المعالم الأثرية في الوطن العربي: رهينة الإرهاب والديكتاتوريات والجهل

المعالم الأثرية في الوطن العربي: رهينة الإرهاب والديكتاتوريات والجهل

  • ٠٥ كانون الثاني ٢٠٢٥
  • تيريزا كرم

المعالم التراثية في حروب اليمن ولبنان وسوريا والعراق تروي قصة إرث حضاري عظيم يتعرض للتهميش والإنتهاكات والتدمير


منذ عقود عديدة، برز مفهوم متقدم حول قيم الإرث الثقافي بين المتخصصين وفي أوساط الحكومات، وداخل المجتمعات،وبرز السعي لتعزيز أهمية التراث للمجتمعات المتغيرة، وصياغة فهم مشترك للحفاظ عليه وإدارته، نظراً للأهمية الثقافية للأماكن والقيم الجمالية والتاريخية والعلمية والروحية والإجتماعية التي تحملها الأجيال الماضية والحالية والمستقبلية. إذ إنّها تجسيد للهوية الوطنية وهي المؤشرات الملموسة على معتقدات الناس وهوياتهم وقيمهم، وتجسيد لإنتقال الذاكرة الجماعية من جيل الى آخر لضمان الإستمرارية الثقافية لشعب من الشعوب. فضلاً عن الفوائد الإقتصادية من إستخدامها بشكل مباشر أو غير مباشر. أكان في الأنشطة التجارية، أوالإبداعية، أوالسياحة، أوالتفاعل الثقافي بين المجتمعات وغيرها. غير أنّنا في خضم صراعاتنا ومصائبنا المتكررة، قد أغفلت مجتمعاتنا أهمية الإرث الحضاري وما بقي منه. فإنّ المساجد والقلاع والكنائس والأسواق والمقابر والمتاحف، بوصفها حارسةً لهذه الذاكرة، هي شريكة أساسية في هذه العملية.  وإنّ تدمير هذه المواقع يعني تدمير القيم التي تطورت نتيجة للإرتباط بمكان معين يتمتع بخصائص طبيعية أو ثقافية معينة. 

وفي هذا السياق لا بدّ من التذكير دائماً بما أصاب الإرث الثقافي والحضاري في لبنان والعالم العربي من إنتهاكات قد لا تبدو أولوية أمام المآسي التي تتعرّض لها شعوب هذه المنطقة. إنّ العديد من معالم لبنان التاريخية تعرضت للتخريب والدمار نتيجة الحروب والنزاعات. هذه المعالم الشاهدة على تنوع حضاريّ من الحضارة الفينيقية إلى الرومانية واليونانية، مرورًا بالحضارة العربية والإسلامية، وصولًا إلى المماليك والعثمانيين، لم تنجُ من آثار الانفجارات والحروب الأهلية والحرب الإسرائيلية، التي جعلت من معالم لبنان الأثرية القديمة ضحية للعنف والدمار. ودمار الصراعات الدموية طال أيضاً منطقة الشرق الأوسط، التي شهد إرثها الحضاري إنتهاكات وتدميراً قضى على هوية ثقافية تمتد جذورها الى عصور غابرة، سواء من إسرائيل أو دول الغرب أو المنظمات الإرهابية ، أو الحروب الداخلية، الى الأنظمة الدكتاتورية التي لم تعمل سوى الحفاظ على سلطتها على حساب الشعب والتاريخ.  فالمنطقة العربية شهدت الحضارات العظيمة؛ من حضارة بابل وآشور في العراق، وفي سوريا تركت حضارات متنوعة، من الكنعانيين إلى الأمويين، مرورًا باليونانيين والرومان والبيزنطيين، تراثًا شاهداً على عظمة هذه الشعوب. غير أنّ الحروب، التي لم تدمر الحاضر فقط، بل قضت على معالم التاريخ.
 

