«الأيام الحلوة» في رميش..

«الأيام الحلوة» في رميش..

  • ١٥ حزيران ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

«كم مرّة ينتهي أمرنا؟»

أبناء بلدة رميش، كباقي أولاد الجنوب المتروكين للعنة الجغرافيا، بعدما حاوطت القرية المتاريس والصواريخ، يتساءلون كل يوم «كم مرّة ينتهي أمرنا؟»
فقد أعاد يوم 7 تشرين الأوّل 2023، ذكريات الحرب و صور الدمار الذي يصيب المنازل، والأراضي والأرزاق. لكن، من يستطيع أن يمحو الأيام الجميلة من نفوس أهالي المنطقة؟  فلو مهما طالت الحرب، يأمل السكان بالخلاص دائماً وأبداً.  

ماذا تذكرون اليوم من أيامها الجميلة؟ 
أعراس و«لمّة»
 يقول أحد أبناء رميش كلّما أطلّ موسم الصيف في رميش، تبدأ زحمة الأعراس في القرية، فمن التقاليد المتداولة هناك، ألّا يمرّ عرس «بدون طنّة ورنّة» . يتحضّر الأهالي لموسم مليء بالفرح، فتعجّ البيوت كلّ أيام الأسبوع بالولائم والرقص والموسيقى. 
لا يقلّ الضيوف في أي حفلة عرس تقيمها أي عائلة في رميش، عن 400 شخصاً. ولطالما عرفت رميش بأعراسها الحماسية،  وتستقبل كنائسها أكثر من 70عرساً في موسم واحد. 
 فالأعراس ليست مجرد دعوة الى إحتفال فهي مناسبة تعزّز الشعور بالهوية والإنتماء الى مجتمع البلدة، وتعزّز الروابط الاجتماعية، والإلفة بين أبناء المجتمع الواحد وهي فرصة للقاء بين المقيمين في البدة وبين أبنائها الآتين من المدن أو الإغتراب
هذا ناهيك عن الأعياد السنوية التقليدية في رميش ومنها عيد العنصرة، على أبواب فصل الصيف، يتماهى مع الفرح بالقيامة وفرح المتعة بالطبيعة.  وقد جرت العادة أن يلتئم الأقارب والأصدقاء، لقضاء يوم كامل ، في الطبيعة ،أو المطاعم التي تمتليء خلال هذه الفترات بالحجوزات. ومع الجولة الجديدة من الحرب، أقفل معظمها في القرية، وانتقل البعض منها إلى بيروت. 

قرية الإنفتاح بالنسبة إلى جيرانها
أما عن المزارع والمنتزهات في رميش ، مثلها مثل جيرانها، خسرت منطقة رميش موسم التبغ، خلال هذه الحرب، حيث كانت تجمع اللحظات الجميلة أهالي المنطقة  المنطقة يوم جمع المحاصيل.
في رميش ثلاثة أحراج تشكل ميزة طبيعية وبيئية وهي سمخيّا، أطمون، أرض سعسع. 
تعتبر هذه الأحراش المتنفّس الوحيد ، ليس لسكان بلدة رميش وحسب، وأيضاً لسكّان القرى المجاورة، ففيها مساحة إجتماعية لتقاليد الضيافة، والإسترخاء والإنفتاح على جيرانها. إذ من يقصد هذه المنتزهات بإمكانه قضاء يوم عطلة مميّز يعيش الناس لحظات على سجيتهم ويتفاعلون بتلقائية . وبطبيعة الحال، أفقدتها الحرب، هذا الثراء الطبيعي والإجتماعي. 
للأسف، يعيش اليوم عدد قليل من الأهالي في البلدة، فلم يتبقَ شيئ يشبه الأيام الجميلة في قريتهم. منهم من نزح إلى بيروت من أجل أطفالهم الذين حفظوا مصطلحات الحرب أكثر من دروسهم، ومنهم من هاجر إلى الخارج. 

إسم بمعانٍ جميلة وجذور ثابتة
ورغم كلّ التحديات، فإنّ تاريخ هذه المنطقة يحاكي أيضا صمودها. 
إذ تعود القرية  في وجودها إلى ما قبل المسيح، حيث عُثر فيها على تمثالٍ يعدّ من بقايا معبد وثني، وبعض البقايا لآثار يونانية، وعبرية، ورومانية، أما تاريخ رميش الحديث يعود إلى العام 1692 حيث بدأت بعض العائلات المارونية تأتي إليها من جبل لبنان تحديداً من منطقة الشوف، وكسروان، والمتن، وكسروان. وأول من وصل إليها اَل الشوفاني الذين أتوا من مزرعة الشوف تلاهم اَل الحاج من بلدة قيتولي قضاء جزين.
كما تعطي التفسيرات السريانية لاسم بلدة رمَيْش الحدودية، الواقعة في أقصى جنوب لبنان، معاني ومرادفات جميلة، مثل الغروب والمساء أو التلة الممهدة، التي تقسم فيما بينها بركتان من الماء. 
وأخيراً، أصبحت رميش بعد عقود أقرب إلى مدينة، لتعود مجدّداً حاضنة لتقاليدها وعاداتها الجميلة، بعد هذه الحرب ...