التعلّم عبر المشاريع: فرص للإبتكار

التعلّم عبر المشاريع: فرص للإبتكار

  • ٢١ أيلول ٢٠٢٤

اللافت في أنظمتنا التعليمية فقدان التواصل بين غرف الصف والحياة الواقعية، في غياب مناهج وأساليب دراسية تربط المتعلم مع المجتمع.

يعتبر التعلّم القائم على إنجاز مشاريع دراسية، نهجاً شاملاً وعميقاً في التدريس،يتيح الإمكانية للطلاب لمعاينة واقعية وحقيقية للمشكلات» 
إنّ فعالية هذه المقاربة تكمن في تعزّيز مهارات طالب ومعلم القرن الواحد والعشرين، وتلبية الإحتياجات التعلّمية التي باتت أولوية في التعليم ، وأبرزها طرق التفكير النقدي، والتواصل والتنسيق في  عمل فريقي منظم، ومهارات القيادة، والأسس الناجعة لحلّ المشكلات، وتنمية روحية المبادرة العلمية والإجتماعية وبمعنى آخر تحويل المادة الصفية الى علاقة مباشرة مع الحياة ومع المجتمع. ومن ناحية أخرى يتحول المعلم والمتعلّم من عملية تلقينية، هرمية، وفي ذلك تحفيز ذهني ومعنوي للمعلمين والمتعلمين نحو آلية تعتمد على التوجيه الذاتي. 
والتوجيه الذاتي يساعد الطلاب على فهم إحتياجاتهم للمادة الدراسية والجدوى منها. فيرسمون إستراتيجيات لتحقيق اهدافهم ومن ضمنها إدارة الوقت وتنظيم الموارد. وفي هذه الحالة يمكن الطالب من رصد تقدّمه وتقييم فعالية إستراتيجيته . ما يؤهله لإكتساب المهارة في التفكير بشكل نقدي لكل ما تعلمه، فيحافظ عى تركيزه ودافعيته لتحقيق أهدافاً تعلمية.  
ودور المعلم في هذا المجال يتمحور حول تعزيز قدرات التوجيه الذاتي داخل الصفوف الدراسية، أولها توجيه الطلاب نحو أهداف تعلمية واقعية وذكية ترتكز على التشاركية في الأفكار، ووضع أهداف قابلة للقياس والتطبيق، وفي جدول زمني محدد. وتوفير فرص للإختيار الحرّ والواعي لموضوعات الدراسة، كما اشراكهم في تحديد اساليب التقييم بما في ذلك إختيار الصيغة المناسبة لتقديم أعمالهم. ثمّ التوجيه الذاتي يعني اكتساب مهارات إدارة الوقت وتنظيم الجدول اليومي الفردي، وتقنية تحديد الأولويات وتنظيم المواد الدراسية، وادارة المهام، والتشجيع على تتبع نقاط القوة والضعف،لتحديد ما هو فعال وما يحتاج الى تعديل، ليصل الى تقييم النتائج ،وغيرها الكثير من المعايير. ويبقى الأهم توجيه الطالب الى الموضوعات ذات الصلة باهتماماته فيصبح أكثر تحفيزاً وارتباطاً بالعملية التعلمية. كلّ ذلك من المفترض أن يتمّ في بيئة صفية إيجابية داعمة للإستقلالية والحرية في التفكير.
أما أهمية هذا النهج، فإنّه يؤدي الى تعليم عالي الجودة ومستدام، يؤهل المعلمين والمتعلمين المشاركة الفعالة في حياة المجتمع  وايجاد حلول مبتكرة للمشاكل على المستوى الفردي أوالعام، ويشركهم في صنع القرار والاستفسار المستدام، وإنشاء مشروعات متعددة الإختصاصات.
التحديات في لبنان: 
على الرغم من تنفيذ التعلم القائم على المشروعات في جميع أنحاء العالم، إلا أنّه لا يزال جديدًا ومحدودًا في لبنان. 
من التحديات التي تواجه تنفيذ التعلم القائم على المشروعات في الفصول الدراسية في لبنان، فإن التعلم القائم على المشروعات هو اسلوب تعليمي مقتبس من المنهجيات الغربية، نتيجة تدريب مختلف كلياً عما هو في الشرق الأوسط ، فيتطلب الأمر اعادة هيكلة للمنهج لتتكيف مع معطيات التفكير والحاجيات . علاوة على ذلك، يعتمد المنهج الدراسي في السياقات الشرق أوسطية بشكل كبير على الأساليب التقليدية ويركز على المحتوى، ويعتمد على خطة تقييم صارمة تتطلب تغطية المحتوى من أجل الاستعداد للاختبارات الوطنية. وتقتصر مبادرات التعلم القائم على المشروعات في الفصول الدراسية في لبنان  في أغلب الأحيان على مبادرات فردية من المعلمين ونادراً ما تتخذ شكلاً مؤسسياً تتبناه المؤسسة التعليمية. من ناحية أخرى، هناك معلمون يرغبون في تبنّي نهج التعلم القائم على المشروعات في فصولهم الدراسية بسبب الفوائد التي تعود عليه من تطوير مهارات الطلاب والمعلمين أيضًا. تقف في وجههها معوقات توزيع الحصص المتراكمة عبر البرنامج اليومي والاسبوعي معاً، وقصر وقت الحصة المخصصة للدراسة فالمشاريع تحتاج الى وقت أطول لانجاز بعض ما هو مقرر في جدول العمل، ما يضطر الميسر أن يعود كل مرة للتذكير من حيث بدأ وفي هذا هدر للوقت والتركيز. 
 

وفي الختام ، الأجيال متغيرة، وإحتياجاتهم متغيرة أيضاً،والهدف هو السعي نحو جودة في التعليم، تجاري متطلبات العصر، وألا يبقى الطالب معزولاً عن دوره في المجتمع الذي يعيش فيه. وبهذا تراعي العملية التعلمية التكوين الفكري والإنساني والعلمي والاجتماعي بشكل متوازن وواقعي.

لينا خير: متخصصة في مجال تكنولوجيا التعليم

 ومشاركة في برنامج زمالة الشرق الأوسط 
 في كلية الدراسات العليا للتعليم
 في جامعة هارفارد لعام 2022