ففي لبنان دمرت إسرائيل في حربها الاخيرة على لبنان العديد من المعالم الاثرية منها،

مقبرة الباشورة: تعتبر مقبرة الباشورة واحدة من أقدم المقابر في بيروت، وكانت تعرف سابقًا باسم «قبر عمر». تحتوي على رفات شخصيات تاريخية هامة من العهد العثماني، مثل الحاكم أحمد حمدي باشا ورئيس الحكومة السابق شفيق الوزان. تعود نشأتها إلى القرن التاسع عشر، ويطلق عليها أيضًا إسم «مقبرة الأعيان». تعرضت المقبرة للقصف الإسرائيلي، مما ألحق أضرارًا بموقعها التاريخي.

قلعة بعلبك: تقع بعلبك في البقاع الشرقي من لبنان، وهي مدينة تاريخية تتميز بأطلالها الرومانية التي تعود إلى القرن الأول الميلادي. تعرف بوجود معابد ضخمة، مثل معبد جوبيتر الذي يعد من أبرز معالمها. المدينة كانت مأهولة بالسكان في العصور المختلفة، من الفينيقيين إلى الرومان ثم العهد العثماني. لم يتعرض الموقع الأثري نفسه للدمار المباشر، لكن القصف الإسرائيلي قرب المعابد ألحق أضرارًا بالبنية التحتية المجاورة وعرّض الموقع التاريخي لخطر سقوط بعض من معالمه.
قبة دورس: تعتبر دورس واحدة من المواقع الأثرية الهامة في منطقة بعلبك، حيث يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، وتضم قبة تاريخية من القرن الثالث عشر. اكتُشفت فيها العديد من التوابيت الرومانية. كانت دورس مركزًا تجاريًا وموقعًا استراتيجيًا، حيث شهدت العديد من النشاطات البشرية طوال التاريخ. تعرضت القبة لأضرار كبيرة جراء الهجمات الإسرائيلية في أكتوبر 2024، مما يهدد وجودها كجزء من التراث الثقافي للبنان.
مجدل عنجر: تقع مجدل عنجر في البقاع اللبناني وهي مدينة قديمة تأسست في العهد الأموي على يد الخليفة الوليد بن عبد الملك في القرن الثامن الميلادي. كانت مجدل عنجر مركزًا هامًا للملاحة التجارية والزراعة. تحتوي المنطقة على آثار من العهد الأموي، مثل معابد رومانية وقلعة قديمة. رغم تعرضها للهجمات الصاروخية الأخيرة، فإنّ الآثار التي تعود إلى العصور القديمة لا تزال سليمة نسبيًا.
صور: صور الواقعة على الساحل الجنوبي للبنان، وكانت تعد من أبرز المدن الفينيقية في العصور القديمة. تعود أهميتها إلى كونها كانت مركزًا تجاريًا ودينياً عظيمًا على البحر الأبيض المتوسط. تأسست صور حوالي 2750 قبل الميلاد، وارتبطت بتاريخ البشرية عبر إنتاج الصبغة الأرجوانية ومساهمتها في إزدهار حضارة المتوسط. تضررت المدينة في الآونة الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي على المباني التاريخية والآثار، مما يعرض موقعها المدرج ضمن التراث العالمي للخطر.
