البيئة الشيعية تتململ بصمت
لم تشهد البيئة الشيعية في القرى الحدودية أية حركة نزوح منها إلى مناطق أخرى.
أربعُمئة عائلة في ميس الجبل ومئات العائلات في شقرا من سكانها الأصليين والوافدين إليها من البلدات المجاورة، والعدد إلى ازدياد رغم سلبية الأجواء السياسية التي تلّوح بحرب جديدة.
ومن كان ميسورًا بعض الشيء غادر ليبني في مناطق أكثر أمانًا وابتعادًا عن الشريط الحدودي مع إسرائيل.
أما الأسباب التي أدت إلى بقاء الأهالي في البلدة فتعود أولًا إلى انعدام القدرة على النزوح مجددًا، رغم الإستباحة الإسرائيلية لميس الجبل وكفركلا على مدى أسبوع بذريعة وجود تهديدات مرتقبة من الحزب.
ثانيًا، كثير من المتضررين من الدمار الجزئي لم يحصل، على تعويضات من الحزب، رمم على حسابه ودفع المال وهو غير قادر على أن يترك مكانه.
ثالثًا، لم يخصص الحزب أموالًا لنزوح أي عائلة وكثير من المدارس اتخذت قرارًا بعدم فتح الباب أمام النازحين لأنَّ أحدًا لم يعوّض على خسارتها من الحرب الفائتة، عدا عن أنَّ الأهالي الذين تلقوا أموالاً بدل الإيواء مدة سنة كاملة قلقون من عدم الحصول على الدفعة الثانية بعدما تدمرت بيوتهم بشكل كامل.
رابعًا، منطقة جنوبي الليطاني خالية من سلاح حزب الله بشكل تامّ لذلك يعتقد الأهالي أنّها لن تتعرّض لحرب مدمرة، وخصوصًا بعد تسليم الحزب سلاحه وتفجير الجيش اللبناني للمنشآت والمواقع والذخيرة.
خامسًا، يتردد الآلاف من النزوح إلى مناطق ذات غالبية من الطوائف الأخرى خصوصًا بعد الإنقسام العامودي الحاصل بينها نتيجة تداعيات التطورات الدامية في سوريا بين الشيعة والسنّة.
لا خيار أمام البيئة الشيعية الجنوبية حتى الآن سوى البقاء، أمّا من يحمي هذه البيئة فهي بلا حماية في الوقت الراهن لا من الدولة التي لم يؤخذ رأيها في قرار إسناد غزة ولا من الحزب المنصرف إلى أولوياته للصمود المالي والعاجز حاليًا عن تأمين حاجات بيئته المالية.
القوات الإسرائيلية تدخل البلدات وتفجّر المنازل والجرافات، والهدف منع إزالة الركام وإعاقة إعادة الترميم.
في ميس الجبل حتى مناسبات الموت تتعرض للتهديد من المسيَّرات، وآخر التهديدات رمي قنبلة صوتية على تجمّع بشري للعزاء برجل من أهل البلدة، وملاحقة الجنازة قبل الدفن وبعده.
الجيش اللبناني لا يحضر إلى البلدة إلا بعد انتهاء التوغلات الإسرائيلية، أما في الجنازات فتحرص عناصر الجيش على الإختباء بين المشيّعين خوفًا من استهداف العدو لها.
إسرائيل تمنع إزالة الركام في البلدة في المواقع المواجهة للحدود معها، رغم أنَّ إزالة الركام تعود بالفائدة إلى الجيش الإسرائيلي نفسه، يقول مصدر أمني لبيروت تايم.
المصدر يقول إنَّ السلوك الإسرائيلي تجاه أهل الجنوب والبيئة الشيعية يجبر هؤلاء على اللجوء إلى حزب الله خصوصًا بعد استهداف إسرائيل للمزارعين والرعاة والصيادين والمدنيين.
ويضيف إنَّ على الأميركيين أن يستغلوا حاجة الناس إلى الأمن والأمان ويدعموا الجيش اللبناني بدل أن يتركوه ضعيفًا أمام التكنولوجيا الإسرائيلية المدمّرة، وإلى أن يتذكروا بأنَّ اللبنانيين أمام إنتخابات نيابية مرتقبة سيتمكن حزب الله من النجاح فيها إذا ما رأت بيئته أنّه مخلّصها الوحيد.
ويرجّح المصدر أن يكون نتنياهو الخاسر الأكبر من عودة الإستقرار إلى الجنوب لأنَّ إرساء السلام يعني البدء بفتح ملفات الرجل في الداخل الإسرائيلي وهو أمر يتجنّبه اليميني المتطرف…