من كربلاء إلى اليوم: هل يبرّر الحزب سلاحه بسردية تاريخية؟

من كربلاء إلى اليوم: هل يبرّر الحزب سلاحه بسردية تاريخية؟

  • ٠٣ تموز ٢٠٢٥
  • حسين خريس

كلما ضاق الخناق السياسي على «حزب الله»، يُستحضَر مشهد كربلاء لتبرير السلاح والحرب. لكن هل يصح إسقاط معركة الحسين على واقعٍ مختلف تمامًا؟ وهل يجيز الفقه الشيعي أصلًا هذا النوع من الجهاد؟

عادة ما يلجأ «حزب الله» إلى  إستحضار سردية معركة كربلاء كلما اشتدت الضغوط عليه. ويردد معظم أنصار الحزب الموقف الذي واجهه الإمام الحسين (عليه السلام) رداً على مَن يتساءل عن جدوى بقاءالسلاح الذي يرى غالبية اللبنانيين أنّ وظيفته قد تحولت من حماية المدنيين إلى التسبّب في قتلهم.

 

ليس مستغربًا أن تقوم الأحزاب الدينية بإسقاط السرديات التاريخية لرموزها على الواقع المعاصر، علمًا أنَّ هذا الإسقاط يفتقر الى الأسس العلمية لأسباب عديدة، أبرزها:

أنّ المذهب الشيعي الإمامي الذي يفترض أنَّ الحزب يعتنقه، يذكر في التاريخ أنَّ الإمام الحسين خرج إلى العراق للقتال بعدما وُضِع بين خيارين: الخضوع للطغاة أو القتال. وهذا يعني أنَّ قتال الحسين كان دفاعًا عن النفس وأنّه لم يبدأ القتال ضد خصومه  حتى اللحظة الأخيرة.

 

ويشير علماء الشيعة الى أنَّ الحسين قد أعفى  أصحابه من القتال في ليلة المعركة، وطلب منهم المغادرة، معتبراً أنَّ القوم يريدون قتله هو، وليس قتل الآخرين.  لكنّ أصحابه رفضوا، ولو أنّهم قبلوا لما كانوا مذنبين، لأنّ إمامهم قد أعفاهم من هذا التكليف.

ومن المعلوم أنّه في المذهب الشيعي، لا يجوز الجهاد الإبتدائي إلا بوجود الإمام الذي يعتبرونه معصومًا عن الخطأ، وفي حال كان الجهاد إبتدائيًا فإنّه يكون للدفاع عن المذهب في حال مُنِعوا من إظهار شعائرهم وأفكارهم.

 

وبالنظر إلى أئمة المذهب الشيعي الاثني عشري،   نجد أنّ الحسين هو الوحيد الذي خرج للجهاد الابتدائي، وذلك بعد أن اضطر للإختيار بين السلّة (الموت)  والذلة، فرفض الذلة بكلمته الشهيرة «هيهات منّا الذلة». أمّا الأئمة الآخرون فلم يخرجوا حتى للمشاركة في بعض الثورات التي أقامها محبون وأقارب لهم ضد الأنظمة الطاغية، وذلك حقنًا للدماء وإنقاذًا للأرواح البشرية.

 

وعليه، فإذا أردنا إسقاط السردية التاريخية لأئمة الشيعة فمن الأجدى ألا تحصر بحادثة الحسين، التي لا يمكن مقارنتها بما يحدث الآن وذلك بحسب آراء علماء الشيعة ومراجعهم.

فالعلماء اليوم يتساءلون ما هو الأساس الفقهي والسند الشرعي لاستدعاء الإحتلال الإسرائيلي إلى حرب أثبتت التجارب أنَّ المقاومة غير قادرة على حسمها عسكرياً لصالحها؟