النبطية: النبطية هي مدينة تاريخية في جنوب لبنان، تحمل آثارًا من العهد العثماني، وخاصة في أسواقها القديمة التي تحوي مبانٍ تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر. الأسواق في النبطية كانت تعُد من أهم مراكز التجارة في المنطقة. وقد دمّر القصف الإسرائيلي جزءًا من هذه الأسواق، مما ألحق أضرارًا بالتراث الثقافي والتاريخي للمدينة.
قلعة تبنين الصليبية: استهدف الجيش الإسرائيلي قلعة تبنين في جنوب لبنان ودمّر جدارها الخارجي. ويعود تاريخ القلعة، المعروفة أيضاً بقلعة تورون، إلى الحقبة الصليبية. فقد بنيت في العام 1104 في جبال لبنان على الطريق من صور إلى دمشق، وشكّلت مركزاً لسيادة تورون، وهي ملكية ضمن مملكة القدس.
مقام السيدة خولة: في 23 أيلول 2024، إستهدفت الغارات الإسرائيلية محيط مقام السيدة خولة في منطقة بعلبك، فتمّ إخلاؤه مؤخّراً حفاظاً على أرواح العاملين فيه. بني المقام في القرن العاشر، وأعيد ترميمه في القرن الحادي عشر، وتحديداً في العام 1077. وخضع للكثير من أعمال الترميم والتوسيع حتّى هذا القرن ليستوعب أعداداً أكبر من الزوّار. يعتبر مقام السيدة خولة تحفة فنية لما يضمّ من زخرفات بالآيات القرآنية وقبّة مذهّبة ومآذن عملاقة.
قانا، قانا هي قرية تاريخية في الجنوب اللبناني، وارتبطت بحدث ديني هام في الكتاب المقدس، حيث يعتقد أنّها مكان معجزة تحويل الماء إلى خمر. تضم القرية آثارًا قديمة، بما في ذلك معاصر للعنب. تعرضت قانا لدمار كبير نتيجة للقصف الإسرائيلي الذي طال أجزاء من القرية.
قلعة شمع: هي قلعة صليبية في بلدة شمع في قضاء صور. أغار الطيران الحربي الإسرائيلي في 18 تشرين الأول/أكتوبر على منزل في بلدة شمع بالقرب من مقام النبي شمعون الصفا الملاصق لقلعة شمع، ما أدّى إلى تدمير المنزل المستهدف وإلحاق أضرار جسيمة بالمقام.
وقلعة شمع هي قلعة أثرية من أيام الصليبيين. بُنيت في العام 1116، وتقع على سلسلة من الجبال التي تنتهي برأس البيّاضة في أقصى الجنوب وتشرف على مدينة صور وسهولها. تستمد إسمها من مقام النبي شمعون الصفا الملاصق لها، وتبعد بعض الكيلومترات من الحدود اللبنانية الفلسطينية. احتلّها العدو الإسرائيلي في العام 1982 وبقي فيها حتّى إندحاره من جنوب لبنان، وقد حوّلها إلى مركز عسكري متسبّباً بأضرار كبيرة في بنيتها. وفي خلال عدوان 2006، استهدف الطيران الإسرائيلي القلعة ودمّر حوالي 80% منها، فيما بقى مقام النبي شمعون الصفا.
إنفجار مرفأ بيروت في٤ آب عام  ٢٠٢٠
وفي سياق الحروب، تعرضت مئات المنازل والمعالم التراثية في المنطقة المجاورة لمرفأ بيروت لأضرار كبيرة، من بينها قصر سرسق الذي بني في عام 1870 في الحقبة العثمانية. 
ووفقًا لمديرية الآثار في وزارة الثقافة، تضرر حوالي 600 منزل تراثي، منها 80 تضررت بشكل كبير و520 بشكل جزئي. تشمل المناطق المتضررة الجميزة، مار مخائيل، والأشرفية.

