الجماعة الإسلامية بين السلاح ومكيافيلية الحزب

الجماعة الإسلامية بين السلاح ومكيافيلية الحزب

  • ١٩ آذار ٢٠٢٤
  • صبحي أمهز

منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما إستتبعها من فتح للجبهة الجنوبية، بزغ فجر « قوات الفجر»، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان.

منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما إستتبعها من فتح للجبهة الجنوبية، بزغ فجر « قوات الفجر»، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان. ليطرح السؤال عن الدور الذي تلعبه الجماعة وعن مدى الإرتباط العضوي الآني مع «حزب الله» بعدما كانت في حالة تضاد معه في حقبة الإنقسام العامودي بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار.
فالجماعة التي طالبت ببيروت منزوعة السلاح إلى جانب فريق«14 آذار»عام 2010، عندما وقع إشتباك بين «جمعية المشاريع الإسلامية» و«حزب الله» في منطقة برج أبي حيدر،عادت ونفضت الغبار عن سلاحها معيدة إحياء «قوات الفجر» تحت إشراف «حزب الله».
عسكر متقاعد منذ الطائف
تبلورت فكرة «قوات الفجر» أثناء الإجتياح  الإسرائيلي للبنان عام 1982، وكانت واحدة من التنظيمات السنية التي قاومت الإحتلال الإسرائيلي في بيروت وصيدا. وفي عام 1989، أنهى إتفاق الطائف الحرب الأهلية اللبنانية وألزم الجماعات المسلحة تسليم أسلحتها للدولة، باستثناء «حزب الله». بعد ذلك، لم يظهر إسم قوات الفجر إلّا بشكل متقطع، لكنّها إحتفظت بمكانتها داخل الجماعة الإسلامية، كما إحتفظت بميزانية مستقلّة، رغم أنّها كانت شبيهة بمجموعة عسكرية متقاعدة منذ عقود من الزمن.
جناح الإخوان المسلمين اللبناني
بروز إسم «قوات الفجر» على المشهد الميداني الذي يمرّ حكماً عبر «حزب الله»،يُنبيء بأنّ الحزب ينتهج سياسة إنفتاح لا بل تماهٍ مع حركة الإخوان المسلمين عالمياً كون الجماعة الإسلامية تشكّل الفرع اللبناني للتنظيم العابر للحدود. فهل أصبح «حزب الله» حليفاً إسترتيجياً وممولاً ل«حركة الإخوان المسلمين»؟
ليس سرّاً أنّ الجماعة الإسلامية في لبنان ومن خلفها فرع الإخوان المسلمين في فلسطين كانت ذات أهواء سياسية متناقضة أو متعدّدة إلى حدٍّ ما. حيث وجد إنقسام بين القيادة العليا للجماعة الإسلامية على قاعدة  الإرتباط الخارجي. إذ إتجهت قيادة الجماعة والنائب السابق عماد الحوت نحو تركيا وقطر، فيما انضوى القسم الآخر تحت راية «حماس العسكرية » وتحالف مع «حزب الله» ومحور الممانعة.
وتماشياً مع هذا الإنقسام إتجهت «قوات الفجر»، بصفتها الفصيل المسلّح للتماهي مع حالتي رئيس «حركة حماس» في غزة يحيى السنوار، ونائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، في أعقاب إقالة خالد مشعل من عملية صنع القرار. في الوقت نفسه، دعم «حزب الله» هذا التضارب في المصالح وأججه لتعزيز تحالفه مع «حماس». 
غطاء سنّي للحزب على المستوى الوطني
على الضفة الداخلية، يبدو جلياً أنّ «حزب الله»، «قرّش» بالمفهوم الشعبي، حرب غزة ومن خلفها فتح الباب أمام تنظيمات أُخرى للقتال في الجنوب، لتأمين غطاء وطني له في الداخل. فبعد حلّ «تيار المستقبل» تنظيمياً وسقوط مفهوم حكومات الإتحاد الوطني، أصبح «حزب الله» بمفهوم الشيعية السياسية مكشوفاً على الساحة السنيّة.
الأمر ذاته ينطبق على إنفراط عقد التحالف بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، مما يضع «الحزب» ومن خلفه الشيعية السياسية، في حالة عزلة عن باقي الطوائف.
العزلتان السنية والمسيحية «لحزب الله» وما يمثلّه من شيعية سياسية، فرضتا عليه البحث عن فصيل طائفي جديد لتأمين غطاء وطني في بلد تحكمه الطائفية والمذهبية. فكان فتح الباب الجنوبي لـ«قوات الفجر» حاجة للحزب تطبيقاً لمبدأ ميكيافيلّي،«الغاية تبرّر الوسيلة».