أصبح بالإمكان فهم الميمز كظاهرة تعكس الطبيعة التفاعلية للإنترنت وأشكال الإتصال الجديدة. في ظل انتشار الأخبار الزائفة كأداة للتلاعب، خاصة خلال الإنتخابات، ورغم طابعها الفيروسي المؤقت، تعكس سياقات ثقافية وإجتماعية كأن يشعر المستخدمون أنّ باستطاعتهم نشر الوعي حول القضايا التي تثير إهتمامهم، فيبادرون الى إنشاء ومشاركة الميمات لتعزيز المناقشة أو التأثير أو الإقناع. علاوة على ذلك، إنّ استخدام الميمات مدفوع أيضًا بشعور الهوية والتضامن كون الميمات تعبير عن مرجعية إعلامية منتقاة بشكل جماعي، وعنصر من عناصر الديموقراطية الشعبية، إذ ليس هناك «ميم» واحد أنشأته أي حكومة أو أي سلطة رسمية.
المصادر:
1. Dawkins, Richard. The Selfish Gene. 1976
2. What is a Meme? – Know Your Meme
3. The Psychology of Memes – Psychology Today
4. The Internet’s Meme Culture – The Atlantic.
5. Soriano, Ezequiel. Un Political Compass de los estudios sobre memes. Teknokultura.