سوريا 

إنّ الازمة السورية التي اندلعت عام 2011 لم تقتصر على التهجير والمسالخ البشرية والقتل وحسب، وإنما أدت الى دمار التراث التاريخي والمعماري، فمنذ اندلاع الحرب في سوريا طال القصف العشوائي الإرث الثقافي، وبالرغم من مناشدة الاونيسكو كلا الجانبين إلى احترام وحماية الآثار التاريخية، إلاّ أن الوقائع تشير إلى عدم التزام الجوانب المتقاتلة بالإتفاقيات العالمية.

أبرز خمسة مواقع أثرية تعرضت للتدمير في سوريا،
الجامع الاموي: يقع الجامع الأموي في المدينة القديمة في حلب، وهو من أقدم وأهم مساجد العالم، ومن المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي. وأثناء اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة للسيطرة على المسجد دُمرت مئذنته التي تعود إلى ما قبل 1000 سنة تقريباً.

«هذه الخسارة توضع في نفس السياق مع تفجير تاج محل أو تدمير مبنى الاكروبول في أثينا، إنّها كارثة من حيث التراث، وهذا هو أسوأ ما رأيته حصل في سوريا»

أسواق حلب القديمة: وهي أكبر سوق تاريخي مغطى في العالم يعود الى القرون الوسطى، ففي أيلول 2012، إلتهمت النيران أجزاء من الأثري دكاكينه القديمة ذات الأبواب الخشبية التي يعود بعضها إلى مئات السنين.

 جامع العمري: تأسس هذا المسجد في القرن الثامن الميلادي، وهو واحد من أقدم المساجد في العالم. استعمل في بداية الحرب كمستشفى ميداني وملاذاً للمتظاهرين، إلى أن دمرت مئذنته في العام 2013، وبقي الطرفان يتبادلان تهم مسؤولية تدميره.
قلعة الحصن: وهي واحدة من ستة مواقع أثرية أدرجتها الأونيسكو على لائحة التراث العالمي، كونها واحدة من أقدم قلاع القرون الوسطى الأكثر أهمية في العالم، والتي لاتزال قائمة. أصيبت القلعة بأضرار جراء قصف مباشر لها.
تدمر: تعرضت مدينة تدمر التاريخية لدمار هائل نتيجة المواجهات والإشتباكات المستمرة في المنطقة بين الأطراف المتقاتلة، وقد طال الدمار معبد بعل الأثري الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي، كما تعرض الموقع لقصف صاروخي واستُهداف بقذائف وقنابل هاون

المواقع الأثرية ضحية الصراعات والسلب والنهب.

اليمن

شهد اليمن عبر تاريخه الحديث حروباً وصراعات سياسية مسلحة، وكانت المواقع الأثرية والمعالم التاريخية تتعرض كل مرة للتدمير، والنهب، والتهريب. وزاد تعرض هذه المواقع والمعالم لمثل هكذا أعمال في الآونة الأخيرة نظرا لوجودها مباشرة في مناطق الصراع المسلح، وهذا ما من شك يشكل تهديداً خطيراً يضاف إلى سلسلة التهديدات التي تواجهها هذه المواقع، خاصة أنّها تحولت إلى ساحات معارك واشتباكات، إذ اُستخدمت من قبل أطراف الصراع كمواقع عسكرية استراتيجية، ودفاعية.

وبدخول اليمن في صراع مسلح، دخلت المواقع الأثرية والمباني والمدن التاريخية وبعض المتاحف اليمنية منعطفاً خطيراً جعلها عرضة للعبث والسرقة والتدمير مجدداً. حيث يتمترس بعض أطراف الصراع اليمني فيها، وما لها من تداعيات كارثية، ومن هنا كانت الدعوات إلى خروج أطراف النزاع من المواقع الأثرية والمباني والمدن التاريخية وعدم اتخاذها ساحات حرب واجباً وطنياً وأخلاقياً.
ومن بين المواقع الأثرية والمآثر المعمارية والتاريخية:
 «مسجد ومدرسة العامرية»، في مدينة رداع، وهي من أهم المساجد والمدارس القديمة والأثرية في اليمن، يعود تاريخ بنائها لعام (910هـ/1504م)، من عهد الملك «الظافر عامر بن عبد الوهاب»، ملك الدولة الطاهرية. وقد فازت بجائزة «الآغاخان» في العمارة الإسلامية في حماية التراث العالمي، ومرشحة لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي، ولكنها تحولت إلى ساحة قتال بين «أنصار الشريعة» التابع لتنظيم القاعدة، من جهة والجيش اليمني من جهة أخرى في نهاية العام (2011)، الأمر الذي تسبّب بأضرار كبيرة للموقع. كما أنّ أجزاءً من سور القلعة التاريخية لمدينة رداع، والتي يعود تاريخ بنائها إلى عهد الملك الحميري شمر يهرعش، الذي حكم في القرن الثالث للميلاد، قد تعرض هو الآخر للضرر والتصدع بسبب نيران القصف المتبادل بين «مليشيات الحوثيين» من جهة، وبين «أنصار الشريعة» من جهة أخرى في العام (2014).

