بالفيديو- «لا تتركني في زمن شيخوختي»
بالفيديو- «لا تتركني في زمن شيخوختي»
«إنّ إكرام كبار السن هو شكلٌ من أشكال الحبّ، إنّه يعطي الحياة ليس فقط لمن يتمّ إكرامهم، بل أيضًا لمن يقومون بإكرامهم»
إنّهم آباء وأمهات، وأجداد وجدات، وأفراد من العائلة، أو معارف ليس لديهم أحد. صور عائلاتهم معلّقة على الحيطان، إنّما المنزل فارغ،
هذا الفراغ بات مشهد حياتهم اليومي. الكثير من كبار السن في لبنان يعيشون الوحدة كأثر دائم، قلبهم مليء بالذكريات، إنّما لا يجدون من يسمع لهم أو يشاركهم لحظات صغيرة تفرحهم.
كلّ يوم، الكثير منهم من يستيقظ على صمت البيت، على غياب أولادهم، وعلى صعوبة الحصول على أبسط الأشياء: دواء، أكل، أو حتى مياه للشرب.
خياراتهم محدودة. العديد منهم غير قادرين على دفع إيجار مناسب أو تحمّل تكاليف دور العجزة، التي أغلبها من يطلب مبالغ كبيرة وشروط معقدة لا تناسب وضعهم الصحي أو المادي، أو تستقبلهم بظروف أقلّ من الانسانية.
والنتيجة؟ بعضهم يعيش بلا مأوى لائق، وبعضهم معرّض للشارع ومضطرّ للتواجد على الطرقات بمشهد مأساوي وملموس في شوارع لبنان.
هؤلاء المسنّين ليسوا فقط محرومين من حياة كريمة، بل هم معرّضين لانتهاك يومي لكرامتهم: تجاهل المجتمع لهم، الإهمال المؤسسي، وغياب أي حماية حقيقية لحقوقهم خلق واقع مُرّ: لا رعاية صحية كافية، لا دعم اجتماعي، ولا برامج تحميهم من الفقر والعزلة.
حتّى الجمعيات والمنظمات، رغم جهودها، غير قادرة على تغطية كلّ المناطق، والدولة شبه غائبة عن تقديم حلول مستدامة أو حماية قانونية تضمن حقوقهم.
وفق أرقام وزارة الشؤون الإجتماعية، أعداد كبار السنّ الذين هم بحاجة لرعاية يومية تتجاوز مئات الآلاف، ومعظمهم بلا أي شبكة دعم. معظمهم لم يروا أحباءهم منذ أشهر، وبعضهم لا أقارب له أو أولاد، والبعض الآخر أولاده هاجروا نتيجة ظروف معروفة في البلاد، أو غير قادرين على الإعتناء بهم بسبب ضغوط الحياة، أو متجاهلين واجبتهم نحو الوالدين.
غالبية كبار السن من الطبقة الفقيرة والمتوسطة يعيشون حالة «نسيان مجتمعي»، بلا نشاطات، بلا تواصل، بلا لحظات مشتركة تعطي حياتهم معنى.
المسنون ليسوا مجرّد أرقام وإحصاءات… هم جزء من تاريخ لبنان، من ذاكرته وهويته.
هم عيون تعبت من الوحدة اليومية، تحتاج الى حضور واهتمام ليعيشوا أيّامهم المتبقية بسلام.
بينما وهم جالسون على الكراسي الباردة، أو على الرصيف تحت الشمس، عيونهم تتكلّم عن حياة ضاعت بين الإهمال والغربة، عن كرامة مسلوبة، وعن أيام باتت كلّها صمت.
خارج الجماعة مهمشون رغم إنّهم يحملون خبرة الماضي والحاضر، ما من قانون يرعاهم. هم ليسوا بحاجة الى صدقة بل الى حقوق تحفظ إحتياجاتهم وتحفظ لهم كرامتهم في آخرتهم.