جدل متصاعد حول إسم قاضي التحقيق الأول في بيروت
جدل متصاعد حول إسم قاضي التحقيق الأول في بيروت
يستمرّ الجدل والخلافات القضائية في دائرة تحقيق بيروت بشأن منصب قاضي التحقيق الأول، بعد تقاعد القاضي شربل أبو سمرا في 9 تشرين الثاني 2023.
بعد تقاعد القاضي شربل أبو سمرا، قام الرئيس الأول لمحاكم إستئناف بيروت، القاضي حبيب رزق الله، بتكليف القاضي وائل صادق لشغل منصب قاضي التحقيق الأول في بيروت. وقد أثار هذا القرار جدلاً وخلافات بين قضاة التحقيق في الدائرة، حيث رفضوا القرار وقدموا عريضة إلى القاضي رزق الله، وقّع عليها أربعة قضاة (فؤاد مراد، فريد عجيب، بلال حلاوي، روني شحادة). في العريضة، أكّد القضاة رفضهم تلقّي أي ملفات من القاضي وائل صادق وعدم إستمرارهم في عملهم في الدائرة. بحجة أنّه كان من المفترض أن تكون آلية التكليف المعتمدة من قبل القاضي رزق الله مختلفة، وإعتبر القضاة أنّ القاضي رزق الله تجاوز سلطته في هذا التكليف بتجاهله أربع قضاة أعلى درجة قضائية من القاضي صادق. وكان من المتوقع أن يتمّ تكليف القاضي فؤاد مراد الذي يعتبر أعلى درجة بين جميع القضاة في الدائرة.
نتيجة هذا الجدل ، وحرصاً على إستمرارية العمل داخل دائرة التحقيق، قدّم القاضي وائل صادق إعتذاره ورفض تولّي منصب قاضي التحقيق الأول. وإستُبدل بالقاضي بلال حلاوي، الذي وقّع على العريضة التي رفضت تكليف القاضي صادق. وافق القاضي حلاوي على تولّي المنصب بعدما تمّ تكليفه من قبل القاضي رزق الله. تجدر الإشارة إلى أنّ القاضي فؤاد مراد، الأعلى درجة في الدائرة، كان يقود الإعتراض داخل دائرة التحقيق وطالب بتطبيق الدستور وتكليفه بعد تقاعد القاضي شربل أبو سمرا.
. بعد إعتراض القضاة، قرّر القاضي حبيب رزق الله إستشارة القاضي فؤاد بيرم للحصول على رأي قانوني. وفي المطالعة القانونية، إستند القاضي رزق الله إلى المادة 36 من القضاء العدلي التي تحدّد معيار تعيين رئيس الدائرة القضائية، وعرض المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنصّ على أنّ قاضي التحقيق الذي تحّولت إليه الدعوى ليس له الحقّ في الإمتناع عن التحقيق فيها. وكان ذلك ردًا على إعلان قضاة التحقيق داخل الدائرة رفضهم لإستلام الدعاوى.
بالمقابل، قدم القاضي فؤاد مراد شكوى أمام التفتيش القضائي لوقف تنفيذ قرار التكليف، بسبب إعتباره أنّ هذا التكليف يتعارض مع الدستور، وأنّ القاضي حبيب رزق الله خالف الدستور مرتين عند تعيينه القاضي وائل صادق ومن ثم القاضي بلال حلاوي.
بعد شهرين من تقديم الشكوى، ردّ مجلس شورى الدولة على طلب وقف تنفيذ قرار تكليف القاضي بلال حلاوي بمهام قاضي تحقيق أول بالإنابة في بيروت بعد تقاعد القاضي شربل أبو سمرا. أكد مجلس شورى الدولة أنّ شروط وقف التنفيذ لم تتحقّق، وأشار إلى أنّ الطعن المقدّم في تشرين الثاني تم قبوله بالشكل، ولكن القاضي المكلّف هو الأعلى درجة بين القضاة الأصيلين، في حين أنّ القاضي فؤاد مراد (المستدعي) هو قاضي التحقيق بالإنابة.
صدر قرار من مجلس الشورى بالإبقاء على القاضي بلال حلاوي في منصب قاضي تحقيق أول في بيروت، ومن المتوقع أن تستمر الخلافات داخل دائرة التحقيق بعد هذا القرار. يعتبر هذا المنصب من المناصب الحساسة، حيث سبق للقاضي شربل أبو سمرا أن تولّى التحقيق في قضايا مهمة مثل قضية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وآخرين. ومن المتوقع أن يتولّى القاضي بلال حلاوي متابعة بعض هذه القضايا الحساسة، بما في ذلك قضية سلامة بعد أن تمت إعادة الملف العالق في الهيئة الاتهامية إلى دائرة التحقيق. وفي هذا السياق، سيستكمل حلاوي ما بدأه القاضي شربل أبو سمرا في متابعة التحقيقات وجلسات الاستجواب والتنسيق والتعاون مع الوفود الأوروبية في حال وصول إستنابات قضائية من البلدان الأخرى إلى لبنان.
وتجدّر الإشارة إلى أنّ المشكلة الأساسية تكمن في عدم تعيين قضاة أصيلين في المناصب الشاغرة، ومن المتوقع أن يتسبّب شغور في منصب المدعي العام التمييزي في 21 شباط المقبل في تجدّد الخلافات القضائية. لم يتمّ تحديد الآلية المعتمدة لتعيين خلف للقاضي عويدات بعد التقاعد، ولا يزال غير واضح ما إذا كان المنصب سيبقى شاغرًا أم سيتدخل مجلس القضاء الأعلى في اللحظة الأخيرة. يجب الإشارة إلى أنّ هذا المنصب يعتبر من أهم مناصب الطائفة السنية في لبنان، حيث يتمتع المدّعي العام التمييزي بسلطات واسعة ويشغل مناصب رئيس النيابات العامة ورئيس الضابطة العدلية.