ومنذ انطلاق «عاصفة الحزم» في اليمن في تاريخ 26 / 03 / 2015 صارت المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والأثرية تحت القصف من مختلف الأطراف؛ «مليشيات الحوثيين» من جهة، و«لجان المقاومة الشعبية» من جهة أخرى، وغارات طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة ثالثة.

ومن المواقع التي طالها التدمير الكلي أو الجزئي، في محافظة صنعاء،

 «مسجد وضريح الإمام عبدالرزاق إبن همام الصنعاني»، والمتوفى في العام (211 هجرية) في منطقة حمراء بقرية دار الحيد بمديرية سنحان. وفي محافظة الضالع؛ «دار الحسن» الأثري في قرية «دمت» التاريخية التي تعود إلى فترة عصور ما قبل الإسلام. وفي محافظة عدن، تعرض لأضرار القصف الطابق الثالث من «المتحف الوطني»، الذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد السلطان «فضل بن علي العبدلي» في العام (1912م)، و«مسجد جوهرة» التاريخي، كما تعرضت لأضرار القصف «قلعة صيرة» التاريخية، التي تعُد من أبرز قلاع وحصون مدينة عدن، وقد بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان للقلعة دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية لمدينة عدن.

وفي محافظة تعز، تعرضت لأضرار جسيمة من القصف الجوي «قلعة القاهرة» التاريخية، ويعود بناؤها إلى عهد الدولة الصليحية (1045-1138م)، وتعد النواة الأولى لنشأة مدينة تعز. وقد قامت بأدوار عسكرية وسياسية هامة خلال تاريخها الطويل، وليس ذلك فحسب بل أنّ الأيوبيين عندما دخلوا اليمن (1173م) جعلوها مقراً لإقامتهم، كما أصبحت بعد ذلك مقراً لحكم الرسوليين الذين حكموا اليمن بين (1229-1454م).
وفي صعدة، تعرضت لغارات القصف الجوي المدينة القديمة في مركز المحافظة، وكذلك «جامع الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين بن القاسم»، الذي يعد أقدم جوامع مدينة صعدة وأهمها، حيث يعود تاريخ بنائه إلى العام (290 هجرية).
أما في محافظة صنعاء، فقد تعرض لغارات القصف الجوي (قصر السلاح) الذي يعتقد أنّه بني على أنقاض «قصر غُمدان» الشهير، الذي كان يعتبر من عجائب الهندسة المعمارية ومن أقدم القصور في العالم، وجاء ذكره في كتاب«الإكليل» الجزء الثامن، للمؤرخ والجغرافي اليمني أبو محمد الحسن الهمداني الذي عاش في (القرن الرابع الهجري/ العاشر ميلادي)، وذكر أنّ الملك «سيف بن دي يزن» هو أشهر وآخر ملوك الدولة الحميرية، والذي حكم في القرن السادس للميلاد، من الذين سكنوا القصر. كما وصفه الرحالة محمد القزويني كأحد عجائب بلاد العرب. وتعرضت أيضاً بعض المنازل في مدينة صنعاء القديمة و«قرية فج عطان» الأثرية لأضرار كبيرة من جراء القصف.

