القاضية صباح سليمان تنقذ صبوح سليمان.. كف يدّه عن ملف إنفجار المرفأ أوّل الغيث
القاضية صباح سليمان تنقذ صبوح سليمان.. كف يدّه عن ملف إنفجار المرفأ أوّل الغيث
أربع سنوات مرّت والسلطة السياسية لا تزال تحاول التنّصل من قضية تفجير المرفأ والهروب من الملاحقة القانونية، بإستخدام الأساليب القانونية الشبيهة «بالهرطقة القانونيّة»، وبالرغم من المعركة التي خاضها القضاء اللبناني للدفاع عن الطبقة السياسية وتطويق المحقّق العدلي طارق البيطار، إلّا أنّ أهالي ضحايا وجرحى المرفأ تصدروا الواجهة مجدداً، ولم يتهاونوا يوماً في الدفاع عن هذه القضية إنصافاً لدماء ضحاياهم.
وبعد إنقضاض النيابة العامة التمييزية على قضية المرفأ، وإطلاق سراح جميع الموقوفين، وإشتعال الساحة القضائية بين المدّعي العام التمييزي السابق، غسان عويدات والمحقّق العدلي في قضية المرفأ طارق البيطار، وقرار «وقف» تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحقّ يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل، التي أصدرها القاضيين عماد قبلان وصبوح سليمان، قرّر الأهالي مواجهة هذه «التجاوزات القانونيّة» والتصدّي لها، معتبرين أنّ قضاة النيابة العامة التمييزية يتعدّون على صلاحيات المحقّق العدلي طارق البيطار، وصاروا «خصماً لأهالي الضحايا»، (وفقاً لتوصيف المحامية سيسيل روكز خلال حديث سابق في «بيروت تايم»)، فقد تقدّم مكتب الإدعاء في نقابة المحامين في بيروت بشكوى قضائية ضدّ القاضي صبوح سليمان أمام التفتيش القضائي بسبب قراره الأخير «بوقف» تنفيذ مذكرة التوقيف بحقّ فنيانوس.
ويبدو أنّ موقف أهالي ضحايا المرفأ من القاضي سليمان سيكون شبيهاً لموقفهم من القاضي غسان عويدات. وبحسب مصادر «بيروت تايم» فقد تقدّم مكتب الإدعاء في نقابة المحامين بدعوى مخاصمة ضدّ الدولة اللبنانية أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ما سيؤدي إلى رفع يده تلقائياً عن قضية المرفأ، بحسب المادة 751 من أصول محاكمات مدنية.
والواضح أنّ الطبقة السياسيّة تخشى الحقائق التي توصّل إليها المحقّق العدلي في قضية المرفأ، طارق البيطار، وتحاول منعه من إستكمال تحقيقاته التي يدوّنها والتي تجاوزت الـ900 صفحة، وسط مساعٍ مستمرّة لمنع القضاء اللبناني من السير في تحقيقات هذه القضية لإدانة المتورطين، لذا تحاول بكل السُبل المُتاحة أمامها دفن هذه القضية في مرفأ بيروت، إلى جانب الضحايا والأشلاء. وبحسب معلومات «بيروت تايم» فإنّ البيطار قد تابع عمله داخل مكتبه في قصر عدل بيروت مرات عديدة في الفترة الماضية، وهي إشارة قد تدلّ إلى «إحتمال» عودته إلى الملف بعد معالجة العراقيل القانونية والتي شلّت هذا الملف.
وتدور التوقعات اليوم في فلك أن يُعاد تحريك الملف نتيجة إنتهاء ولاية عويدات وطوي صفحته القضائية، ومع تكليف القاضي جمال الحجار يتأمل أهالي الضحايا والمنكوبين أن يُعاد هذا الملف لمساره القضائي السليم، البعيد عن الكيديات السياسية والقضائية، ليتمّ معاقبة كلّ من تسبّب بقتل المواطنين وتفجير العاصمة بيروت.
