بالفيديو.. أزمة إيران وهشاشة النفوذ السياسي الصيني
بالفيديو.. أزمة إيران وهشاشة النفوذ السياسي الصيني
في المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية بدا النفوذ الصيني عاجزاً عن ترجمة قوته الإقتصادية الهائلة إلى تأثير سياسي فاعل
لقد كشفت المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل عن محدودية النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من كل ما يُروَّج له عن صعود بكين كقوة عظمى منافسة لواشنطن. ففي خضم الأزمة، وفي اللحظات التي تتطلب تحركاً حاسماً، بدت الصين عاجزة عن التأثير الفعلي في مسار الأحداث، مكتفيةً بإصدار بيانات دبلوماسية دون أن تقرنها بخطوات ملموسة على الأرض.
واللافت أنّ بكين إختارت الحياد على الرغم من أنّ هذه الحرب تمسّ مصالحها الحيوية بشكل مباشر، من الجغرافيا السياسية إلى الإقتصاد. فالصين، التي تستورد نحو 90% من صادرات النفط الإيراني، وبحسب ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، إستوردت في شهر أيار 2025 وحده حوالي 1.7 مليون برميل يومياً. وبهذا، تُعد الصين أكبر داعم إقتصادي غير مباشر لإيران، لكنّها لم تستخدم أياً من أوراق الضغط التي تملكها، خشية تحمل تكلفة اقتصادية باهظة.
ولا تقتصر المخاوف الصينية على الإقتصاد فحسب، بل تمتد إلى عمق استراتيجيتها الجيوسياسية. إذ تخشى بكين من أن يؤدي أي إنهيار محتمل للنظام الإيراني إلى تصاعد الحركات الإنفصالية، خصوصاً في إقليم بلوشستان، مما يهدد بشكل مباشر ميناء «جوادر» الباكستاني، الذي يُعد أحد الأركان الأساسية لمشروعها العالمي «الحزام والطريق». كما أنّ أي توتر في مضيقي هرمز وباب المندب الاستراتيجيين يمثل تهديداً وجودياً لأمن الطاقة الصيني الذي يعتمد على إستقرار هذه الممرات
المائية.
ويزداد المشهد تعقيداً بالنظر إلى الدعم الصيني السابق للبرنامج الصاروخي الإيراني. وبدلاً من استخدام نفوذها، لم تتدخل بكين لاحتواء التصعيد، بل قامت بما هو أبعد من ذلك، حين دعت واشنطن - خصمها اللدود - إلى لعب هذا الدور.
في نهاية المطاف، تكشف هذه الأزمة بوضوح الفجوة الكبيرة بين طموحات الصين العالمية وقدرتها الحقيقية على التأثير في الساحات الدولية. فعلى الرغم من الخطاب المتصاعد عن نظام دولي ثنائي القطبية، ما زالت بكين تفتقر إلى أدوات النفوذ السياسي والعسكري الفعالة، وتُظهر تفضيلاً واضحاً لتجنّب المجازفات التي قد تعرّض مصالحها الإقتصادية للخطر.
وهنا، يطرح المشهد سؤالاً جوهرياً: هل تملك الصين حقاً مقومات القوة العظمى المتكاملة، أم أنّها لا تزال قوة إقتصادية عملاقة ولكنها حذرة سياسياً وعسكرياً؟