مجتمع بيتكوين.. مع أسانج ضدّ السلطات ورقابتها

مجتمع بيتكوين.. مع أسانج ضدّ السلطات ورقابتها

  • ٠٢ تموز ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

لم تكن رحلة جوليان أسانج إلى الحرية سهلة. بعد 5 سنوات في السجن، وبعد معركة قانونية استمرت 14 عاماً، انتهى النزاع عندما وافق أسانج على صفقة مع السلطات الأمريكية، واعترف بالذنب مقابل تجنّب تسليمه إلى الولايات المتحدة.

لم تكن رحلة جوليان أسانج إلى الحرية سهلة. بعد 5 سنوات في السجن، وبعد معركة قانونية استمرت 14 عاماً، انتهى النزاع عندما وافق أسانج على صفقة مع السلطات الأمريكية، واعترف بالذنب مقابل تجنّب تسليمه إلى الولايات المتحدة وحصوله على رصيد فترة سجنه في المملكة المتحدة، مما أدى في النهاية إلى إطلاق سراحه، وعودته إلى بلده استراليا.

يواجه أسانج عقبات مالية، فهو بحاجة إلى 520 ألف دولار أميركي، لتغطية نفقات السفر ودعم تعافيه بعد محنته الشاقة. فلم تقبل أي شركة طيران تجارية أسانج كراكب، لذلك استخدم طائرة خاصة للعودة إلى أستراليا. لذلك طلبت زوجة أسانج، ستيلا، تبرعًا طارئًا لتغطية تكلفة الطائرة. وبعد بضع ساعات، سمح تبرع بيتكوين لأسانج بالهبوط في أستراليا دون ديون.

من هنا دعا داعمو أسانج إلى التبرّع له على موقع crowfunder، حيث دفعت مبالغ عبر بطاقات الإئتمان/الخصم والمدفوعات البنكية، فيما تساءل آخرون عن إمكانية الدفع عبر بيتكوين. فأنشأ شقيق أسانج، غابرييل، منصةBTCPay POS  التي سمحت بتوليد فواتير على السلسلة وعلى شبكة Lightning  لحملة أسانج، حيث جمع حتى اليوم نحو 487 الف دولار.

أعادت هذه الخطوة الحديث عن بيتكوين كحركة إعتراضية ضدّ النظام المصرفي العالميّ. فالتحويلات تجري دون وسيط ثالث، ولا تخضع لرقابة المصارف المركزية وصناديق الاستثمار المتداولة. 

ففي أحد الأمثلة على المواجهة بين المصارف والمواطنين، جمد بنك HSBC في هونغ كونغ، حسابات معتقلين شاركوا في تظاهرات عام 2019، ضد مشروع قانون الذي يسمح للحكومة بتسليم مطلوبين للمحاكمة في الصين. وبعد خروجهم من السجن، وجدوا صعوبة في إعادة فتح حسابات في مصارف أخرى، فيما رفضت بعض البنوك فتح حسابات جديدة دون تقديم أسباب. وترتبط هذه القضية بممارسات البنوك في مراجعة الحسابات وإغلاقها دون تقديم تفسيرات واضحة.

وواجه المحتجون إتهامات باستخدام حساباتهم لدعم قضيتهم، فكان بيتكوين هو البديل بالنسبة لهم، ولجأؤوا إلى العمولة المشفرة لتجاوز القيود المالية والبنكية. ويمكن أن تساعد العملات الرقمية في تحقيق إستقلال مالي للأفراد الذين يواجهون صعوبات في الوصول إلى الخدمات المالية التقليدية، فاستخدموا BTCPay لقبول تبرعات بيتكوين.

وكان من المتوقع أن تلجأ عائلة أسانج إلى بيتكوين، خاصة مع وجود أقاويل عن علاقة تربط أسانج بمؤسس العملة العروف بـ «ساتوشي ناكاموتو»، ففي عام 2010، بعد أن بدأت ويكيليكس بقبول التبرعات ببيتكوين، عبّر ناكاموتو عن قلقه من تسليط الضوء على علاقة بيتكوين بويكيليكس، مما قد يجذب الإنتباه غير المرغوب به من السلطات، ويعرقل تطوّر العملة. وفي منتدى بيتكوين، كتب ناكاموتو: «كنت أتمنى أن يتجنّب ويكيليكس استخدام بيتكوين. نحن في بداية ناشئة صغيرة، ولسنا جاهزين بعد».

في المقابل بعد أن فرضت شركات مثل «فيزا» و«ماستر كارد» و«باي بال» حظراً على التبرعات لويكيليكس، لجأ الموقع إلى بيتكوين كوسيلة للتمويل. ودعم أسانج لبيتكوين، واستخدامه لها في ويكيليكس، معزّزاً من مكانة العملة الرقمية، وساهم في إنتشارها.

وساعدت بيتكوين في توفير التمويل لويكيليكس في وقت حرج، مما سمح لها بالإستمرار في عملها. من جهته أعرب أسانج عن إمتنانه لبيتكوين ودورها في تمويل ويكيليكس. وفي عدة مناسبات، شكر أسانج المجتمع الداعم لبيتكوين، مشيراً إلى أنّ العملة الرقمية ساعدت ويكيليكس على تحقيق أرباح كبيرة بفضل زيادة قيمتها على مرّ السنين. ففي عام 2017، شكر أسانج الحكومة الأمريكية على «إجبارها» ويكيليكس على استخدام بيتكوين، مما أدى إلى زيادة قيمة العملة بشكل كبير. في تغريدة له على تويتر، قال أسانج إنّ بيتكوين ساعدت ويكيليكس على تحقيق أرباح هائلة بفضل الزيادة الكبيرة في قيمة العملة الرقمية على مرّ السنين.

وعلى الرغم عدم وجود علاقة مباشرة وواضحة بين جوليان أسانج ومؤسس بيتكوين ساتوشي ناكاموتو، إلا أنّ العلاقة غير المباشرة بينهما من خلال تأثير بيتكوين على ويكيليكس، وتأثير ويكيليكس على تبنّي بيتكوين، تعكس تداخل مصالحهما في سياق الحريّة المالية ومقاومة الرقابة.

كما استخدمت أسرته أيضًا تقنيات ذكية مثل نقش سجلات الحرب لويكيليكس في سلسلة بيتكوين للحفاظ على إرثه. والآن بعد خروج أسانج من السجن، قد يستمر هذا الإرث من التفاعل مع بيتكوين. ويمكن الآن للبيتكوينيرز دعم جوليان وأسرته عن طريق التبرع إلى BTCPay. وقد تبرّع أحدهم بـ 8 بيتكوين (بقيمة حوالي 500 ألف دولار أمريكي).

يدعم مجتمع بيتكوين ويكيليكس ومؤسسها بقوة لأنّهما يشتركان في أهداف مماثلة، وكلاهما يمثلان خطراً على النظام السلطوي، إذ تمكنت ويكيليكس من تبادل المعلومات بحرية، بينما تسمح بيتكوين بتبادل القيم بحرية أكبر، وعليه يقاتل كل من ويكيليكس وبيتكوين ضد الرقابة.