كبار التجار يسيطرون على الأملاك القديمة
كبار التجار يسيطرون على الأملاك القديمة
في حيّ هادئ في الاشرفية، وتحديداً مقابل فيلا سرسق، وعلى مقربة من متحف سرسق، يقف مبنى قديم، تغلف شبابيكه وأبوابه ألواح خشبية، بعد تضرّرها من جراء إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020. الى جانبه، مبنى أصغر تابع له، يبدو متواضعاً مقارنة مع الحيّ، ويبدو عليه الإهمال والشغور.
يتألف العقار من مبنيين، الأول يتألف من 12 طابق والثاني من 4 طوابق، ووفقاً للمستندات التي حصلت عليها بيروت تايم، تبيّن أنّ جورج أبو عضل إستأجر ثماني طوابق من المبنى الأول وإثنين من المبنى الثاني، بالإضافة الى ستة محلات تجارية تحت المبنى الواقع في الجهة الغربية . تمّت عملية الإيجارعام 1969، بقيمة 200 الف ليرة لبنانية، وتمّ الاتفاق على سداد الإيجار على أربع دفعات في شهور كانون الثاني ونيسان وتموز وتشرين الأول.
ومع إحتساب التضخم، قام ورثة الايجار، بدفع مبلغ قدره 13,723,86 ليرة لبنانية لمدة ستة أشهر من 1 تموز 2023 الى 31 كانون الأول 2023، ويرتبط هذا المبلغ بوريث واحد من بين خمسة ورثة، وعليه ،فإنّ عائلة أبو عضل تدفع إجمالي قدره 137,238,620 ليرة لبنانية، أي ما يعادل 1,542 دولار أميركي.
وفقًا لفواتير شركة كهرباء لبنان، يشير إستهلاك الكهرباء إلى عدم إستخدام الطاقة في المبنى بأكمله. وأكّد جيران المبنيين أنّ طابقين في المبنى الكبير مأهولين، بينما يقيم أحد الملاكين في إحدى الشقق في المبنى الصغير.

عائلة أبو عضل تعدّ واحدة من أكبر التجار والمستوردين في لبنان، وتمتلك مجموعة تجارية ذات تاريخ طويل. تأسست مجموعة أبو عضل في عام 1947، وفي عام 1956، أبرم جورج أبو عضل صفقة إستيراد مع شركة أوميغا. وفي العام التالي، وقع عقودًا مع شركتي زينيث وموفادو. يجدّر بالذكر أنّ التوترات الأمنية والأحداث التي شهدها الشرق الأوسط، ساهمت في تحوّل جورج أبو عضل إلى مجال الصحافة. حيث أسّس في أواخر الخمسينيات صحيفة «الأسبوع العربي». وبحلول عام 1961، بلغت مبيعات شركة أبو عضل 4.7 مليون دولار.
أسس شركة Société de Gestion des Produits Alimentaires (SOGEPA) في عام 1965 بالتعاون مع جان بيير سارة، صاحب شركة SAB، حيث امتلكت عائلة أبو عضل 80٪ من حصة الشركة الجديدة. في أواخر الستينيات، أصبحت الشركة موزعاً لشركة لانكوم، وفيما بعد لشركة لوريال. في هذه الفترة، إنصبت إهتمامات جورج أبو عضل على السياسة، وتنحّى تدريجياً عن الإدارة المباشرة للأعمال، مما أدى إلى تكليف أبنائه الثلاثة، فريدي وريموند وتشارلز، بالمسؤولية المتزايدة .
على مدار فترة الحرب الأهلية في لبنان ، تمكنت العائلة من الحفاظ على إستمرارية أعمالها. وفي إستجابة لإحتياجات المجموعة المتنامية، تأسست HOLDAL s.a.l. في عام 1992 كشركة قابضة تابعة للمجموعة. تختص HOLDAL s.a.l. في البيع بالجملة والتوزيع والتصنيع وسلسلة التوريد في مجالات التجميل والعناية الشخصية والمنزلية والرعاية الصحية والرفاهية ونمط الحياة.
في عام 2010، بدأت الشركة رحلة إستراتيجية لمدة عشر سنوات بهدف غرس الثقافة والحوكمة الصحيحة وضمان إستدامة الأعمال للجيل الثالث من الشركة العائلية، وفقًا لما ذكرته الشركة على موقعها الإلكتروني.
في عام 2014، تمَّ تصنيف شركة HOLDAL كواحدة من «أفضل 100 شركة خاصة لها تأثير في العالم العربي» وفقًا لمجلة فوربس للشرق الأوسط.
المجموعة هي وكيل لشركات كبيرة في لبنان، وهي: Anastasia Beverly Hills، aramis، bdk parfums، Bobbi Brown، Clinique، Estée Lauder، Guerlin Paris، IsaDora، JO Malone، Kenzo، MAC، Mercedes-Benz، PUPA Milano، ٍ Salvatore Ferragamo، Swiss image، Tom Ford، Arwan Pharmaceutical Industries، Beesline، Boiron، CETAPHIL، Galderma، Innothera، Juva Santé، mustela، Novalac، PHYTO، Alba، Delsey، Grand Seiko، Kipling، Lacoste، SEIKO، Victorinox، A. Lange & Söhne، Bell & Ross، Chaumet، Fratelli Rossetti، Longchamp، Cadrans، Oris، Patek Philippe، Richard Mille، S.T. Dupont، Vacheron Constantin، Zenith، Command، Elmex، Jardin BiO، La Croix، LAGOON، Magnolia، ManCode، Palmolive، Post-it، Prince and Princess، Sanex، Scotch، Scotch Brite، Smash، SOUPLINE، Speed Stick، Tahiti، Isola Di Favignana.
