في بطرام الكورة-رجل أعمال سوري يخالف رغم أنف الجميع بترخيص من الداخلية وتغطية من قوى الأمن

في بطرام الكورة-رجل أعمال سوري يخالف رغم أنف الجميع بترخيص من الداخلية وتغطية من قوى الأمن

  • ١٧ تموز ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

هي بلدة بطرّام، في الكورة شمال لبنان، أو "بلدة شارل مالك"، وقريبا، بلدة مخالفات البناء بغطاء من المديرية العامة لقوى الأمن الداخليّ، ليضاف لتاريخ عماد عثمان الحافل بالمخالفات وتغطيتها استنسابيا، تغطية مخالفة تصل للتملك المبطّن لرجال أعمال سوريين محظيين.

هي بلدة بطرّام، في الكورة شمال لبنان، أو "بلدة شارل مالك"، وقريبا، بلدة مخالفات البناء بغطاء من المديرية العامة لقوى الأمن الداخليّ، ليضاف لتاريخ عماد عثمان الحافل بالمخالفات وتغطيتها استنسابيا، تغطية مخالفة تصل للتملك المبطّن لرجال أعمال سوريين محظيين. 
فرجل الأعمال السوري عبد الله منصور، الذي يمتلك شركة نقل بحرية، يستثمر اليوم في العقار 2107-بطرّام، فندقا، مع مخالفات بناء تجاوزت الـ3000 متر، نتج عنها تهرب ضريبي وتهديد للسلامة العامة، وتمليك غير مباشر لسوري محظيّ. 
منذ قرابة العام، كشف الإعلامي رياض طوق، عن مخالفة البناء الفاضحة، المغطاة من المديرية العامة لقوى الأمن، وهو ما دعى وزارة الداخلية للتحرك -شكليا- وأخذ قرار اتخذ صفة "الفورية" بإزالة المخالفات. فرغم صدور القرار، ما زالت المخالفات في ديار الفندق "عامرة"، مشكّلة نموذجا فاقعا عن مخالفات محظيين أجانب، أقوى من القانون، لا بل أن من يحميهم، هم الموكلون تطبيق القانون في لبنان!


3000 متر مخالفات

والعقار 2107 الضخم، ذو مساحة الـ 11 ألف مترا، هو فندق، يتمتّع برخصة بناء غرف مفروشة صادرة العام 2008.
بعد شرائه من قبل رجل الأعمال السوري عبدلله منصور، بنى عليه 3000 متر، هي بالكامل، مخالفات، بلا رخص بناء.
لكنّه عمل على تغطية المخالفات بدهاء مخالِف له باع بالتهرب الضريبي. أو أنّ من غطوا مخالفاته من موظفين في الإدارات المعنية بالتهرب، لهم باع طويل بتغطية مخالفات المحظيين. إذ تمت تغطية المخالفات، على مستويين اثنين، موّه عنها منصور بالشكل التالي:
-تقدّم منصور بطلب رخصة طاقة شمسية، حصل عليها من وزارة الداخلية، بإحالة حملت الرقم 12145 تاريخ 24/8/2023، تتعلق بإقامة خيمة مكشوفة من جوانبها الأربعة (وهي التي تبنى عليها ألواح الطاقة الشمسية) وهدف من خلالها لتغطية مخالفة بنائه لملعب تنيس ضخم بألواح الطاقة الشمسية. 
كما تقدم برخصة تصريح "بركة مياه" من اتحاد بلديات الكورة في تموز الماضي. وصحيح أن بركة المياه يقصد بها بركة زراعية، لكنّ وفق "فهمات" منصور وداعميه، ترجم الرخصة، ببناء مسبح ضخم، كان بمثابة طابق علوي، سمح ببناء طابق سفلي قوامه مواقف سيارات وغرف. 

الداخلية تتحرك "شكليا"

إثر فضح الإعلامي رياض طوق للمخالفة، ولدى اكتشافها استغلال منصور رخصة الطاقة الشمسية لتغطية مخالفات بناء، قامت وزارة الداخلية في 30 تشرين الأول 2023، بسحب رخصة الطاقة الشمسية فورا. وأصدرت قرارا "فوريا"، قضى بـ"توقيف أعمال مخالفة على أرض العقار رقم 2107 من منطقة بطرام العقارية".
وجاء في إحالة الوزير بسام المولوي لقوى الأمن الداخليّ "بعد أن تبين أن أعمال وضع ألواح الطاقة الشمسية على هيكل حديدي على أرض العقار رقم 2107 من منطقة بطرام العقارية، قد تمّ استغلالها لغير الغاية التي خصصت من أجلها، يطلب اليكم وبصورة فورية العمل على ازالة الهيكل الحديدي، وكذلك وقف كافة الأعمال غير المرخصة، الجارية على ارض العقار، واتخاذ التدابير المسلكية المشددة بحق المقصرين".
هذا الإعتراف الصريح للداخلية بأن منصور استغلّ رخصة الطاقة الشمسية لغير مبتغاها، ربطته بدورها بضرورة تنفيذ قوى الأمن للاجراءات المتخذة بهذا الخصوص "ضمن مهلة أسبوع على الأكثر من تاريخ تبلغ كتابنا الحاضر".
لكن مضى قرابة العام، وما زال منصور يحظى بغطاء من المديرية بشخص رئيسها عماد عثمان، و"غض نظر" من الداخلية، إذ لا يمكن تحميل فصيلة درك أميون وحدها مسؤولية هدم مخالفات محظي، من رأس مديرية قوى الأمن.