وقد يكون منطقياً وبديهياً جداً أن يتلقى المدّعي العام التمييزي التهاني من الشخصيات السياسية والأمنية وأصحاب النفوذ، لأنّ حساسية هذا المنصب تستدعي ذلك، لكن المُستغرب هو زيارة أحد المدّعى عليهم في قضية المرفأ للنيابة العامة التمييزية (والصادرة بحقه مذكرة توقيف سابقة)، لتقديم التهنئة وإلقاء التحية على قضاة النيابة العامة التمييزية!
وبحسب معلومات «بيروت تايم»، فقد حضر الوزير يوسف فنيانوس إلى النيابة العامة التمييزية، وهنأ المدّعي العام التمييزي بمنصبه الجديد، وتوجّه نحو القضاة، ومن بينهم القاضي صبوح سليمان (الذي أوقف تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من قبل المحقق العدلي طارق البيطار)، وألقى عليه التحية قبل أن يُغادر قصر عدل بيروت.
وليست المرة الأولى التي تحضر الشخصيات السياسية أو الأمنية إلى النيابة العامة التمييزية، بهدف زيارة القضاة أو التوجّه نحو قلم النيابة العامة التمييزية لتقديم بعض الأمور القضائية، إذ سبق وأن زار بدري ضاهر (المدّعى عليه في قضية المرفأ والصادرة بحقّه مذكرة توقيف من قبل القاضي البيطار والذي أطلق سراحه القاضي غسان عويدات)، النيابة العامة التمييزية، ولم يُعرف آنذاك عن أسباب هذه الزيارة، مع العلم أنّه سبق وأن طالب مراراً عبر موكلته القانونية بتحرير حسابات عائلته المصرفية، وكان ملفه لدى القاضي صبوح سليمان المسؤول عن متابعة هكذا قضايا.
ومع تقديم الشكوى القضائية ضدّ القاضي سليمان، تنحت القاضية صباح سليمان عن القضية، ولم تُعرف أسباب تنحيها إن كانت بهدف تجميد الشكوى داخل التفتيش القضائي أو حرصاً منها على عدم التدّخل في أي ملف جدلي يتعلق بقضية المرفأ، وبعكس ما أشيع بأنّ أسباب التنحّي تعود لصلة القرابة العائلية التي تجمعها بالقاضي سليمان وهي معلومة غير دقيقة، إذ علمت «بيروت تايم» عدم وجود أي صلة قرابة بين العائلتين، فالقاضية صباح من الطائفة الأورثودكسية ومن منطقة الكورة، أما القاضي سليمان فمن الطائفة الشيعية ومن منطقة بدنايل البقاعية. وبخطوتها هذه، لن تتمكن رئيسة التفتيش القضائي القاضية سمر السواح من متابعة الشكوى لأنّها والقاضي صبوح سليمان من نفس الدرجة، وبالتالي لا يمكنها إصدار أي قرار بحقّه، وبذلك ستجمّد الشكوى داخل التفتيش القضائي إلى حين تعيين قاضٍ أصيل ليكون رئيساً للتفتيش القضائي.
ما هو معروض هو صورة مصغرة عن المسار التي تنتهجه النيابة العامة التمييزية في تعاطيها مع قضية المرفأ، ما يدلّ أنّ قضاة النيابة العامة التمييزية باتوا جهة «الحكم والخصم» في الوقت نفسه في هذه القضية بسبب سعيهم المتواصل إلى إخراج الطبقة السياسية من قضية المرفأ وإبعاد الشُبهات عنها! بينما يبقى التعويل على المدّعي العام التمييزي الحالي، جمال الحجار في إيجاد المخارج القانونية لتحريك هذا الملف. فهل سيفعلها الحجار أم سيتخذ مساراً حيادياً في هذه القضية إرضاءً لأهالي الضحايا والسلطة السياسية في الوقت نفسه؟