بالإضافة لبعض المباني في منطقة الأشرفية تشير المستندات إلى أنّ هناك تجاراً كبار يدفعون إيجارات قديمة في مناطق أخرى، مثل تاجر الذهب وديع مراد الذي يدفع بدل إيجار سنوي قدره 5 ملايين ليرة لبنانية في محله في ضبية. فضلاً عن بعض المباني المستأجرة لمؤسسات الدولة مع دفع إيجارات قديمة، مثل مبنى الضمان الإجتماعي في الكولا،و دائرة النفوس في حمانا، وكهرباء مرجعيون.
وفي بيان صادر عن جمعية تجار زحلة في الرابع من يناير، دعت فيه إلى الإضراب «كخطوة أولى تحذيرية إحتجاجاً على قانون الإيجارات غير السكنية». وقد طالب رئيس جمعية تجار زحلة زياد سعادة بضرورة تعديل بدل الإيجار ليكون متناسبًا مع الواقع الاقتصادي والمالي، ومع المحافظة على الخلو الذي يعمل به وفقًا للمرسوم 11/67.
ومن بين المشاركين في التظاهرات، تجار الذهب الكبار في المنطقة وأصحاب المطاعم ومن بينهم رفيق ونبيل لحود اللذين ورثا عقد إيجار والدهم ميشال لحود، ويدفعان بدل إيجار سنوي قدره 6,321,000 ليرة لبنانية، ويستثمرون العقار في مطعم Captains room.
وأيضاً محل الذهب والماس لمالكه طوني الصايغ، الذي ورث عقد إيجاره عن والده الياس الصايغ، الذي إستأجره منذ 88 عاماً، ويدفع بدل إيجار سنوي 3 مليون و750 الف ليرة، واللافت أنّه يمتلك محلاً آخر يبعد عن المحل المستأجر مسافة 70 متر يقوم بتأجيره بمبلغ 600 دولار شهرياً.
صوّت مجلس النواب على قانون الإيجارات، في جلسة 15 كانون الأول وأحيل الى مجلس الوزراء في 19 منه كانون الأول، وينصّ المحضر الرسمي،« إجتمع مجلس الوزراء وقرّر وكالة عن رئيس الجمهورية إصدار جميع القوانين بحلّتها»،غير أنّ رئيس الحكومة وبمخالفة دستورية نشر 11 قانوناً وترك ثلاثة آخرين، فيما القانون ينصّ على إلزامية النشر من قبل رئيس الحكومة.
ينصّ قانون الإيجارات على تحرير الأملاك غير السكنية وعلى تمديد العقود على مدى 4 سنوات، يدفع خلالها المستأجر زيادات على بدلات الإيجار 8 في المئة من قيمة المأجور، 25 في المئة منها في العام الأول، و 50 في المئة في العام الثاني، و100 في المئة في العامي الثالث والرابع، وبعدها تُحرَّر عقود الإيجار. وهناك مادة في القانون تنصّ على أنّه يحق للمالك التنازل عن حقه من الزيادات ويستمر في تقاضي الإيجار القديم، لفترة زمنية لا تتعدى السنتين ومن بعدها يسترجع المالك العقار.
يحاول التجار الكبار التلطيّ خلف التجار الصغار بحجة حمايتهم، ليتهربوا من دفع بدل إيجار عادل، في غياب قانون عادل للطرفين، ونيّة جديّة لايجاد حلّ، من هنا يؤكّد رئيس جمعية التجار نقولا الشماس لـ بيروت تايم، أنّ الجمعية ضغطت على الحكومة لوقف القانون «لأنّه بحاجة الى المزيد من الدراسة»، وطالب بأن تحدّد مهلة التنفيذ والإخلاء بـ 10 سنوات، على أن لا تتجاوز قيمة الإيجار الـ 4 في المئة، أسوة بالإيجارات السكنية.
ويشير الشماس الى أنّ وضع التجار قد تراجع نتيجة الأزمات المتواترة في البلاد، حيث إنخفضت أرقام أعمالهم 70 و80 في المئة، و أدى تهالك البنى التحتية الى إقفال تدريجي طال أكثر من 50 في المئة من المؤسّسات والمحال التجارية.
من جهته يعتبر رئيس نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة باتريك رزق الله أنّ القانون هو نتيجة مسار 40 عاماً من الظلم بحقّ المالكين القدامى، في الوقت الذي «إستفادت معامل وتجار كبار وأطباء ومحامين ومهندسين، من 40 و50 سنة من الإيجارات الشبه مجانية، فيما كان يجب أن يصدر هذا القانون فور إنتهاء الحرب الأهلية لتحرير عقود الإيجار السكنية وغير السكنية».
يشير رزق الله إلى أنّ هناك 25 الف و900 مستأجر قديم للأماكن غير السكنية، ويتساءل «هل المطلوب أن ينسى المالك رزقه وملكه، فيما التجار يبيعون على دولار فريش أو سعر صرف 90 الف ليرة ويدفعون بدل إيجار تعود قيمته لسعر الصرف القديم؟»، رافضاً أي قيود على الملكية أكانت ضريبة أو غيرها، و«الحل هو بتفعيل خدمة الإيجار ورفع القيود على الإيجارات القديمة، وعند تحرير العقود يرتفع الطلب وتنخفض الأسعار».