إستئناف بيروت.. تكرّس أحقية البيطار على عويدات

إستئناف بيروت.. تكرّس أحقية البيطار على عويدات

  • ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٤

أثار طلب القاضي حبيب رزق الله، رئيس محاكم إستئناف بيروت، من المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات «تصحيح الإدعاء» بحقّ المحقّق العدلي في قضية المرفأ، غضب أهالي ضحايا إنفجار المرفأ.


وقد وقف بعض القضاة ضدّ عودة طارق البيطار الفجائية، في كانون الثاني 2023، وبعد تجاوزه العراقيل التي أحاطت بالقضية، ومتابعة عمله في مكتبه وذلك بناءً على تقدير قانوني يسمح له بمتابعة جلسات التحقيق المتوقفة منذ عام 2021 بسبب دعاوى الرّد والخصومة.. 
تمَّ رفض إجراءات البيطار بعد عودته إلى مكتبه ، بما في ذلك الإدعاء على شخصيات سياسية وقضاة وأمنيين وتحديد جلسات لإستجوابهم. وطالت الملاحقة المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ونشبت خلافات كبيرة بينه وبين البيطار، إتَّهم عويدات البيطار بجرم «إغتصاب السلطة»، معتبراً أنّ عودته إلى التحقيق خرقًا صريحاً للقانون اللبناني كما إعتبرت النيابة العامة التمييزية أنّ إجراءات البيطار غير مشروعة، بسبب «تجاوز الصلاحيات». 
توسّع الإشكال القضائي وتدخّل مجلس القضاء الأعلى بصفته الهيئة المسؤولة عن حلّ هذه الأزمة، وعيّن القاضي حبيب رزق الله للنظر في الدعوى ضدّ البيطار وإستجوابه، وبعد مرور أشهر طويلة على هذا التعيين، طلب تصحيح بعض المواد القانونية التي إستخدمها عويدات في الإدعاء ضدّ البيطار.
أدى هذا الإجراء إلى شكوك وتوتر   ونقاش طويل بين أهالي الضحايا حول نوايا رزق الله في هذا الوقت تحديداً، أي قبل إحالة عويدات إلى التقاعد بأسابيع قليلة. قدّم  عويدات إعتراضاً على هذا الطلب واستأنفه وفقاً للمادة 64 من قانون أصول المحاكمات الجزائية جاء فيه«ليس لقاضي التحقيق أن يقرّر إبطال إدعاء النيابة العامة الإستئنافية إذا وجد فيها عيباً من شأنه أن يجعل وضع يده على الدعوى غير صحيح، غير أنّ له أن يقرّر الإمتناع عن التحقيق لعلة هذا العيب، وعلى النائب العام، إذ لم يُصحح العيب، أن يستأنف قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الإتهامية». 
ودخل الملف في تعقيدات جديدة وطويلة، فالهيئة الإتهامية غير موجودة، ولا أعضاء فيها، والقضاة على علم بذلك، لأنّ مجلس القضاء الأعلى فشل لأشهرٍ طويلة في تشكيل هذه الهيئة لتدّلي برأيها الحاسم في قرار رزق الله بعد إستجواب البيطار، بسبب الخلافات القضائية المتفجّرة بين أعضاء مجلس القضاء الأعلى حول أسماء أعضاء الهيئة الإتهامية. وتقول مصادر متابعة «أنّ هذا التطوّر طوّق الملف مرة أخرى، ووضع الرئيس الأول لمجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في موقف محرجٍ لعدم تمكّنه من تشكيل هيئة إتهامية». 
وجاء في بيان أهالي ضحايا المرفأ أنّ «القاضي حبيب رزق الله سكت دهراً ونطق كفراً» وأنّه بعد أشهر من الإنتظار والمماطلة للبت بالمسار العالق بين مدّعي عام التمييز غسان عويدات والمحقّق العدّلي في ملف إنفجار المرفأ طارق البيطار، «فاجأنا رزق الله بطلبه من عويدات تصحيح الإدعاء وهو أمرٌ مستغرب ومستهجن حيث كان بإمكانه طلب ذلك منذ الأسبوع الأول للدعوى». وجاء إعتراضهم على إكتفاء رزق الله بهذا القرار بعد أن إنتظر الأهالي لفترة طويلة «إنتظرناه كأهالي الشهداء بفارغ الصبر ليتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسار هذه القضية الوطنية و الإنسانية الّتي لا نزال نعاني آلامها منذ أربع سنوات ليخرج علينا بإجراء سيدخل قضيتنا في مزيد من التعقيد والمهاترات السياسية و القضائية فهو أمرٌ مستنكر و مرفوض و يؤكّد لنا مرّة أخرى  أنّنا نعيش  في مزرعة العصابات السياسية و القضائية معاً ولا هدف لديها سوى المماطلة و التمييز وصولاً للطمس والتضييع وهو ما لن نسمح بحصوله ابداً».
هذا التحرّك المباغت كان من شأنه تحريك القضية وضبط العراقيل ووضعها في مسارها الصحيح، من خلال تطبيق القانون على البيطار فقط، إلّا أنّ رزق الله يتعمّد إرضاء النيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى، لذلك إكتفى بالحصول على توضيحات حول المواد القانونية الموجودة في الإدعاء.
تؤكّد مصادر قضائية أنّ الإستئناف سيمنع رزق الله من إستجواب البيطار حتى تشكيل هيئة إتهامية جديدة، وعويدات نجح في تجميد القضية ورميها بعيداً عنه لفترة طويلة، في المقابل، هناك مصادر قضائية أخرى ترى أنّ الإستئناف لا يعرقل جلسة إستجواب البيطار، ومهمة رزق الله تطبيق القانون فقط وإستجواب البيطار ومنع تسييس القضية.
جلسة إستجواب البيطار قد تؤكّد «إغتصابه للسلطة» عندها تجوز معاقبته على تجاوز صلاحياته، أو قد تؤكّد «قانونية إجتهاده»، فيتوجب حيتئذٍ على القاضي رزق الله السماح للبيطار بالعودة إلى ملف التحقيقات وإستكمال قراره الإتهامي، والإعلان عن أسماء المتورطين في قضية المرفأ وملاحقتهم وزجّهم خلف قضبان السجن.