جائزة "أفضل حاكم مصرف مركزي" في النظارة
جائزة "أفضل حاكم مصرف مركزي" في النظارة
رياض سلامة الحاكم "السوبرمان"، من مساحةٍ عالميّة إلى نظارةٍ لبنانيّة
بعد توقيفه، في الثالث من أيلول الجاري، تقلّصت حلبة المنافسة التي، فوقها، يتفوّق رياض سلامة على نظرائه، من مساحةٍ عالميّة إلى نظارةٍ لبنانيّة. شارك كثيرون، من كلّ حدبٍ وصوب، في تسويق سردية النظام المصرفيّ الخارق في لبنان والحاكم "السوبرمان"، حتّى باتت حقيقة مطلقة. لم يفهم أحد لما صُرفت كلّ هذه الجهود والوقت والمبالغ والإصرار على تثبيت صورةٍ وهميّة لمنظومة ماليّة عصيّة على الخطأ، حتّى نهبوا أموال شعبٍ بأكمله. أفضل حاكم مصرف مركزيّ في العالم. هكذا توّجَتهُ مجلّة "Euro Money"، عام 2003. وبعدها بسنواتٍ ثلاث، فعلت مجلّة "Banker" المِثل. لم يشارك الجريء توفيق كسبار، يومًا، المجلّتين إعجابهما بكفاءة الرجل. ولكن مهلًا. من هو هذا السيّد كسبار ليرمي بطل العالم في حكم المصارف المركزيّة بملاحظاتٍ وشكوكٍ واتّهامات؟ وما أدراهما، المتواضع محمّد زبيب والرصين علي نور الدين، في شؤون كأس العالم في لعبة كرة المال؟ الآن، انتقل سلامة من منصة تتويجٍ، نادرًا ما غاب عنها، إلى منصّة الإتّهام. ورغم الجوائز تلك، تستكثر الليرة، اليوم، خير حِبرها والورق، والأبراج الماليّة منهارةٌ، ومهندسها مُحتجز. لم يسلم، في دنيا الإقتصاد اللبنانيّ، إلّا الكلام الرصين والمتواضع والخبير.
"ألكاتراز أم كاتدرائيّة إسكوبار؟"
فرضيّات كثيرة، يتداولها اللبنانيّون، حول واقعة توقيف الحاكم الأبديّ لمصرفهم المركزيّ. منهم من يقول أنّها مسرحيّة سمجة وقصيرة، ومنهم من يجزم بأنّها سترةٌ للنجاة من بحر المحاكم الغربيّة. يحلّل آخرون في مكر حصر جريمة النهب الكُبرى، بحقّ أربعة ملايين مواطن، في الملايين الإثنين وأربعين في قضيّة "أوبتيموم". سيناريوهات غطّت كلّ الدوافع إلّا العدالة. تجارب اللبنانيّين، في محاسبة الفاسدين والقتلة، تجزم بأنّ الإنصات لصوت العدالة، مهما كان هدّارًا، هو مُهدرٌ للوقت والآمال. صحوةٌ مُفترَضة للقضاء لم تُبهر أحد. من أين جاء النائب العام المالي، علي ابراهيم، بكلّ هذا الحرص المفاجئ على المال العام؟ كيف سقط هذا الكم من المناقبيّة على مدّعي عام التمييز، جمال الحجّار، وهو الذي فعل ما فعله لقهر العدالة في جريمة تفجير مرفأ بيروت؟ وحدهما، غُصن وسلامة، يطمئنّا لقضاء الساسة في لبنان. أحدٌ، من المواطنين، لم يتيقّن، حتّى الساعة، ما إذا كانت الصحوة تلك ستوصل رياض سلامة إلى إدقاع "الألكاتراز" أم إلى حُظوة كاتدرائيّة بابلو إسكوبار.
"عليّ وعلى أعدائي"
لا اجتهادات، نستند إليها، في واقعة توقيف الحاكم السابق للمصرف المركزيّ. فكلّ تفصيلٍ فيه هو سابقة غريبة عن لبنان. في سحر ساحر، أستدعى القاضي مرتكبٌ من النادي المرموق وأصدر مذكّراته برشاقةٍ وحزم. وزير الداخليّة لم يرفض قرار القاضي. الضابطة العدلية لم تتهيّب التنفيذ. أحدٌ من الساسة لم ينبس ببنت شفة. صمت القبور هذا هو، أيضًا، سابقةٌ سعيدة وفائقة النُدرة. لا نعرف ما إذا كان صمتهم هذا ينمو عن اطمئنانٍ لحسن سير المسرحيّة أم عن تهيّب حسن سير العدالة لأول مرّةٍ في أيّامهم الطويلة السوداء. فعسى أنّهم يتساءلون، بتوجّسٍ وخِشية، عمّن حلق شعر شمشون الجبّار ليضعف هكذا، وعمّا إذا كان سينال جائزة أفضل حاكم مصرف مركزيّ في النظارة، أم سيسقط صارخًا: "عليّ وعلى أعدائي".