البلدية "متفرّجة" واتحاد البلديات "متواطئ"

والحال أنّ مخالفات البناء على مدى أشهر، لأعمال "مسموعة" و"مقشوعة" من أهالي بطرّام، لم تحرك البلدية لوقف تلك المخالفات، إلا عندما تكشّفت الفضيحة للرأي العام اللبنانية وباتت بعهدة وزارة الداخلية.
فبعد طلب وزارة الداخلية من قوى الأمن الداخلي إزالة الهيكل الحديديّ للطاقة الشمسية ووقف الأعمال غير المرخصة فوراً، علّقت البلدية على الجدار الخارجي للعقار 2107 ورقة تطلب فيها إيقاف الأشغال. 
هذا وراسلت البلدية اتحاد بلديات الكورة، "للكشف عن الأعمال التي تجري في العقار 2107 تمهيدا لإجراء المقتضى". 
لكن ما سيحدث بعد ذلك كان ساخرا بامتياز. فلسخرية القدر، كان إتحاد بلديات الكورة يكشف على بناء مخالف، يتحمل هو نفسه، مسؤولية جزء من مخالفاته.
فالبناء ليس مخالفا بغطاء أمني وحسب، فاتحاد بلديات الكورة والذي أعطى تصريحا ببناء بركة مياه، بناء على الإحالة رقم و/71 تاريخ 26/7/2023 مورّط أيضا. فبحسب معلومات "بيروت تايم" فإن العقار وضعت إشارة مخالفة بناء من التنظيم المدني عليه العام 2008 وهذا يعني أنه لا يمكن إعطاؤه أي تصريح أو رخصة قبل إزالة إشارة مخالفة البناء. 
رغم ذلك، أرسل الاتحاد، رئيس المكتب الفني ربيع سابا، للكشف على البناء، وتحت ضغط إعلامي، بعد متابعة القضية في برنامج بإسم الشعب عبر الـMTV، حاول الاتحاد الإيحاء بأنه وثّق المخالفات، لكن هذا التقرير ما زال مجهول المضمون، والأهم، أن بقاء المخالفات إلى اليوم، يعني أن تحرك الداخلية والبلدية واتحاد البلديات، إنما كان ذرا للرماد في العيون على قاعدة أنه "عملنا اللي علينا"، ولو "بالشكل"!
لكن يبقى السؤال: من يحاسب اتحاد بلديات الكورة نفسه، على إعطاء رخص بناء لعقارات عليها إشارات مخالفات بناء؟ وماذا يخفى خلف إعطاء تلك الرخص من رشاوى لجيوب الساكتين عن المخالفات؟

تهرب ضريبي يتجاوز الـ10 آلاف دولار

وقبل الحديث عن المحاسبة، لا بد من فهم أسباب تغطية الاتحاد لهكذا مخالفات، تنطوي على فساد كبير، يتمثل بالتهرب الضريبي وتهديد السلامة العامة.
فعندما كانت مخالفات العقار 2107 مغطاة أمنيا ومن اتحاد البلديات، كان عقار المنصورية ينهار فوق رؤوس أصحابه، وقبله حوادث كثيرة مماثلة، ولائحة إزالة تعديات البناء لفقراء الأوزاعي تطول.
لكن للمحظيين من رجال الأعمال والمتمولين حسبة أخرى. بمعنى آخر، فتهديد السلامة العامة الذي ينتج عن بناء غير مستوف للشروط ورخص البناء ومغطى أمنيا وبلديا، غالبا ما تدفع رشى باهظة لتنفيذه، كونه ينطوي على تهرب ضريبي.
وبالأرقام خسرت نقابة المهندسين في هذا المشروع قرابة 10 آلاف دولار، أما بلدية بطرام فقرابة الـ200 مليون ليرة.
فعلاقة منصور مع النافذين، سمحت له بدفع أموال أقلّ، وإلى جيوبهم وليس إلى الصندوق البلدية لبلدية بطرّام أو نقابة مهندسي الشمال. أما سوء التنظيم، وتغطية المخالفات، والبناء العشوائي، ففيه تهديد للسلامة العامة خاصة وأن العقار مرخص على أنه فندق.
تبقى فضيحة تملّك السوريين المبطنة. فقد اشترت العقار 2107 شركة MRE  اللبنانية المفوض عبدلله منصور بإدارتها، والتي تأسست أساسا لغرض تملكه لعقارات لبنانية، دون افتضاح أمره.
وهذه فضيحة أخرى لا تقلّ خطورة عن التهرب الضريبي، وهي تملّك الأجانب بشكل غير شرعي. فمنصور سوري الجنسية، ويمتلك شركة شحن بحرية، ويتلطى بامتلاكه للعقار والفندق الذي يتضمنه، بشركة MRE اللبنانية.

المخالفة مستمرة

صحيح أن إحالة وزير الداخلية كانت "فورية" في تشرين الأول 2023، لكن إلى اليوم ما زالت الأعمال مستمرة في العقار 2107، وقوى الأمن معتكفة عن تنفيذ قرار الوزير، فعبدلله منصور "أقوى" من الدولة.
وقد تستسهل قوى الأمن إزالة مخالفات بناء لمواطنين لبنانيين فقراء، لا "وساطة" لديهم لإبقائها، ولا قدرة لديهم لدفع الرشى لجيوب المنتفعين. 
أما العقار 2107 فهو نموذج عن أبنية مخالفة لمحظيين غير لبنانيين، دخلوا نظام الفساد والرشى في لبنان، وتسببوا بخسارة مال عام لبناني، والأخطر، تملكهم المبطن لعقارات لبنانية، فمتى تتحرك النيابة العامة في الشمال، لإبقاء كل عقارات بطرّام، وقرميد منازلها، "تحت القانون اللبنانيّ"؟