بالفيديو: أورتاغوس إلى بيروت: طبول الحرب تقرع
بالفيديو: أورتاغوس إلى بيروت: طبول الحرب تقرع
الحقيقة التي تحملها أورتاغوس هذه المرة لا تحتمل التجميل: لبنان متروك أمام قدره، وإسرائيل تستعد لجولة ثانية مختلفة وأكثر عنفاً.
تتجه الأنظار الأحد المقبل إلى بيروت حيث تصل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، ترافقها القيادة الجديدة للقيادة الوسطى الأميركية. الزيارة، وفق مصدر موثوق جداً، تحمل في طياتها خبراً سيئاً: الولايات المتحدة لم تعُد قادرة على كبح إسرائيل عن شنّ حرب جديدة ضدّ لبنان. الرسالة واضحة وصريحة، لكنّها ليست مفاجِئة؛ فالجميع يدرك أنّ الجيش اللبناني لا يملك القدرة، ولا الحماسة، لنزع سلاح حزب الله، مهما أبدى رئيس الحكومة نواف سلام من شجاعة في مواقفه وقراراته.
التجربة اللبنانية خلال العقود الثلاثة الماضية تقدّم الدليل القاطع: ثلاث مواجهات بارزة وقعت بين الجيش والحزب، في 13 أيلول 1993 حين سقط تسعة شهداء، ثم في أحداث مار مخايل عام 2008، وصولاً إلى إشتباكات الطيونة عام 2021. في كل مرة، كان حزب الله يخرج منتصراً وفق شروطه، ولم يتردد في التضحية ببعض مناصريه للوصول إلى أهدافه. هذه القاعدة لم تتبدل، واليوم في عام 2025 لا يبدو أنّ شيئاً تغيّر.
أول محاولة من الجيش لمصادرة أي مستودع سلاح تابع لحزب الله لن تمرّ بسهولة. الحزب، كما جرت عادته في السابق، سيترك الأمور تصل إلى مواجهة ميدانية، ولو كلّفه ذلك سقوط ضحايا من صفوف أنصاره. الهدف من ذلك ليس الخسارة بحد ذاتها، بل إستخدام هذه الدماء كوسيلة ضغط لإظهار أنّ أي محاولة لنزع سلاحه ستفتح الباب أمام صدام داخلي واسع، ما يدفع الدولة إلى التراجع ووقف العملية بسرعة. مصدر مقرّب من الحزب قال لنا بوضوح: «في كل مرة يدخل فيها الجيش إلى منطقة يسيطر عليها الحزب، سيكون في مواجهته أهالي الشهداء. أما إذا دخل إلى موقع للحزب، فسيقف أمامه مقاتلو الحزب مباشرة».
هذا الواقع، في نظر الأميركيين والإسرائيليين، يعني أنّ مسار الداخل اللبناني مسدود. الجيش ليس متحمساً للمواجهة، والحزب يعرف جيداً كيف يفرض توازن الردع داخل الحدود. لذلك ترى إسرائيل أنّ الجولة الثانية من الحرب باتت حتمية، ليس فقط للضغط على الحزب، بل لفرض معادلة أمنية جديدة في الشمال. الخطة الإسرائيلية، كما يتسرب من دوائرها، تقضي بإنشاء منطقة عازلة بعمق ثمانية كيلومترات، تُحوَّل إلى ما يشبه «حزاماً أمنياً» يمنع أي تهديد عبر الحدود.
لكن الجولة المقبلة لن تكون كسابقاتها. هذه المرة، تتحدث التقديرات عن حملة جوية عنيفة على الضاحية الجنوبية، تستهدف البنية التحتية للحزب ومراكزه القيادية. وفي الميدان، تشير التوقعات إلى أنّ الجيش الإسرائيلي قد يتوغل حتى نهر الليطاني، وربما يتجاوز ذلك وصولاً إلى نهر الأولي، في محاولة لرسم حدود جديدة للردع ولإقامة واقع أمني يضمن السيطرة المباشرة على العمق الجنوبي.
العقبة الكبرى تكمن في المدنيين. سكان الجنوب، الذين يعيشون داخل المنطقة المفترضة، لن يتركوا منازلهم لمجرد أنّ إسرائيل قد طلبت منهم. لذا لا طريق أمام تل أبيب لتحقيق خطتها إلا عبر الحرب. فالترحيل بالقوة، كما يهمس قادة إسرائيل، هو الطريق الوحيد لفرض واقع جديد، ما يعني أنّ أي مواجهة قادمة لن تكون محدودة أو عابرة، بل قد تشكّل بداية مرحلة أشد قسوة من الصراع.
من بيروت، سيحاول المسؤولون إشاعة ما يخفف من وقع هذه الرسائل، لكن الحقيقة التي تحملها أورتاغوس هذه المرة لا تحتمل التجميل: لبنان متروك أمام قدره، وإسرائيل تستعد لجولة ثانية مختلفة وأكثر عنفاً.