حرب البيجرز: قصة السلاح الخفي الذي أشعل لبنان وأطفأ وهم النصر
حرب البيجرز: قصة السلاح الخفي الذي أشعل لبنان وأطفأ وهم النصر
البيجرز كان إعلاناً بأنّ زمن أوهام الإنتصارات قد انتهى، وأنّ الواقع لم يترك خلفه سوى خسارة كبرى.
17أيلول 2024 في بيروت ، تفجيرات البيجرز عملية عسكرية غير مألوفة، اللحظة الدموية بدت كحدث أمني لكنها كانت الشرارة التي أشعلت حرباً شاملة غيّرت مسار لبنان بالكامل.
فمشهد الدماء والدمار لم يكن مجرّد محطة جديدة في سلسلة الإنهيارات اللبنانية، والحادثة لم تكن نهاية حدث بل بداية مرحلة.
حزب الله قدّم نفسه يومها كقوة ردع وعملت الآلة الإعلامية للحزب على تصوير المواجهة التي تلت التفجير بأنّها كانت «ردّاً رادعاً» ونصراً تاريخياً على إسرائيل.
لكن بعد عام، الصورة أوضح من أي وقت مضى: ما حصل لم يكن نصراً، بل خسائر كبرى
البلاد جُرّت إلى حرب واسعة مع إسرائيل، حرب لم يخترها اللبنانيون، ولم تكن لهم فيها كلمة. لبنان إستُنزف بشرياً وإقتصادياً، آلاف العائلات دفعت الثمن، من قتلى وجرحى ونازحين، والجنوب منكوب. كل هذا مقابل وهم إنتصار سوّقه الحزب فأنهك بيئته أولاً، ولم يغيّر موازين القوى ثانياً.
حادثة البيجرز والحرب التي أعقبتها كشفت عن إختراق إستخباراتي وتقني غير مسبوق، وعن تصدّع الحزب داخلياً وعن الهوة بين الخطاب العلني وواقع الخسائر الفعلية.
لم يتمكن الحزب من فرض قواعد جديدة، واستمر تسيّد إسرائيل العسكري على الأجواء اللبنانية وتكشفت هشاشة خططه اللوجستية وقدرته على السيطرة على الحدود والمناطق الساخنة.
وبالاضافة الى تململ شعبي في المناطق التي تعتبر بيئته الحاضنة، وتصاعد شعور الخيبة والخذلان لدى جمهوره ولو لم يخرج الى العلن.
على المستوى الإقليمي، لم يُترجم ما جرى إلى مكسب لمحور إيران.
فالتفجير وما تلاه كشف أنّ لبنان ليس ورقة رابحة بيد الحزب، بل ورقة مستهلكة في صراع أكبر وأشدّ تعقيداً.
سوريا كانت مسرحاً خلفياً، غزة مشتعلة، واليمن على خط النار. وسط هذا المشهد، برز لبنان كالحلقة الأضعف والأكثر قابلية للاستخدام فصار جبهة متقدمة في لعبة رسائل إقليمية تُكتب بالنار وتُقرأ بالدم.
فالحزب لم يخرج من الحرب بمكاسب وإسرائيل تواصل عملياتها العسكرية حتى بعد إتفاق وقف إطلاق النار، مما يثبت أن الحزب خرج من هذه الحرب مراقَباً ومستنزَفاً، لا
لاعباً مقرِرَاً.
قبل يومين من الذكرى السنوية لتفجير البيجرز يبدو الواقع أكثر وضوحاً، لقد خسر
الحزب الميدان، وخسر قياداته ومقاتليه، وخسر صورته كقوة عسكرية لا تُقهر وفقد معها جزءاً من هيبته.
ومع كل خطاب يتحدث عن إنتصار، تبقى الحقيقة واضحة أمام اللبنانيين والعالم: ما جرى كان خسارة دفع لبنان ثمنها غالياً، ولم يربح منها أحد.
وبعد مرور تقريبًا عام، الدرس حاضر: ما بين تفجير وإنتصار مزعوم، تكشّفت الحقيقة البيجرز كان إعلاناً بأنّ زمن أوهام الإنتصارات قد انتهى، وأنّ الواقع لم يترك خلفه سوى خسارة كبرى.