رجل الصفقات يزور الشرق الأوسط: ترامب يتنقل بين الحوثيين وحماس في رحلة استراتيجية غير مسبوقة

رجل الصفقات يزور الشرق الأوسط: ترامب يتنقل بين الحوثيين وحماس في رحلة استراتيجية غير مسبوقة

  • ١٣ أيار ٢٠٢٥
  • كريم الحدّاد

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحلّ ضيفاً على المنطقة، لا من بوابة "صفقة القرن" هذه المرة، بل بيدٍ تصافح الحوثيين وأخرى تتفاوض مع "حماس"، بينما تراقب إسرائيل بصمت.

في خطوة غير تقليدية، حلّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضيفًا على الشرق الأوسط، لكن هذه المرة لم يكن من بوابة "صفقة القرن" أو الأطروحات التي طالما ارتبطت به في قضايا فلسطين. هذه الزيارة تمثل تحولًا استراتيجيًا في سياسة واشنطن بالمنطقة، حيث يسعى ترامب لتعزيز مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية من دون التورط في صراعات مكلفة.

اليمن: هدنة مفاجئة في بحر الأحمر

فاجأ ترامب الجميع عندما أعلن عن هدنة مع الحوثيين بوساطة عمانية، أوقف من خلالها الضربات الأميركية على اليمن في مقابل وقف استهداف السفن في البحر الأحمر. هذه الخطوة لا تقتصر على كونها مجرد وقف للاقتتال، بل تؤشر إلى تحول جذري في سياسة واشنطن تجاه النزاع اليمني الذي استمر لسنوات. في هذه المبادرة، ترامب يسعى لخلق نوع من التوازن الإقليمي، من دون أن يتورط في حرب جديدة في منطقة غنية بالصراعات.

فلسطين: ترامب يتفاوض مع حماس ويحرر الأسير

على الجانب الفلسطيني، تمكن ترامب من إجراء تفاوض مباشر مع حركة حماس، من خلال وساطة قطرية ومصرية، حيث تم تحرير الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر. المفاجأة الأكبر كانت غياب إسرائيل عن هذه الصفقة، ما أثار استغراب الإعلام الإسرائيلي الذي وصف الخطوة بأنها "مفاجئة مرتين": أولًا لأن الاتفاق تمّ من دون علمها، وثانيًا لأن ترامب، الذي كان يُعتبر حليفًا وثيقًا لإسرائيل، يتعامل مع ملف غزة والضفة الغربية كما لو أن تل أبيب لم تكن جزءًا من المعادلة.

إيران: التهدئة بدلاً من التدمير

على الرغم من التهديدات السابقة التي أطلقها ترامب بتدمير إيران، فإن التصعيد العسكري يبدو أبعد من أن يكون خيارًا. في الواقع، تشير المؤشرات إلى أن ترامب في طريقه لإبرام اتفاق نووي جديد مع طهران، يسمح لها بتخصيب محدود لليورانيوم لأغراض مدنية، في محاولة لتجنب التصعيد العسكري مع طهران والبحث عن حل دبلوماسي يضمن مصالحه في المنطقة من دون الإضرار بالأمن العالمي.

سوريا: ترامب يسعى للاتفاق مع الشرع

السعودية ستكون المحطة الأولى في زيارة ترامب، ولكن الصحافة البريطانية كشفت عن لقاء غير تقليدي قد يتم بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع، بوساطة سعودية. يسعى ترامب من خلال هذا اللقاء إلى رفع العقوبات الأميركية عن دمشق مقابل صفقة قد تشمل فتح باب الاستثمار في معادن سوريا، بالإضافة إلى تهدئة الوضع في المنطقة، وربما التوصل إلى اتفاقات تتعلق بالاعتراف بإسرائيل ضمن سياق "اتفاقيات أبراهام". إحياء العلاقات بين واشنطن ودمشق قد يتضمن أيضًا بناء برج باسم ترامب في دمشق، وهو ما يعكس الطابع الاستثماري والسياسي لهذه الزيارة.

لماذا السعودية أولاً؟

اختيار السعودية كمحطة أولى للزيارة ليس صدفة. فترامب، الذي لطالما سعى لجذب أكبر قدر ممكن من الأموال الخليجية، يجد نفسه اليوم في حاجة ماسة إلى دعم مالي لتحفيز الاقتصاد الأميركي، الذي يعاني من آثار الرسوم الجمركية وخطط التقشف السابقة. وتطمح السعودية إلى عقد صفقات تسليحية مع واشنطن بالإضافة إلى الحصول على ضمانات أمنية تحصنها من المدّ الإيراني المتزايد. كما تأمل الرياض في إنهاء القضية الفلسطينية وفقًا لحل الدولتين الذي تتبناه السعودية.

قطر والإمارات: تنافس سياسي واقتصادي

من جانبها، تسعى قطر لتعزيز شراكتها مع واشنطن عبر صفقات عسكرية وتجارية، حيث يقدر حجم الاستثمارات القطرية في مجالات الذكاء الصناعي بحوالي 250 مليار دولار. تهدف الدوحة من هذه الخطوات إلى تعزيز مكانتها الإقليمية كفاعل رئيسي في المنطقة، وشريك موثوق للولايات المتحدة.
أما الإمارات، فتهدف إلى عقد استثمارات ضخمة تصل إلى 1.4 تريليون دولار في مجالات حيوية مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية خلال العقد المقبل. الإمارات تسعى كذلك للحصول على التكنولوجيا الأميركية المتقدمة، وتتنافس مع السعودية على نفوذ أكبر في العلاقة مع واشنطن.

ترامب يبحث عن صفقات وليس حروبًا

في هذه الزيارة، لا يبحث ترامب عن إغراق الولايات المتحدة في حروب جديدة بالشرق الأوسط، بل يسعى إلى تحقيق صفقات استراتيجية تضمن مصالحه الاقتصادية والسياسية، مع ضمانات أمنية لحلفائه، خاصة في الخليج. وبينما تراقب إسرائيل من بعيد، يحاول ترامب إعادة صياغة دور أميركا في الشرق الأوسط، حيث يبني سياسة تعتمد على التفاوض بدلاً من التدخل العسكري، وفي النهاية يسعى لصنع الصفقات التي تخدم مصالحه الشخصية والإستراتيجية.