لا نريد رئيساً للجمهورية
لا نريد رئيساً للجمهورية
لنفترض أنّه في ليلة ليس فيها «ضو قمر» ولا «ضوء كهرباء» ، قد فتح حارس المرمى أبواب المجلس النيابي وتمّ إنتخاب رئيس، هل باستطاعة الرئيس تغيير قواعد اللعبة المسمّاة زوراً ديموقراطية بينما هي في الحقيقة لعبة قمار ومراهنات على البلاد والعباد؟
لنفترض أنّه قد حدثت معجزة ونزل الوحي الإيراني والأميركي على الأطراف السياسية وتمّ إنتخاب رئيس جمهورية للبنان في ولادة قيصرية بعد أن صُمّت الآذان من كثرة المطالبات المحلية والدولية بضرورة ملء الفراغ في بعبدا، وبضرورة إتفاق اللبنانيين على مواصفات معيّنة لرئيس الجمهورية شارك في وضعها السفراء والمبعوثون وأقوياء الداخل في تغييب متعمّد لما يصلح للبنان في هذه الأزمنة الصعبة.
وهل يستطيع الرئيس العتيد لمَّ شمل الأسر اللبنانية وإستعادة شبان وصبايا لبنان الذين أرغموا على مغادرة البلاد نتيجة القرف واليأس من أهل السياسة في لبنان ونتيجة العجز عن تغيير مسار الأمور التي فرضها المستقوون على لبنان؟
هل باستطاعة الرئيس المنتخب إعادة الدولة بعد طول غياب، وحقّها دون سواها في إعلان الحرب والسلم وحصر السلاح بالقوى الشرعية وحدها؟ وهل بإستطاعته فكّ عزلة لبنان الدولية وإخراجه من السجن الكبير الذي وُضع فيه رهينة للمصالح الخارجية وشبق التسلّط والهيمنة؟ هل باستطاعة الرئيس الجديد إستعادة وجه لبنان الثقافي والحضاري النظيف بعدما أضحى مشوّهاً ومرادفاً للإرهاب وتهريب المخدّرات؟
وهل باستطاعته تغيير قواعد اللعبة المسمّاة زوراً ديموقراطية بينما هي في الحقيقة لعبة قمار ومراهنات على البلاد والعباد؟ لنفترض أنّه في ليلة ليس فيها «ضو قمر» ولا «ضوء كهرباء» ، قد فتح حارس المرمى أبواب المجلس النيابي وتمّ إنتخاب رئيس فهل باستطاعة هذا الرئيس أو هل يُسمح له بإقفال المعابر غير الشرعية والحدود السائبة براً وبحراً وجواً أمام كلّ أنواع التهريب من مخدرات وسلاح ومسلحين من كل الأنواع ولاجئين ونازحين ، وفصائل مسلحة لاسيما إذا كان هذا الرئيس نتيجة توافق كلّ الفرقاء أي دون لون أو طعم أو رائحة.
هل باستطاعة الرئيس ردّ مدخرات اللبنانيين وأموالهم التي سُرقت منهم في وضح النهار وفي سابقة لم يُعرف مثلها في تاريخ البلدان، وهل باستطاعته إرجاع الأموال التي هُرّبت الى الخارج وبالتالي هل باستطاعته ردم هذه الهوّة الهائلة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع عبر إعادة تكوين الطبقة الوسطى؟
لقد نزل الوحي وتمّ إنتخاب الرئيس الذي سيقسم على إحترام الدستور والحفاظ على إستقلال لبنان وسيادته، فماذا سيفعل أمام تكوين أعراف دستورية جديدة وهذه الإنتهاكات المستمرّة للدستور وللقوانين التي ترعى مصلحة البلاد العليا؟ وهذا التفرّد المذهبي في إدارة لبنان؟
هل باستطاعة الرئيس الجديد إقفال الجرح اللبناني النازف في الجنوب، ووضع حدّ لهذه المذبحة عبر إخراج لبنان من المواجهة مع العدو الصهيوني في ظلّ صمت كل الجبهات العربية والإقليمية المجاورة؟
هل باستطاعة الرئيس إدخال الشرعية الى المناطق ذات الإدارة الذاتية والمحرّم على القوى النظامية دخولها وكيف سيقنع المطالبين بالفدرالية والإنفصال بحسنات الدولة المركزية في ظلّ هذا الخلل الهائل في موازين القوى وفي ظلّ الإستقواء بالسلاح بحيث أصبح هناك مواطن مسلح درجة أولى، ومواطن مسالم أعزل درجة ثانية؟
هل بإمكانه وضع أسس لدولة مدنية يتساوى فيها المواطنون ويكون الإنتماء فيها لقيم العدالة والمساواة بدلاً من دويلات المذاهب والطوائف؟ وهل بإمكان الرئيس التصدّي لاستعادة زمن القناصل كما في القرن التاسع عشر ويضع حداً للتبعية للخارج ولسياسة المحاور؟
وهل ستتعفّف الأطراف السياسية والحزبية، ولا تتمسك بحقائب معيّنة بعد أن تمّ تصنيف الوزارات الى سيادية وغير سيادية، والى وزارات دسمة وأخرى قليلة الدسم، وبالتالي من سيرسم سياسة لبنان الدفاعية والمالية والخارجية. وهل ستعود نفس الأطراف الى نفس اللعبة ، وهل ستعود الثلاثية الذهبية الى التربّع على عرش البيان الوزاري الذي كان يشبه مواضيع الإنشاء في الصفوف الإبتدائية؟
من سيعالج هموم اللبنانيين ويلبّي حاجاتهم الى العيش الكريم والشعور بالأمان والشبع، أم أضحى الوجع اللبناني أكبر من كلّ المنظومة واللاعبين السياسيين بمصائر اللبنانيين والمتعاطين بالشأن العام. علماً أنّ البلاد غنية بالكفاءات والأوادم، والنظيفي الكفّ الذين تمّ تطفيشهم وتيئيسهم وإخلاء الساحات للجيوش الإلكترونية لمديح القادة وهجاء الخصوم، وأصحاب الرأي الحرّ من كلّ المشارب والإنتماءات. ربّ قائل إنّ إنتخاب رئيس سيعيد إنتظام المؤسسات الدستورية والإدارة ويعيد للبنان بعضاً من هيبته في العالم لاسيما أنّ البلاد في حالة حرب والتسويات القادمة بحاجة ملحة أن يكون هناك رئيس.