نهاية زعامة؟ وليد جنبلاط بين إنحسار الدور وصعود بدائل

نهاية زعامة؟ وليد جنبلاط بين إنحسار الدور وصعود بدائل

  • ١٩ آب ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

براغماتية جنبلاط السياسية نجحت على مدى السنوات، واليوم خسّرته ثقة دروز سوريا،الذين يمثلون العمق الاستراتيجي والجغرافي للطائفة.

منذ إغتيال كمال جنبلاط على يدّ النظام السوري عام 1977،حمل وليد جنبلاط راية الدروز، لا في لبنان فحسب، بل على إمتداد المنطقة. لكن المسيرة التي بدأت بالدم سرعان ما تحوّلت إلى لعبة براغماتية معقّدة، جعلت من جنبلاط زعيمًا يتقن تبديل التحالفات بمهارة، مدعومًا بثقة بيئته المطلقة.
من العداء إلى التحالف مع دمشق
رغم أنّ النظام السوري كان المسؤول عن مقتل والده، اختار وليد جنبلاط، في مراحل لاحقة، أن يكون حليفًا لدمشق. ومع مرور الزمن، أصبح أحد أبرز أذرعها السياسية في لبنان، قبل أن يستشعر ضعفها في مطلع الألفية فينقلب عليها وينضم إلى معسكر خصومها.
الصدام مع حزب الله ثم الإنحناء أمامه
بعد خروج الجيش السوري من لبنان، خاض جنبلاط مواجهة سياسية مفتوحة مع حزب الله، لكن هزيمته في أحداث 7 أيار 2008 جعلته يطوي صفحة العداء، ويلتحق بالمحور نفسه الذي قاتله. إلا أنّ ذلك الإنعطاف لم يكن أبديًا، فحين تراجعت قوة الحزب بفعل الضغوط الإقليمية والدولية، عاد جنبلاط ليقترب من ضفاف معسكر آخر، هذه المرة عبر الرئيس السوري أحمد الشرع.
المغامرة السورية وخسارة الرهان
في الحرب السورية، وجد جنبلاط نفسه أمام إمتحان صعب. اختار الإصطفاف إلى جانب النظام في مواجهة دروز سوريا، مقدّمًا حساباته السياسية على التضامن المذهبي. لكن النتيجة كانت كارثية: خسر ثقة وإسناد الدروز هناك، فانتقلت الزعامة إلى الشيخ حكمت الهجري، الذي بدوره نسج تحالفًا مع الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي لدروز فلسطين وإسرائيل. وهكذا، تقلّص نفوذ جنبلاط إلى داخل الحدود اللبنانية، بعد أن كان يُعتبر المرجعية العليا للدروز في المنطقة.
أصوات التغيير في لبنان
اليوم، ومع تراجع حضوره الخارجي وتآكل نفوذه المحلي، تعلو أصوات داخل لبنان تدعو إلى تجديد القيادة الدرزية. وحتى إنّ حالة التململ هذه وصلت إلى مشايخ الدروز، وهم ما كان يُعرف بـ«الدرع الواقي» و«شبكة الأمان» لوليد جنبلاط. فالرجل الذي كان يومًا ما الزعيم المطلق للطائفة، فقد الكثير من بريقه وصدقيته، حتى في بيئته. وفي مقابل ذلك، يزداد نفوذ الشيخ طريف العابر للحدود، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل نشهد بداية نهاية جنبلاط السياسي وزعامته التاريخية؟