وفي محافظة الجوف، تعرض للأضرار وتدمير أجزاء كبيرة منه «سور مدينة براقش» الأثرية، والتي تعود إلى فترة ما قبل القرن الخامس قبل الميلاد. وفي مدينة صرواح في محافظة مأرب، تعرضت جدران المعبد المعروف باسم «معبد أوعال صرواح» إلى التشقق في الكثير من ملحقات المعبد وأجزائه خاصة السور، ويعود تاريخ هذا المعبد إلى عهد الدولة السبئية، وهو ضمن المواقع الأثرية التي قامت البعثة الألمانية بالتنقيب فيه، وكشفت في العام (2005) عن أهم وأكبر نقش سبئي يعود تاريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد.

أما العراق التي كانت مسرحاً للاطماع الغربية لم تسلم معالمها التاريخية من شرّ التنظيمات الإسلامية المتطرفة 

مدينة نمرود الأثرية، مدينة آشورية قديمة تقع جنوب شرق الموصل. تعرضت للتجريف بواسطة جرافات وآليات  تنظيم داعش  عام 2015، وهو ما وصفته اليونيسكو بـ «جريمة حرب». يعود تاريخ المدينة إلى القرن الـ13 قبل الميلاد.

متحف الموصل، يُعدّ ثاني أهم المتاحف في العراق بعد المتحف الوطني في بغداد. عام 2015، نشر «داعش» شريطًا مصورًا يظهر قيام عناصره بتحطيم آثار وتماثيل نادرة من بينها تماثيل من نمرود والحضر.

مرقد النبي يونس، عام 2014، دمر «داعش» مرقد النبي يونس في الموصل بالكامل بعد أن فخخه بالمتفجرات، وهو واحد من أبرز المواقع الدينية في المنطقة.
مكتبة الموصل، عام 2015، أحرقت «داعش» الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة في مكتبة الموصل، وهو ما اعتُبر جزءًا من «التطهير الثقافي» الذي ينفذه التنظيم.
قلعة تلعفر، تعرضت قلعة تلعفر، الواقعة غرب الموصل، لأضرار كبيرة .
تمثال الشاعر العباسي أبو تمام، عام 2014، دمرت«داعش» تمثال الشاعر العباسي أبو تمام الذي كان موجودًا في حي الطوب في الموصل، وهو تمثال ضخم كان يمثل شخصية ثقافية هامة في تاريخ الأدب العربي.
كنيسة أحوداما (الكنيسة الخضراء)، الكنيسة التي تعود إلى نحو 1300 عام في تكريت تعرضت للتدمير بين أيلول وتشرين الأول 2014، وكانت قد شهدت مجزرة ضد المسيحيين على يد المغول في عام 1258.
مرقد الأربعين في تكريت، تعرّض المرقد، الذي يضم رفات 40 جنديًا من جيش الخليفة عمر بن الخطاب، للتفجير في أيلول 2014.

هذه المواقع تمثل جزءًا من التراث التاريخي والديني للعراق، وقد دمرها تنظيم «داعش» في إطار حملاته الهادفة إلى محو الحضارات السابقة والإرث الثقافي للمنطقة.

في الوقت الذي يفترض فيه على الشعوب والحكومات في الدول العربية أن تتكاتف لتصون تراثها وتحمي آثارها من أهوال الحروب بدل أن تفتك بها وتدمر ما تبقى لها من شواهد حضارية. فهذه البلاد التي تحمل إرثاً ثقافياً وحضارياً عظيماً كان يمكنها أن تبني عليه جسوراً للتنمية والسلام، وأن تحوله إلى مصدر للنهضة الاقتصادية والثقافية، بدلاً من أن تتركه رهينةً للدمار والنسيان.

إنّ حماية التراث ليست مجرد واجب أخلاقي، بل هي رسالة أمل للأجيال القادمة، وشهادة على قدرة الشعوب على النهوض من تحت الركام واستعادة هويتها. فالماضي، بما يحمله من كنوز ومعانٍ، هو نبض الحاضر وضوء المستقبل، ولن يتوقف دوره ما دمنا نحميه  ونضعه  من ضمن أهداف التنمية المستدامة.